أظهرت دراسة حديثة عن لقاحات كورونا المُنتظرة ومواقف الناس منها، أن نسبة من يميلون إلى رفض تلقّي اللقاح في بريطانيا حينما سيُقر، يبلغ 1 من أصل كل 5 أشخاص. في السياق عينه، أشارت الدراسة إلى مستويات "مُقلقة" من مظاهر انعدام الثقة والمعلومات المضللة المنتشرة بين الناس. ويفصحُ الاستطلاع الرئيس الذي استندت إليه الدراسة عن حجم المهمّة الملقاة على عاتق الحكومة حاضراً في إقناع الرأي العام البريطاني بالدور الأساسي الذي قد يؤديه اللقاح العتيد في القضاء على الفيروس.
وفي سياق تلك الدراسة، استطلع باحثو "الكلية الجامعية في لندن" University College London، آراء ما يزيد على 17500 شخص بالغ، أفاد ثلاثة أرباعهم (78 في المئة) بأنّهم "ميّالون" إلى تلقّي لقاح ضد "كوفيد 19"، فيما أورد 49 في المئة منهم أيضاً إنّهم "ميالون جدًّا" لتلقي ذلك اللقاح. وفي مقابل تلك المواقف الإيجابية، أشار 22 في المئة ممن شملتهم الدراسة بأنّهم "لا يميلون" إلى تلقّي اللقاح. كذلك ذكر أشخاص ضمن شريحة شكّلت واحداً من عشرة أشخاص من المستطلعين، أنّهم "لا يميلون ابداً" إلى قبول اللقاح استناداً إلى عوامل عدّة من بينها مخاوفهم تجاه تأثيرات جانبيّة غير متوقّعة له، وانعدام ثقتهم في فوائده، ورغبتهم في تطوير مناعة طبيعيّة داخل أجسادهم.
إضافة إلى ذلك، أفصح حوالى واحد من ثلاثة أشخاص (30 في المئة) من المستطلعين، عن اعتقاده بأن اللقاحات قد تتسبب في مشكلات مستقبليّة غير محددة، فيما أشار 15 في المئة من المستطلعين إلى إن اللقاحات لن تكون فعّالة.
في الإطار عينه، ذكرت الدكتورة ديزي فانكورت، رئيسة الفريق الذي أجرى الدراسة، وهي من "معهد "يو سي أل"UCL للأبحاث المتعلّقة بالأمراض والرعاية الصحيّة"، إن "دراستنا تُبرز معدّلاً مُقلقاً في انتشار المعلومات الخاطئة حول اللقاحات، ما قد يؤثّر كثيراً في تقبّل اللقاح (أو عدمه) حينما يُقَرّ". وذكرت فانكورت أنّه "على الرغم من قول أكثريّة المستطلعين إنّهم ميالون إلى تلقي لقاح "كوفيد 19" حين يصبح متوفراً، فإن نسبة مُقلقة ممن شملهم الاستطلاع لم يفصحوا عن مجرد عدم استعدادهم لتلقّيه، بل تحدثوا أيضاً عن اعتقادهم بأن اللقاحات لن تنجح، أو أظهروا مخاوفهم تجاه تأثيرات جانبية محتملة، وهذه في الحقيقة مخاوف لا أساس علميّاً لها". وتابعت فانكورت، "من المهم أن تعمل الحكومة وهيئات الصحّة العامة على الترويج لأهميّة تلقّي اللقاح، وعلى شرح أهميّته في مكافحة الفيروس وتحصين المجتمع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي سياق متصل، ذكر وزير الصحّة البريطاني مات هانكوك في مايو (أيّار) المنصرم أنّه لا يمكنه استبعاد فرض التلقيح ضد فيروس كورونا وجعله أمراً إجبارياً، إذا نال أحد اللقاحات موافقة في بريطانيا.
كذلك وصف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في يوليو (تموز) الماضي "المعادين للقاح" بـ"المعتوهين". في المقابل، جرى التعبير بوضوح عن المخاوف من التلقيح الإجباري خلال تظاهرات مناوئة للإغلاق العام [المتعلق بكورونا] نُظمت في الولايات المتّحدة وبريطانيا ودول أوروبيّة أخرى، وأبدى أولئك المتظاهرون اعتراضهم أيضاً على ارتداء الكمامات.
في مجال متصل، رأى مُعدّو دراسة معهد "يو سي أل" UCL أن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى استمرار انتشار المعلومات المضللة بين الجمهور بنسبة مرتفعة، على الرغم من افتقار المخاوف المتعلقة باللقاح إلى أيّ "أساس علمي" فعلياً. وفي هذا الإطار، أشار أكثر من ثلث المتجاوبين مع الاستطلاع (38 في المئة) إلى أنّهم يعتقدون بدرجات متفاوتة، أن المناعة الطبيعيّة أفضل من المناعة التي يأتي بها اللقاح. وعبّر أكثر من نصف المستطلعين (53 في المئة) عن اعتقادهم أيضاً باحتمال تسبب اللقاح في تأثيرات جانبيّة غير متوقعة. وفي المقابل، رأى ربع المستطلعين أن اللقاحات تستخدم بهدف الربح التجاري. وكذلك أشار حوالى 4 في المئة من المستطلعين إلى اعتقادهم الراسخ بأن برامج التلقيح تمثّل "خدعة" مصدرها شركات الأدوية.
هذا وأجرى معهد "يو سي أل" هذه الدراسة الاجتماعية بتمويل من مؤسسة "نافيلد فاونديش" Nuffield Foundation. وهذه الدراسة البريطانية هي الأكبر في رصد مشاعر البالغين البريطانيين إبّان الإغلاق العام. وضمن الدراسة، استُطلِعَت أكثر من 70 ألف شخص أسبوعيّاً على مدى الأسابيع الـ26 الماضية.
وعن خلاصة تلك الدراسة، ذكرت شيريل لويد Cheryl Lloyd مديرة برنامج التعليم في "مؤسّسة نافيلد"، إن "ما توصّلت الدراسة إليه يقدم معلومات قيّمة عن مخاوف الرأي العام تجاه اللقاحات، ويبرز أيضاً أهميّة بناء ثقة الرأي العام تجاه مأمونية لقاح "كوفيد 19" وفاعليّته، في وقت تضمحلّ الثقة بتعامل الحكومة مع الجائحة". ورأت لويد أنه "أمام ذرائع الناس في عدم الثقة باللقاحات، فإن الشفافية بشأن الدلائل العلميّة ودور الجهات التجارية في إنتاج اللقاح وترويجه، تمثّلان على الأرجح عاملاً أساسيّاً في اكتساب ثقة الناس، إضافة إلى إشراك الرأي العام في عمليّة صنع القرارات".
© The Independent