يسهم انتشار الشكاوى في شأن عدم توفر فحوص فيروس كورونا للأشخاص الذين يحتاجون إليها، أو في توفيرها لبعض الحالات بشرط أن يكون المعنيون بالأمر مستعدين للتنقل آلاف الأميال، في تآكل الثقة في نظام فحص وتتبع الأشخاص، الذي أطلقته الحكومة البريطانية.
في هذا السياق، وبعد أن كان وزير الصحة البريطاني مات هانكوك يحث منذ بضعة أشهر أي شخص يشك في إصابته على إجراء الفحص، نراه اليوم يعتبر أن الارتفاع المفاجئ في الطلب على الفحوص هو السبب الرئيس للمشكلات، وقد تستغرق معالجتها أسابيع.
واقترح وزير الصحة أن تُمنح الأولوية لفحوص العاملين الأساسيين في المرافق الحيوية، والأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية. جاء ذلك عقب تقارير أوردت عدم تمكن الأطباء والممرضات من مباشرة عملهم لغياب الفحوص، مما يؤدي إلى تأجيل علاجات المرضى.
والسؤال الذي يطرحه عدد من الأشخاص اليوم هو، "لماذا أصبحت الاختبارات المركزية التي تجرى في مختبرات لايت هاوس الوطنية تعاني من الإخفاقات في الوقت الحالي، خصوصاً مع توقع ازدياد الطلب منذ أشهر؟
للحصول على إجابة، لابد من العودة إلى القرارات التي اتخذت مطلع الأزمة، واختيار (الحكومة) إجراء اختبارات في ثلاث مختبرات تابعة لـ "لايت هاوس" Lighthouse labs مركزية، بدلا من زيادة قدرات مختبرات هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) (القائمة أصلا) والمختبرات الصغيرة في الجامعات والشركات (المخبرية) الخاصة الأخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تكمن المشكلة الأولى في التوظيف، وإنشاء مختبرات جديدة بالكامل (قادرة على) للتعامل مع عشرات آلاف العينات يومياً، وقد استفادت مختبرات "لايت هاوس" (بداية) بشكل أساسي من خبرة عدد من طواقم عمل الجامعات وتقنيي المختبرات، الذين لم يكن لديهم الكثير من العمل خلال فترة الإقفال التام (الحجر).
فأرسى هؤلاء المختبرات وأسس العمليات الضرورية لإجراء الفحوص، وتمكنت هذه السعة الإضافية من توفير مزيد من الاختبارات بشكل ملحوظ تزيد عن القدرة العادية لإجراء 5 آلاف يومياً التي كانت المملكة المتحدة مجهزة لإجرائها في شهر مارس (آذار).
ولكن خلال الصيف، عاد كثير من الخبراء إلى جامعاتهم، واضطرت مختبرات "لايت هاوس" Lighthouse إلى توظيف طاقم عمل كان أفراده في بعض الحالات يقضون كامل ساعات عملهم في فتح آلاف أكياس العينات فقط.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أقرت الحكومة بأن مشكلة الحصول على اليد العاملة مسألة طارئة. وفي هذا الإطار، راسل رئيس الحكومة، بوريس جونسون، عشرات الجامعات طالباً "الدعم الطارئ" في عملية الاختبار، وقال إن "إحدى أبرز تحديات زيادة القدرة تكمن في الحاجة إلى اليد العاملة الكفوءة".
وذهب رئيس الوزراء أبعد من ذلك بالطلب من الجامعات إن كان بوسعها، للمرة الثانية، تحرير طاقم العمل المتمرس الذي عمل سابقاً في تلك المختبرات المركزية (لايت هاوس التي اسستها الحكومة) ليعود إليها مجدداً.
كما أشارت رسالة جونسون إلى أن مختبرات "لايت هاوس" الخمسة الواقعة في ميلتون كينز ومانشستر وغلاسكو ونيوبورت وكامبريدج تحتاج إلى 400 طالب وتقني (لتشغيلها). وعبر رئيس الوزراء كذلك عن أمله في توقيع هؤلاء عقود تتراوح ما بين ستة أشهر و 12 شهراً مع أي متقدم جديد للعمل.
أما المشكلة الأساسية الأخرى التي تعاني منها المختبرات المركزية، فتتمثل في الجانب اللوجستي لنقل أعداد هائلة من عينات الفحوص من أنحاء البلاد. وقد واجهت المختبرات في هذا الإطار مشكلات جمة تتعلق بعينات مكسورة وأخرى تالفة، فضلاً عن الفحوص التي يجب إرسالها إلى مختبرات أخرى.
يستغرق كل ذلك وقتاً، ويشكل إحدى أسباب استغراق بعض الفحوص، مثل عدة الفحص المنزلية، ثلاثة أيام أو أكثر لاستكمالها (وإصدار النتيجة للمريض).
يُشار إلى أن مختبرات هيئة الخدمة الصحية الوطنية NHS لاختبار فيروس كورونا، والمختبرات الفرعية الأخرى المنضوية تحت مظلة هذه المنظومة، قدمت أداء أفضل مع أوقات تسليم أسرع، ورقابة محلية وتقارير أفضل.
وفي بعض الحالات، تخلت بعض المستشفيات والمجالس المحلية بهدوء عن مختبرات "لايت هاوس"، وتولت بنفسها القيام بفحص طواقم عملها ومرضاها وساكني دور الرعاية.
بيد أن ذلك لن يكون ممكناً في جميع الأماكن، ذلك أن سيئي الحظ الذين يتحتم عليهم الانتظار في الطوابير، قد تبلغ عزلتهم الذاتية خواتيمها قبل تمكنهم من إجراء الفحص.
© The Independent