تحول قرار إغلاق المساجد في الأردن، إلى عنوان لأحدث سجال بين الحكومة والإسلاميين، وتصدر أنصار جماعة الإخوان المسلمين في الأردن حملة شرسة للمطالبة بإعادة فتح المساجد في المملكة، التي أعيد إغلاقها مدة 14 يوماً، بعد تطور الحالة الوبائية في البلاد، وتسجيل انتكاسة كبيرة في عدد الإصابات اليومية بفيروس كورونا المستجد منذ السابع من شهر أغسطس (آب) الماضي.
ووجهت مئات التغريدات والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي اتهامات قاسية للحكومة ولوزير الأوقاف الأردني، وحملته مسؤولية القرار، وذهب البعض بعيداً إلى حد اتهام السلطات بتعطيل فريضة الصلاة، بينما تحدث آخرون عن ضغوط مفترضة من دول عربية.
وسبق أن أغلق الأردن المساجد وبقية دور العبادة بسبب كورونا حوالي شهرين ونصف الشهر، قبل أن يقرر إعادة فتحها في الخامس من يونيو(حزيران) الماضي، وسجل الأردن الأحد 239 إصابة جديدة بفيروس كورونا، ليصبح العدد التراكمي للحالات التي أدخلت إلى المستشفيات 4779 حالة، منذ بدء الجائحة.
صلوا في بيوتكم
وعادت عبارة "صلوا في بيوتكم" لتتردد مجدداً عبر مكبرات الصوت في المساجد، في وقت أشعل فيه ناشطون مواقع التواصل الاجتماعي بوسومات #لا_لإغلاق_المساجد، و#افتحوا_المساجد، معتبرين أن القرار سياسي وغير مبرر، خصوصاً مع استمرار فتح قطاعات أخرى.
ويرى هؤلاء أن المساجد لم تسجل أي حالة كورونا حتى الآن، وأن إغلاقها يتناقض مع مبررات الحكومة الصحية. في المقابل، رأى آخرون أن هناك من يستغل العاطفة الدينية لدى الأردنيين لتحقيق مصالح حزبية وانتخابية وفردية، محذرين من إشعال فتنة في المجتمع الأردني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وزير الأوقاف يرد
من جهته، رد وزير الأوقاف الأردني محمد الخلايلة، على الاتهامات التي طالته بالقول "أتحمل المسؤولية أمام الله عز وجل، وللذين يقولون لي إن التاريخ سيكتب، أقول، أتشرف أن يكتب التاريخ أن محمد الخلايلة أغلق المساجد حتى لا ينتشر الوباء بين الناس"، وأكد الخلايلة أن وزارة الأوقاف تلتزم كل ما يصدر عن الجهات الطبية والصحية حفاظاً على أرواح الناس، مضيفاً "هل يعقل أن بلداً مثل الأردن سيحارب الدين ويغلق المساجد بهذه الطريقة"؟.
وأشار الوزير الأردني، إلى أن دولاً عدة أغلقت المساجد احتياطاً لمنع انتشار كورونا، داعياً أصحاب نظرية المؤامرة إلى الاطلاع على فتوى مجمع الفقه الإسلامي، الذي أفتى بالتزام ما يصدر عن المرجعيات الصحية والأخذ بتوصياتها بأمر إغلاق المساجد.
وأكد الخلايلة أن المساجد في الأردن، سجلت خمس إصابات بين العاملين فيها، واستشهد وزير الأوقاف الأردني بحوادث تاريخية كقصة طاعون دمشق، قائلاً إن الناس حينها اجتمعوا في المساجد وتوجهوا لله بالدعاء ما دفع انتشار العدوى بينهم، ومات أكثر من نصف أهل دمشق، كما أن المساجد أغلقت في الأندلس عند وقوع الطاعون الكبير.
الإخوان ينتقدون
لكن جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، انتقدت القرار الحكومي بإغلاق المساجد، ووصفت الإجراءات الرسمية لمواجهة كورونا بالمتخبطة والمرتجلة، واعتبرت أن الحكومة تحاول استغلال الجائحة العالمية لخنق الحريات ومن بينها حرية العبادة في المساجد.
واحتجت الجماعة في بيان صدر عنها بما سمته حالة الالتزام الكبير بالإجراءات الصحية في المساجد، مقابل السماح للأندية الرياضية والمسابح وغيرها من قطاعات "الترفيه" بمواصلة عملها.
ورأى مراقبون أن الإخوان يستغلون هذا الملف لأغراض شعبية وانتخابية، ولأهداف حزبية تتمثل بمحاولة الضغط على الحكومة للتراجع عن قرار قضائي بحل الجماعة، واعتبارها غير قانونية قبل حوالي شهرين.
وترد الحكومة بالمقابل على الاتهامات الإخوانية، بأن قرار وقف الصلوات شمل المساجد والكنائس، وأنه جاء كنتيجة حتمية بعدما تفشى كورونا في المملكة، وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية أمجد العضايلة، إن أمر الإغلاق لا يقتصر على المساجد، وشمل أيضاً تعليق دوام طلبة المدارس الحكومية والخاصة، كما تقرر إغلاق جميع الأسواق الشعبية والمقاهي والمطاعم بمختلف أنواعها في جميع محافظات المملكة.
تصعيد وتوتر
وسط هذه الأجواء، يبدو أن العلاقة المتوترة بين الحكومة الأردنية وجماعة الإخوان المسلمين ذاهبة باتجاه مزيد من التصعيد، وذلك بعد توقيف قيادي إخواني بتهمة إطالة اللسان وتحقير رئيس دولة شقيقة.
ورفضت السلطات الأردنية إطلاق سراح القيادي في جماعة الإخوان ومسؤول ملف الانتخابات البرلمانية المقبلة في حزب جبهة العمل الإسلامي بادي رفايعة، وقالت مصادر إخوانية إن التهمة الأساسية التي وجهت إليه تتعلق بالإساءة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على وسائل التواصل الاجتماعي، وسبق للقضاء الأردني أن أصدر حكماً بالسجن لسنة ونصف السنة عام 2015 بحق نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين آنذاك زكي بني ارشيد، بتهمة تعكير صفو العلاقات مع الإمارات.
ويأتي ذلك قبل ساعات فقط من قرار حاسم لجماعة الإخوان المسلمين حول مشاركتها أو مقاطعتها الانتخابات البرلمانية المقبلة في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.