أعلنت مصر، السبت، عن كشف أثري جديد شمل 59 تابوتاً خشبياً بحالتها الأولى داخل آبار للدفن بمنطقة سقارة، إضافة إلى عدد كبير من التمائم وتماثيل الأوشابتي واللقى الأثرية.
وقال وزير السياحة والآثار، خالد العناني، في مؤتمر صحافي، إن البعثة المصرية العاملة بالمنطقة عثرت على "ثلاث آبار للدفن على أعماق مختلفة، تتراوح بين عشرة أمتار و12 متراً بداخلها 59 تابوتاً خشبياً ملوناً، معظمها في حالة حفظ جيدة ومحتفظة بألوانها الأصلية".
تفاصيل الاكتشاف
أضاف العناني "التوابيت تخص مجموعة من الكهنة وكبار الموظفين في العصر المتأخر، ويرجع تاريخها إلى نحو 600 عام قبل الميلاد، أي إنها مغلقة منذ قرابة 2600 عام"، مشيراً إلى أن بداية الكشف كانت "قبل ثلاثة أسابيع، عندما عثر على 13 تابوتاً، ثم 14 أخرى، ليصبح العدد 27، حتى وصل إلى 59 تابوتاً".
وأوضح الوزير المصري أن التوابيت في "حالة جيدة من الحفظ"، وما زالت محتفظة بألوانها الأصلية، وأن الدراسات المبدئية عليها كشفت عن أنها ترجع إلى عصر الأسرة الـ26، وأنها تخص مجموعة من الكهنة وكبار رجال الدولة والشخصيات المرموقة في المجتمع، معلناً أنها ستنقل إلى المتحف المصري الكبير، لتعرض بالقاعة المقابلة للقاعة المخصصة لعرض خبيئة العساسيف، التي عثرت عليها البعثة الأثرية المصرية عام 2019 بالأقصر (جنوب القاهرة).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحول تفاصيل عملية اكتشاف التوابيت الأثرية، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مصطفى وزيري "الكشف جرى على عدة مراحل، إذ بدأت البعثة أعمال الحفائر في أغسطس (آب) الماضي، وعثرت على 13 تابوتاً، ومع استمرار الحفر والتنقيب توصل الأثريون إلى 14 تابوتاً أخرى، حتى وصل العدد إلى 59 تابوتاً، إضافة إلى اكتشاف 28 تمثالاً خشبياً للإله بتاح سوكر، وهو الإله الرئيس لجبانة سقارة، وعدد كبير من تماثيل الأوشابتي والتمائم، وكذلك تمثال من البرونز للإله نفر توم مطعم بالأحجار الكريمة، مثل العقيق الأحمر والتركواز واللازاوارد يبلغ طوله 35 سم، وكُتب على قاعدته اسم صاحبه، وهو الكاهن بادي آمون، كما عُثر على تمائم وتماثيل أوشابتي مصنوعة من الفاينس".
وقال عالم الآثار المصري، زاهي حواس، خلال المؤتمر الصحافي "الاكتشافات ظهرت في منطقة تُدعي (أبواب القطط)، التي يوجد بها أشهر المقابر، وهي مقبرة السفير الذي وقع معاهدة رمسيس الثاني مع الحيثيين، ومقبرة مايا (مرضعة الملك توت عنخ مون) ومقبرة رئيس الوزراء في عهد الملك أمنحوتب الثالث، إضافة إلى هذا الكشف الأثري".
سقارة أقدم عاصمة مصرية
عن الكشف الأثري ومنطقة سقارة الموجود بها يقول أحمد بدران، أستاذ الآثار المصرية بجامعة القاهرة، في حديث إلى "اندبندنت عربية": "سقارة واحدة من بين جبانات متعددة للعاصمة المصرية القديمة منف، وهي أقدم عاصمة مصرية على الإطلاق أنشأها مينا موحد القطرين، وتضم آثاراً من كل العصور المصرية القديمة، بداية من عصر ما قبل الأسرات وحتى عصور متأخرة، وهي مسجلة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وتضم أقدم مبنى حجري في تاريخ البشرية، وهو هرم زوسر المدرج".
ويضيف بدران "التوابيت التي عثر عليها خشبية ملونة بحالة جيدة جداً، وعليها مناظر لبعض الأرباب، وبها نصوص مصرية قديمة، منها تعاويذ خاصة بالميت، ومنها نصوص تقديم القرابين التي ظهر عليها ألقاب أصحاب التوابيت، وكانت لكهنة وبعض رجال الدولة المهمين في هذا العصر، ويطلق عليه العصر الصاوي نسبة إلى (صا الحجر)، الذي يعود إلى فترة الأسرة الـ26".
ويتابع "الإله (نفر توم) الذي عثر على تمثال له ضمن الكشف الأثري هو رب العطور في مصر القديمة، وتظهر على رأسه زهرة اللوتس، وهو مطعم بالأحجار الكريمة، وسيُنقل ليعرض في متحف شرم الشيخ، كما أعلنت وزارة الآثار. وتمثال بتاح سوكر من الآلهة المهمة في الحضارة المصرية القديمة، وهو معبود مركب يجمع بين ثلاثة آلهة، فبتاح هو معبود منف ورب الصناع والحرفيين والفنانين، ويظهر بهيئة آدمية يرتدي رداء حابك، ويمسك بصولجان، والإله بتاح صممت على هيئته جائزة الأوسكار الشهيرة التي تقدم للأعمال السينمائية المميزة، باعتباره رب الفنانين".
ويواصل بدران "أما الإله الثاني (سوكر) فكان رب الغلال والمحاصيل، ثم أخذ أدواراً جنائزية، ومن اسمه اشتق اسم سقارة، بينما الثالث (أوزير) هو رب الموتى، وعلم المصريين الفضائل والأخلاق والزراعة، ثم جاءت القصة والأسطورة الشهيرة بصراع أوزير مع ست، التي تعتبر أشهر أساطير الصراع بين الخير والشر، فالإله بتاح سوكر هو واحد من أهم الآلهة وأكثرها قيمة في مصر القديمة".