يتهيّأ إثنان من رواد الأعمال البريطانيين لإطلاق ثورة في عالم وسائط النقل، متمثّلة في خدمة ذهاب وإياب بين المُدن باستخدام حافلات تعمل بالطاقة الكهربائية.
ستنطلق الخدمة الساعة 5.30 من صباح يوم الخميس (اليوم) مع مغادرة حافلة ذكية جديدة بسعة 45 مقعداً من مدينة "دندي" Dundee في رحلة إلى مدينة "إدنبرة" تستغرق 90 دقيقة.
وعلى خلاف الحافلات وقطارات السكك الحديدية الحالية التي تعمل بالديزل وتربط بين المدن، تعمل الخدمة الجديدة التي تحمل اسم "إمبر"Ember، بطاقة كهربائية 100 في المئة عديمة الانبعاثات الغازية المباشرة.
في حين أن الحافلات الكهربائية تُستخدم حاضراً في بعض الرحلات داخل المدن في المملكة المتحدة، إلا أنها المرة الأولى التي تُربط فيها مدن بريطانية تفصل بينها مسافة طويلة، بواسطة ناقلة ركاب كبيرة تعمل بالبطارية.
واستطراداً، انضمت "اندبندنت" إلى مؤسسِّي الشركة كيث برادبري (38 سنةً) وبيرس غليني (30 سنةً) في جولة تجريبية من "دندي".
اختار الرجلان "دندي" Dundee (وهي مدينة ترفع شعار "مدينة واحدة، اكتشافات عدّة") لأن مجلسها البلدي متحمس حاضراً للعربات الكهربائية التي باتت تشمل حتى شاحنات القمامة.
"هذه هي الطريقة التي تقنع بها الناس بالاستغناء عن سياراتهم"، بحسب السيد برادبري الذي تحدث أثناء انطلاق سائق الحافلة مارك أديسون بسرعة مبتعداً عن المدينة على الطريق المتّجهة إلى "بيرث" Perth.
وأضاف، "هناك تصورات سلبية عن الحافلات أو مركبات النقل الجماعي [الكهربائية] لدى الناس. ونحن هنا كي نغيّر هذه الصورة. وسيدرك مستخدمو السيارات أنه بإمكانهم استخدام حافلة كهربائية عديمة الانبعاثات للوصول إلى "إدنبرة"، من دون الاضطرار إلى دفع أجور مواقف السيارات، ما يوفر فرصة أفضل لقضاء يوم في الخارج".
وبفضل انخفاض الضجيج الصادر عن المحرك، يمكنكم إجراء محادثات بهدوء حتى أثناء انطلاق الحافلة بسرعة 60 ميلاً في الساعة على الطريق السريع. وكذلك يمكن حافلة "ياتونغ "Yutong الصينية الصنع استيعاب 55 شخصاً، لكن جرى تركيب 45 مقعداً فيها بهدف توفير مزيد من الراحة. وستعمل الحافلات بنصف طاقتها الاستيعابية طوال استمرار أزمة فيروس كورونا.
في سياق موازٍ، يدرك المؤسّسان أن توقيت إطلاق الخدمة ليس مثالياً، بالنظر إلى حالة الركود التي يعيشها قطاع النقل والنشاط الاقتصادي. وبحسب السيد برادبري، "على كل حال، ليس هناك وقت سيء أبداً لإطلاق شركة نقل عديمة الانبعاثات".
وعلى غرار الحالة بالنسبة إلى شركة "سناب" Snap التي تقدم أيضاً خدمة حافلات مبتكرة في المملكة المتحدة، يجري إجراء الحجوزات عبر الإنترنت، وكذلك زُوّد السائقون بأجهزة لوحية تسمح لهم ببيع تذاكر للمسافرين "على الطريق".
استطراداً، قد يكون هذا الخيار ضرورياً في نجاح المشروع، لأنه يسمح بالربط بين المجتمعات الأصغر [الموجودة على الطريق]، إضافة إلى خدمة النقل بين المدينتين، التي لا تحتاج إلى مهلة زمنية كبيرة. وبالتالي، تحصل بلدة "إنشتر" Inchture الصغيرة الواقعة إلى الشرق من "بيرث"، على نقل مباشر إلى "إدنبرة"، إضافة إلى خدمات محلية تجاه "كينروس" Kinross و"روزيث" Rosyth.
وسيكون الثمن الموحد للرحلة التي تمتد مسافة 60 ميلاً هو سبعة جنيهات إسترلينية ونصف الجنيه (أي حوالي 10 دولارا أميركية)، مقارنة بـ 20 جنيهاً لقطارات شركة "سكوتريل"Scotrail، و18.60 جنيه إسترليني لحافلات "سيتي لينك"، ويعمل كلاهما بالديزل.
في تفاصيل أخرى، يرد أن الركاب سيجلسون في مقاعد جلدية قابلة للإمالة إلى الخلف، ويحصلون على إمكانية شحن الهواتف النقالة واتصال بشبكة الإنترنت عبر شبكات "الجيل الخامس" للخليوي.
تبلغ تكلفة الحافلة نفسها حوالى 360 ألف جنيه إسترليني (أي حوالي 470 ألف دولار أميركي)، ما يشكّل زيادة تصل إلى الثلث بالنسبة إلى سعر مركبة ديزل تقليدية بمواصفات مماثلة.
في المقابل، يظهر توفير في نفقات الوقود بشكل ملحوظ تماماً. إذ تبلغ كلفة شحن البطارية في رحلة مسافتها 200 ميل، حوالى 40 جنيهاً إسترلينياً (أي حوالي 60 دولار أميركي)، أي ربع تكلفة وقود الديزل اللازم لقطع المسافة نفسها.
في ذلك الصدد، رأى السيد غليني أن "تكاليف التشغيل أقل بكثير ويمكننا إيصال تلك الفائدة إلى العملاء". فيما عبّر السيد برادبري عن قناعته بأن شاحنات الكهرباء "تتيح لك فتح طرق ما كانت ستتوفر مع حافلات الديزل".
في منحى متصل، ستعمد شركة "إمبر" إلى تشغيل ثماني خدمات يومية بين المدينتين، وكذلك تسعى إلى بناء شبكة نقل داخل أسكتلندا مع أخذها في الاعتبار خطّي "دندي- غلاسكو" و"إدنبرة- غلاسكو"، والأخير قد يصل إلى مطار المدينة.
في المقابل، يتمثّل العامل المقيّد الرئيس في التزود بالطاقة. إذ لجأت المدينة إلى تركيب نقطة شحن لمركبات النقل الكبيرة في "غرين ماركت" الواقعة غرب وسط المدينة بالقرب من محطة السكك الحديدية.
ويتطلّب نظام الشحن العالي السرعة توفر كمية من الكهرباء تساوي ما تستخدمه العقارات السكنية الصغيرة، وبالتالي يجري تصميم الخدمة انطلاقاً من مدى توفرها.
في ذلك الصدد، أورد السائق مارك أديسون إنه "يمكننا السفر من دون مشاكل من "دندي" إلى "إدنبرة" والعودة إلى نطقة البداية، مع احتفاظنا بـ30 في المئة من الطاقة، وبالتالي نحن لا نعمل أبداً على استهلاكها بالكامل".
في منحى متصل، أفاد بول تشارلز، مستشار السفر في شركة "بي سي إيجنسي" المتخصصة في مجال العلاقات العامة واستشارات العلامات التجارية، وقد رافقنا في الرحلة التجريبية، إنّ "الحافلة تسير بسلاسة، ولا توجد هناك رائحة ديزل، ولم نشعر بوعورة الطريق، ووصلنا إلى "إدنبرة" قادمين من "دندي" بسرعة. في وسع الشركة أن تكون ديناميكية ومرنة ويمكنها اتخاذ قرارات بشكل أسرع، طالما أنها قادرة على إقناع الناس بأن الكهرباء هي المستقبل، وذلك أمر يتعين عليها فعله بالتأكيد في عالم ما بعد وباء كورونا، ولا بد أنها ستبلي حسناً".
وسيتمكن الجمهور من إبداء رأيه في خدمات شركة "إمبر" اعتباراً من بداية أكتوبر (تشرين الأول).
© The Independent