يهدد الانخفاض في دخل الأسرة والاستمرار في تسريح العمال بإبطاء تعافي الاقتصاد الأميركي، الذي يبدو بالفعل أنه يفقد الزخم مع استمرار الوباء. وقالت وزارة التجارة الأميركية إن الدخل الشخصي أي ما تلقته الأسر من الرواتب والاستثمارات والمساعدات الحكومية، قد انخفض بنسبة 2.7 في المئة في أغسطس (آب) مع تقلص إجراءات التحقق من البطالة، في غضون ذلك، تقدم 837 ألف عامل بطلبات جديدة للحصول على تعويضات بطالة الأسبوع الماضي بعد تسريحهم أخيراً، بحسب وزارة العمل الأميركية، وفي المجموع، يتلقى حوالى 12 مليون عامل تعويضات من خلال برامج الدولة العادية.
لم يخرج الاقتصاد الأميركي بعد من الحفرة الكبيرة، فقلة من الاقتصاديين يتوقعون استمرار النمو القوي في الربع الثالث، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى أن قدرة الأميركيين واستعدادهم للإنفاق قد لا يصمدان، وتوقعت شركة التنبؤ "آي إتش إس ماركت"، أن يتباطأ نمو إنتاج الولايات المتحدة إلى معدل سنوي يبلغ 2.5 في المئة في الربع الرابع من العام. ويذكر أن دعم الإنفاق قد تم من خلال النمو القوي في الوظائف بعد انتهاء عمليات الإغلاق المتعلقة بالوباء والمساعدة الفيدرالية للأسر، في حين تعكس أرقام مطالبات البطالة الأسبوعية استمرار تسريح العمال في بعض الصناعات، في وقت أعلن مزيد من الشركات عن تخفيضات في موظفيها هذا الأسبوع، حيث أخبرت "أميركان إيرلاينز غروب" و"يونايتد إيرلاينز هولدنغز"، الموظفين، أنهما سيمضيان قُدماً في تخفيض أكثر من 32 ألف وظيفة، في وقت أخفق المشرعون من الاتفاق على حزمة واسعة للإغاثة من فيروس كورونا، وقالت شركة التأمين "أولستيت كورب"، إنها تخطط لتسريح 3800 موظف، وشركة "والت ديزني" عن تسريح دائم لـ 28 ألف عامل كانوا في إجازة موقتة.
الاستهلاك والنشاط الاقتصادي
ويشهد الاقتصاد الأميركي انتعاشاً بوتيرة أكبر مما كان يعتقد العديد من الاقتصاديين، ولكن مع تلاشي المعونة الفيدرالية وتباطؤ نمو الوظائف، يمكن أن يضعف إنفاق المستهلكين، المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة. ويعتقد الاقتصاديون أن الانتعاش يدخل في مرحلة متواضعة وأكثر صعوبة.
ويقول مايكل غابن، كبير الاقتصاديين الأميركيين في "باركليز" لـ "وول ستريت جورنال"، "هناك دليل واضح على أن النمو يتباطأ، ولكنْ هناك جزء كبير من الأسر جمع مدخراته خلال الوباء، وبالتالي لا يزال هناك قدر كبير من الادخار والسيولة ما سيدعم الإنفاق بضعة أشهر أخرى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من الانخفاض في أغسطس، كان دخل الأسرة أعلى بنسبة اثنين في المئة عن مستواه في فبراير (شباط) وهو الشهر الذي سبق تفشي الوباء، وعززت عمليات التحفيز الفيدرالية لمرة واحدة، ومكاسب سوق الأسهم، ومدفوعات التأمين ضد البطالة من الدخل، في غضون ذلك، لا يزال المشرعون والبيت الأبيض على خلاف بشأن جولة جديدة من مساعدات فيروس كورونا بما في ذلك مساعدة إضافية للعمال المسرحين.
ومع نمو مداخيل الأسر ارتفع الإنفاق الاستهلاكي خلال الصيف، حيث عوض المستهلكون مشترياتهم التي أجلوها خلال الربيع واشتروا سلعاً مثل الدراجات والسيارات وبضائع محلات البقالة وعمليات تحسين المنزل، لكن زيادة الإنفاق في أغسطس بنسبة واحد في المئة كانت أقل بكثير مما كانت في وقت سابق في الصيف عندما نما الإنفاق تسعة في المئة في مايو (أيار) وسبعة في المئة في يونيو (حزيران) واثنين في المئة في يوليو (تموز)، بينما لا يزال الإنفاق على الخدمات، مثل نزهات المطاعم والفنادق والسفر الجوي، منخفضاً.
سوق العمل والإنتاج الأميركي
ويظهر تعافي سوق العمل الأميركي بوادر تباطؤ منذ الصيف، على الرغم من توفير أرباب العمل حتى أغسطس حوالى 11 مليون وظيفة، أو حوالى نصف الـ 22 مليوناً التي فقدوها في بداية الوباء مع تحقيق الجزء الأكبر من المكاسب في مايو حتى يوليو.
ويظهر استطلاع "وول ستريت جورنال"، الخاص بتقرير الوظائف لشهر سبتمبر(أيلول)، الذي صدر الجمعة، الثاني من أكتوبر (تشرين الأول)، مكاسب بمقدار 800 ألف وظيفة ومعدل بطالة بنسبة 8.2 في المئة، بانخفاض طفيف عن 8.4 في المئة سُجلت في الشهر السابق.
ومع ذلك، تشير القراءات الاقتصادية إلى أن الاقتصاد انتعش بسرعة في الربع الثالث الذي انتهى يوم الأربعاء بعد الانكماش الحاد في الربع الثاني. وساعد الإنفاق الاستهلاكي القوي على دفع الاقتصاد في الربع الثالث المنتهي يوم الأربعاء. ويقدر الاقتصاديون أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وهو أوسع مقاييس للسلع والخدمات، نما بمعدل سنوي قدره 30 في المئة أو أكثر في الفترة من يوليو إلى سبتمبر.
وسيؤدي ذلك إلى استعادة جزء كبير من الإنتاج المفقود في الربيع عندما دفع تفشي كورونا الشركات إلى الإغلاق. وقالت وزارة التجارة الأميركية هذا الأسبوع إن الإنتاج انخفض بوتيرة 31 في المئة في الربع الثاني بعد انخفاض بنسبة خمسة في المئة في الأول، وهو أكبر انكماش ربع سنوي في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وبالنظر للأرقام والتوقعات المتاحة، فمن الواضح أن الطريق أمام الاقتصاد لايزال ضبابياً، لسببين رئيسيين: أولاً، ليس من المعروف إلى أي مدى يمكن لأصحاب العمل توسيع أو تقليص عمليات تسريح العمال في غياب لقاح لفيروس كورونا، وثانياً، تلاشت آثار المساعدات الفيدرالية للأسر. وكان العديد من الأسر الأميركية قد حصل على ما يصل إلى 1200 دولار في مدفوعات لمرة واحدة بموجب قانون الرعاية، إلى جانب إعانة البطالة الأسبوعية المحسنة التي تقلصت في أغسطس ومن المقرر أن تنتهي هذا الشهر.
النمو الاقتصادي
ومن أواخر آذار إلى يوليو، تلقى الأميركيون العاطلون من العمل 600 دولار في الأسبوع، أو 2400 دولار في الشهر، علاوة على إعانات البطالة العادية، بموجب التحفيز الفيدرالي في قانون الرعاية. وبموجب إجراء تنفيذي من قبل الرئيس ترمب، تلقى العاطلون من العمل 300 دولار إضافي في الأسبوع لمدة لا تزيد عن ستة أسابيع بدءاً من الأسبوع المنتهي في الأول من أغسطس.
وفي حال خفض المستهلكون الإنفاق استجابة لانخفاض دخلهم، فإن الشركات من المطاعم إلى محلات تصليح الدراجات إلى الأطباء يمكن أن تتضرر من المبيعات، ما يضعف النمو الاقتصادي للبلاد. أضف إلى ذلك أنه ربما يكون جزء كبير من الإنفاق في الصيف قد عكس "الطلب المكبوت" وهي مشتريات كانت الأسر قد أجلتها في الربيع، وتشمل زيارات لطبيب الأسنان وإصلاحات المنزل وشراء الملابس، ولكن الآن، وبعد أن عجز العديد من الأسر عن هذه المشتريات، قد يعود الإنفاق إلى مستويات أكثر طبيعية هذا الشتاء.
ورصدت مجموعة "كونفرنس بورد"، وهي مجموعة بحثية خاصة، هذا الأسبوع ارتفاعاً في مؤشرها لثقة المستهلك لسبتمبر، وهو الأعلى منذ مارس، وتزيد الثقة المرتفعة من احتمالات أن ينفق المستهلكون بدلاً من الادخار ما يعزز الاقتصاد الكلي للبلاد.