تستعد لجنة رقابة الرعاية الصحية (البريطانية) لاستهداف وحدات التوليد والأمومة المرتبطة بسوء الأداء في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، بعد سلسلة من فضائح الولادات التي كشفتها "اندبندنت".
وترسم اللجنة المعنية بجودة الرعاية، مخططاً من أجل تحديد وحدات التوليد عالية الأخطار، وستستخدم المعلومات المتعلقة بنتائج علاج المرضى والثقافة السائدة في المكان من أجل وضع لائحة بالمنشآت التي ستخضع للتفتيش والمعاينة.
وأعربت لجنة الرقابة عن قلقها في شأن سلامة وأمن وحدات التوليد بشكل عام في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، بعد ظهور عدد من فضائح الولادات البارزة العام الماضي.
وكانت "اندبندنت" كشفت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن وقوع أكبر فضيحة ولادات في تاريخ هيئة الخدمات الصحية الوطنية في مستشفى "شروزبري آند تلفورد"، حيث تنظر لجنة تحقيق في ما يقرب من 1900 حالة، تخضع كذلك لتحقيق جنائي من قبل الشرطة.
وفي يناير (كانون الثاني)، تم فضح مستشفيات شرق كينت الجامعية، لعدم تحركها لمواجهة مخاوف صحية، إذ أظهرت البيانات أن أكثر من 130 رضيعاً عانوا إصابات دماغية أثناء الولادة.
وكشفت أسرة الطفل هاري ريتشفورد تراخي رؤساء المستشفى وإهمالهم لتحذيرات صدرت في عام 2016 حول سلامة التوليد، وقد أسهم ذلك في وفاته التي كان يمكن تجنبها، وتوصل التحقيق إلى أن الطفل المذكور توفي نتيجة الإهمال.
وترى لجنة جودة الرعاية أن نحو خمسي وحدات التوليد، التي تعادل نسبة 38 في المئة من مجموع الوحدات، "في حاجة للتحسين" من أجل ضمان سلامتها.
وللإشارة، فقد انضمت "اندبندنت" إلى المنظمة الخيرية Baby Lifeline (حياة الطفل) لمناشدة الحكومة بإعادة تفعيل صندوق يقدم تدريباً حول سلامة التوليد على المستوى الوطني للأطباء والقابلات القانونيات، وسبق أن أثبت الصندوق نجاحه، لكن أوقف العمل به بعد سنة واحدة فقط.
وكان رئيس مفتشي المستشفيات في لجنة جودة الرعاية البروفيسور تيد بيكر، خاطب النواب من أعضاء لجنة الصحة والرعاية الاجتماعية مؤخرا، وشاطرهم قلقه في شأن سلامة الأمهات والأطفال في بعض وحدات التوليد التي تعاني مشكلات مستمرة.
وقال، "تعزى المشكلات إلى اختلال وظيفي وسوء قيادة وثقافة (عمل) ضعيفة، وعدم قيام بعض أقسام الخدمات بمهماتها مع بعضها الآخر بشكل جيد، إذ لا ينحصر الموضوع ببضعة وحدات فقط، بل هو مشكلة كبيرة تتعلق بالثقافة السائدة داخل وحدات خدمات التوليد والأمومة".
وأكدت لجنة جودة الرعاية عزمها وضع لائحة بالوحدات أو المستشفيات سيئة الأداء، والتي تشك في وجود مشكلات سلامة (على المرضى) داخلها.
وسيدقق برنامج التفتيش تحديداً بالمشكلات المتعلقة بنتائج علاج المرضى، وثقافة العمل الجماعي، مع أن منهجية العمل ما زالت قيد البحث.
وقالت كايلي غريفيث التي توفيت طفلتها بيبا بسبب أخطاء القابلات في مستشفى "شروزبري آند تلفورد"، لـ "اندبندنت"، إنه "يجب أن يشكل هذا الموضوع جزءاً من عمل لجنة جودة الرعاية الحالي. وأتساءل، متى سيفهمون أن طرق تفتيشهم الحالية غير مناسبة".
وقالت كبيرة الرؤساء التنفيذيين في منظمة Baby Lifeline الخيرية، ومؤسسة المنظمة التي تساعد في تدريب الأطباء والقابلات بهدف تعزيز السلامة، جودي ليدجر، "نرحب بإعلان لجنة جودة الرعاية نيتها تحسين منهجيتها في تفتيش خدمات التوليد والأمومة، في ظل تصنيف لجنة جودة الرعاية نحو أربع من بين كل عشر وحدات توليد، على أنها بحاجة للتحسين أو أنها رديئة، وظهور فضائح متكررة عن عمليات الولادة في الإعلام. نأمل في أن تسهم هذه التغييرات في رفع مستوى سلامة الأمهات والأطفال، وبالرغم من التركيز الوطني على تحسين سلامة التوليد، ومبادرات تقليص نسب توليد الأجنة الميتة ووفيات حديثي الولادة، والإصابات الدماغية التي يمكن تجنبها، ما زال يتعين إجراء بعض التحسينات الواضحة، فالتقارير تسلط الضوء على المواضيع نفسها سنة بعد سنة، ولجنة جودة الرعاية تحتل موقعاً يمكّنها من تحديد وحدات التوليد عالية الأخطار، ومنع المآسي من الوقوع".
وقال تيد بيكر لـ "اندنبندت"، "نعمل حالياً على تحسين منهجية تفتيش خدمات التوليد كي تساعدنا في فهم الأخطار وتحديدها بشكل أفضل، في إطار تطوير استراتيجيتنا المقبلة ونموذج تشغيلنا الجديد، ونطور ضمن هذه الجهود برنامج تفتيش لسلامة التوليد، قائم على مواجهة الأخطار، وسيتضمن تقويماً يركز بشكل أكبر على عنصر العلاقات، مثل العمل الجماعي والثقافة، وتجربة الموظفين والمرضى، بما في ذلك تفاوت نتائج العلاج النهائية بالنسبة لبعض الفئات. ما زالت التفاصيل الكاملة غير نهائية، لكن سنتمكن من إضافة مزيد من المعلومات مع تقدم مسار هذا العمل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جانبه، قال رئيس الكلية الملكية لأطباء التوليد و(الأمراض) النسائية الدكتور إدوارد موريس، "إن تحسين طرق التفتيش في مجال التوليد مهم، فيما نواصل تطوير فهمنا لأفضل سبل احتساب العوامل التي تزيد من أخطار عمليات التوليد.
وتشير دلائل قوية إلى أن ثقافة العمل الإيجابية والقيادة الفعالة تلعبان دوراً أساسياً في ضمان نتائج أفضل للنساء. نطمح من موقعنا ككلية أن نجعل المملكة المتحدة أفضل مناطق العالم وأكثرها أماناً من أجل الإنجاب، وهو ما يتطلب التصدي للمشكلات المؤسسية والثقافية، كما نقرّ بوجود تباين في مجال الصحة النسائية بما فيه التوليد. عقدنا يوم الجمعة أول اجتماع لفريق العمل المعني بالمساواة العرقية الذي يجمع قادة الأنظمة بالهيئات المحترفة ومجموعات المرضى، من أجل تقليص الفوارق المتعلقة بالعلاج".
وأعربت الكلية الملكية للقابلات القانونيات عن دعمها لعمليات التفتيش "الصارمة والشاملة". وقال متحدث باسم الكلية، "نعلم كيف يكون شكل العمل الجيد في خدمات التوليد، ونعرف أن موظفي أجنحة التوليد والأمومة يقصدون عملهم كل يوم ليبذلوا كل ما في وسعهم لخدمة النساء والأطفال والعائلات التي يدعمونها. وعلى الحكومة والمعنيين الحرص على تجهيز أجنحة خدمات التوليد والأمومة بالموارد التي تحتاجها، لتتمكن من تأدية هذا العمل، ولتصبح أفضل أجنحة تقدم خدمات توليد وأمومة على الإطلاق".
وللتذكير، فقد فتحت لجنة الصحة والرعاية الاجتماعية التي يترأسها جيريمي هانت (وزير الصحة السابق) تحقيقها الخاص برعاية الأمومة والتوليد هذا الصيف، استجابة للمخاوف التي أثيرت حول شروزبري وشرق كنت وأماكن أخرى. وقال هانت لـ "اندبندنت"، "مع أني أعتقد بأننا أحرزنا تقدماً، فما زال أمامنا كثير من العمل".
وخلال هذا الأسبوع، حث التحقيق في الوفيات التي كان بالإمكان تجنبها، الأهل الذين عانوا سوء رعاية التوليد في مستشفيات شرق كينت، على التقدم والإفصاح عن تجربتهم. وينظر التحقيق، بقيادة الدكتور بيل كيركب، الذي أشرف على تحقيق موركامب باي عام 2015، في حالات العائلات التي تأثرت بسبب الرعاية التي قدمتها هذه المستشفيات منذ عام 2009.
ولم يكشف التحقيق بعد في فضيحة التوليد في مستشفى شروزبري، بقيادة دونا أوكندن، عن النتائج التي توصل إليها، مع العلم أن عدد العائلات التي شملها التحقيق وصل الآن إلى أكثر من 1800.
© The Independent