على ما يبدو أن معركة تكسير العظام التي تخوضها الولايات المتحدة الأميركية ضد النظام الإيراني، انتهت بالفعل بخسائر ثقيلة للاقتصاد الإيراني الذي لم يعد يقوى على تحمل العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وفي تطور جديد للأزمات العنيفة التي يواجهها الاقتصاد، أعلنت وزارة المالية الإيرانية، أن طهران ستتيح سداد مستحقات حاملي صكوك حكومية في صورة صادرات نفطية.
وأوضح التقرير الذي بثته قناة "برس تي في"، أنه يحق لحاملي الصكوك التي تستحق قبل مايو (أيار) 2021 الحصول على شحنات خام توازي قيمة السندات والفائدة المستحقة عليها. لكن لم يتضح كيف ستتم الصفقة ولكن يفترض أن يحصل حاملو الصكوك على خيارات عقود آجلة ولكن التقرير لم يتضمن آلية للتنفيذ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق وكالة "رويترز"، درست إيران خيارات عدة لتعزيز إيرادات الدولة التي تضررت بسبب أزمة فيروس كورونا والعقوبات الأميركية. وفي وقت سابق من العام كانت تخطط لطرح أسهم مدعومة بالنفط لمواطنيها وبيع حصص في الشركات المملوكة للدولة في البورصة المحلية.
ويعاني اقتصاد إيران منذ عام 2018 عقب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته ست قوى عالمية مع إيران وأعادت فرض عقوبات ضيقت الخناق على تجارة النفط الإيرانية. وأشار تقرير "برس تي في"، إلى أنه في حال التنفيذ ستكون هذه المرة الأولى التي يُستخدم فيها النفط لسداد سندات صدرت في السوق المحلية.
عائدات بيع النفط تهوي بنسب تتجاوز 99 في المئة
وعلى صعيد صادرات النفط الإيراني، تشير البيانات إلى أن صادرات إيران من النفط هوت في الوقت الحالي إلى مستوى أقل من 70 ألف برميل يومياً، مقابل حوالى أربعة ملايين برميل يومياً قبل تنفيذ العقوبات الأميركية، ما يعني أن إجمالي الصادرات انخفضت بنسبة 99.8 في المئة.
وتشير هذه البيانات إلى أنه، ومع احتساب سعر برميل النفط عند مستواه الحالي عند متوسط 40 دولاراً للبرميل، فإن عائدات إيران من النفط في الوقت الحالي تبلغ حوالى 2.8 مليون دولار يومياً، مقابل حوالى 160 مليون دولار يومياً قبل تطبيق العقوبات، مسجلة خسائر يومية تتجاوز حوالى 157.2 مليون دولار، لتسجل بذلك تراجعاً يقدر بحوالى 99.98 في المئة.
البيانات تشير أيضاً إلى أنه وفي حال كانت إيران مستمرة في تصدير أربعة ملايين برميل يومياً فإنها كانت ستحصل على عائدات شهرية تقدر بحوالى 4.8 مليار دولار، وسنوية تبلغ حوالى 57.6 مليار دولار بنسبة انخفاض تبلغ حوالى 91.8 في المئة.
الدولار يقفز لـ 300 ألف ريال إيراني
وبخلاف أزمة تهاوي الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، فإن العملة الإيرانية تواصل النزيف مقابل الدولار الأميركي، حيث سجل الريال الإيراني مستوى قياسياً جديداً أمام العملة الخضراء، وقفز الدولار في الأيام القليلة الماضية إلى مستوى 300 ألف ريال، وذلك وفقاً لموقع "بونباست.كوم"، الذي يرصد السوق غير الرسمية للصرف في إيران.
وكان سعر صرف الدولار الأميركي 160 ألف ريال في بداية السنة التقويمية الإيرانية الحالية في 20 مارس (آذار) الماضي.
وتسود حالة من الخوف بين المتعاملين في طهران مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، في ظل توقعات بتسجيل الدولار مستوى 500 ألف ريال في حال أعيد انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لفترة رئاسية ثانية.
ووفق دراسة حديثة أعدها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، فإن عملة إيران تعيش في الوقت الحالي إحدى أسوأ مراحلها التاريخية، مع تزامن الضغوط الاقتصادية والمالية التي تدفعها منذ فترة ليست بالقصيرة إلى التدهور المستمر، وفقدان المزيد من قيمتها أمام الدولار الأميركي والعملات الرئيسية الأخرى. بينما لا تبدو الآفاق المستقبلية للريال الإيراني أكثر إيجابية عما هو قائم الآن، بل إن التوقعات تشير إلى أنه سيستمر في مواجهة المزيد من الضغوط، وسيفقد المزيد من القيمة، مُولِّداً نتيجة ذلك المزيد من الصعاب المالية والنقدية، ومظاهر الاضطراب على الاقتصاد الكلي.
78 في المئة خسائر منذ بداية 2020
الدراسة أشارت إلى تراجع الريال الإيراني إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار الأميركي في السوق غير الرسمية، وبالتحديد بعد يوم من إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على طهران، وهو ما أفقد الريال أي آمال للتعافي في الأفق القريب، بعد أن كانت هناك طموحات لدى الإيرانيين، بأن الريال قد وصل إلى أسوأ ما يمكن الوصول إليه، وبعد أن تولدت لديهم آمال بأن المستقبل سيحمل للريال بعض الدعم، ويخرجه من كبوته.
لكن الخسائر الأخيرة التي لحقت بالريال الإيراني تشير إلى أن موجة النزيف لن تنتهي في الأفق القريب، حيث لا يعد هذا التراجع هو الوحيد للعملة الإيرانية مقابل الدولار، بل إن مستواه قبيل الإعلان الأميركي عن إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران، كان متراجعاً حوالى 4800 ريال مقابل الدولار، ذلك مقارنة بمستواه قبل أسبوع واحد من ذلك التاريخ، ما يعني أنه فقد في ذلك الأسبوع 1.8 في المئة من قيمته. وبالرجوع إلى الوراء أيضاً، يتضح أن العملة الإيرانية تتخذ منذ فترة اتجاهاً عاماً تنازلياً في علاقتها بالدولار وغيره من العملات الرئيسية الأخرى. وفي المجمل، فقد تراجع الريال الإيراني حوالى 49 في المئة مقابل الدولار منذ بداية عام 2020.
ومنذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي لإيران مع مجموعة (5+1) في مايو (أيار) 2018، وحتى مايو الماضي، فقد الريال الإيراني ما نسبته 78 في المئة من قيمته أمام الدولار، حيث ارتفع سعر الدولار من 64 ألف ريال في مايو 2018، إلى مستواه الحالي البالغ 300 ألف ريال للدولار الواحد.