بعد تصريحات السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان، بأنّ إدارة الرئيس دونالد ترمب تفكر في استبدال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس بالقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، حرّكت حماس ملف الانتخابات الفلسطينية، استناداً إلى التوافق السياسي الفصائلي الذي اتفق عليه الأمناء العامون في اجتماع الثالث من سبتمبر (أيلول) الجاري.
وعلمت "اندبندنت عربية" أنّ الحركة بعثت برسالة إلى القيادة الفلسطينية تطالب فيها عبّاس بإصدار مرسوم رئاسي يحدّد موعد الانتخابات الشاملة (تشريعية، رئاسية، مجلس وطني) في الأراضي الفلسطينية، على أنّ تكون قبل نهاية العام الحالي، بعد التوافق السياسي بين الفصائل.
قبل نهاية العام
في المقابل، ترى حماس أنّ الذهاب إلى الانتخابات الشاملة يقطع الطريق على المخططات الأميركية التي ترمي إلى إعادة هيكلة القيادة الفلسطينية، بخاصة أنّ الذهاب إلى صناديق الاقتراع مطلب ضروري لإنهاء حقبة الانقسام مع حركة فتح، وتوحيد الجهود السياسية تحت قرارٍ رسمي.
ويقول نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري "من الضروري الوصول إلى تفاهم وطني شامل قبل نهاية العام، بإجراء الانتخابات لجميع المؤسسات الفلسطينية، والتقدم في المسارات كافة وإنهاء الانقسام وإعادة بناء منظمة التحرير.
حماس ترفض التدخلات في الشؤون الفلسطينية
وبحسب القيادي في حركة حماس حسن يوسف فإنّ الانتخابات، أمام الشعب الفلسطيني الذي يختار بنفسه من يديره ويمثله بناءً على المصلحة العامة التي تحقق للفلسطينيين تقدماً في القضية، لافتاً إلى أنّهم يرفضون التدخلات الخارجية في الشؤون الفلسطينية. (في إشارة إلى تصريحات فريدمان)
ويقول حازم قاسم الناطق باسم حركة حماس إنّ الانتخابات قد تكون مدخلاً لحل جميع أزمات الفلسطينيين بخاصة قطاع غزّة، وتنهي الانقسام، وهي ضرورة ملحّة للفترة الحالية، لذلك على عبّاس إصدار مرسوم رئاسي يحدد موعدً لإجراء انتخابات فلسطينية شاملة.
وبحسب قاسم فإنّ الانتخابات يجب أن تضمن ترتيب البيت الفلسطيني، وإصلاح منظمة التحرير، لتكون شاملة جميع أطياف الشعب، لتبقى ممثلاً شرعياً أمام العالم، وتستطيع الدفاع عن الفلسطينيين في المحافل الدولية والرسمية، موضحاً أنّه لا يوجد ما يعيق عبّاس عن إقرارها بخاصة في ظلّ التوافق الوطني بين جميع الفصائل.
فصائل منظمة التحرير تدفع باتجاه انتخابات
وليست حماس وحدها التي ترى أنّ الانتخابات قد توقف المخططات الأميركية، بل أيضاً تعتقد فصائل منظمة التحرير بأنّ صناديق الاقتراع تعد أفضل حلٍ للأزمة السياسية التي تمر فيها القضية الفلسطينية، والتي تحتاج إلى إدارة جديدة بخطط سياسية مناهضة للتفكير الأميركي.
وبحسب الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي فإنّ حوارات سريعة تجري بين فصائل منظمة التحرير، حول إجراء انتخابات شاملة تزامنية قبل نهاية العام الحالي في إطار التوافق الوطني للخروج من الأزمة السياسية الحالية.
ويشير البرغوثي إلى أنّه في حال عدم الاتفاق على هذه الخطوة، فإنّ التوجّه سيكون لإجراء انتخابات متتالية تبدأ بالتشريعية، ومن ثمّ الرئاسية، وبعدها اختيار المجلس الوطني (يعد الهيئة التمثيلية العليا للفلسطينيين في الداخل والخارج وأراضي 48).
انتخابات إلكترونية لضمان مشاركة سكان القدس
وبحسب المعلومات الواردة إلى "اندبندنت عربية" فإنّ ثمّة توجهاً فصائلياً لإجراء انتخابات إلكترونية لتكون أحد الحلول لمعارضة إسرائيل مشاركة المقدسيين في الانتخابات المنوي الذهاب إليها.
يؤكّد المتحدث باسم حماس حازم قاسم أنّه لا يمكن الذهاب لانتخابات من دون القدس التي تعد مشاركتهم أساسية في اختيار القيادة الفلسطينية، وصوتهم مهماً في العملية السياسية بخاصة في المرحلة الراهنة.
وفي العام 2019 طرح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس فكرة الانتخابات من على منصة الأمم المتحدة، واعتبرها أفضل خطوة لإنهاء الانقسام الداخلي، لتجاوز المرحلة السياسية التي تمر فيها قضية فلسطين، وبالفعل جرى تواصل بين السلطة الفلسطينية وحماس حول الانتخابات، لكنها أدت إلى طريق مسدود بسبب تعنت إسرائيل في رفض مشاركة المقدسيين فيها، الأمر الذي أوقف الفكرة كلياً.
وحينها أعطى عبّاس تعليمات لرئيس لجنة الانتخابات حنا ناصر بالذهاب إلى قطاع غزّة لمعرفة موقف حماس، فالتقى الأخير رئيس المكتب السياسي لها إسماعيل هنية، الذي قال "أرسلنا لعبّاس رداً مكتوباً إيجابياً حول موقفنا من الانتخابات وأنّنا سنبذل جهدنا في تذليل العقبات أمام هذه الخطوة التي تعد ضرورية جداً، من أجل الخروج من المأزق السياسي، وتكوين نظام فلسطيني قائم على الشراكة".
حماس ستشارك في الانتخابات
وحول مشاركة حماس في الانتخابات المقبلة وبخاصة الرئاسية، يقول الكاتب والمراقب للشؤون الفلسطينية هاني العقاد إنّ حماس منذ فترة تسوّق نفسها على مستوى إستراتيجي إقليمي ودولي وداخلي، ولعل قبولها توحيد الموقف مع فتح والدخول إلى البيت الفلسطيني، يؤسس إلى مرحلة تكون فيها داخل هذا البيت بكل مكوناته ومجالسه ومؤسساته، من دون أن تضطر لتغيير كبير في إستراتيجية العلاقة مع إسرائيل، أعتقد أن الكثير من ثوابت الحركة تغيرت منذ فترة، ولا يستبعد أن تتغير الثوابت الأخرى لتدخل حماس الانتخابات الرئاسية".
ويرى العقاد في حديث إلى "اندبندنت عربية"، أنّ تجربة حماس الانتخابية في المجلس التشريعي ومجالس البلديات، تؤدي بها إلى ضرورة المشاركة في كل العملية الانتخابية، لافتاً إلى أن المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي وإصرارها على إعادة بناء المنظمة التحرير، يدعوان بالضرورة إلى المشاركة بالانتخابات المقبلة حال إجرائها.