كان التشخيص الإيجابي لدونالد ترمب بفيروس كورونا مسألة حتمية نوعاً ما، بالنظر إلى تهوره في معاكسة خطورة المرض ونفيه أي حاجة للناس لارتداء الكمامة.
لكن المرض، الذي يصيب الجهاز التنفسي، ينطوي على مخاطر شديدة بالنسبة لشخص يبلغ من العمر74 سنة، ويُعاني ظاهرياً من زيادة في الوزن. ويقول الأطباء إن كلا هذين العامليْن (السن والوزن) قد يجعلان أعراض الفيروس أكثر حدة.
وهناك أيضاً المشكلة التي يعاني منها في القلب، والتي أكّدها طبيبه السابق في البيت الأبيض، روني جاكسون، عندما قال للصحافيين في وقت مبكر من فترة ولايته، إن ترمب يعاني من مرض شائع في القلب. لكن هل هناك مرضٌ شائع حقاً يُغيّر وظائف القلب لدى شخص يبلغ من العمر 74 سنة؟ إن وضع ترمب ليس مطمئناً بالتأكيد.
ويُفسّر هذا إلى حد كبير قلق الديمقراطيين دائماً من مايك بنس، نائب الرئيس المخلص لترمب، والذي أصبح واقعياً على بعد خطوة قصيرة من أن يصبح الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة. ويعتبر عضو الكونغرس السابق عن ولاية إنديانا وحاكمها السابق أيضاً أكثر محافظة من ترمب، ولطالما أشار المحللون السياسيون إلى أنه لن يواصل فحسب أجندة ترمب، بل سيوجّهها بحدة نحو اليمين.
في غضون ذلك، يحث ترمب أنصاره على الخروج بأعداد غفيرة للتصويت ضد المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن ورفيقته عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا كامالا هاريس.
ومنذ أن أشارت هاريس عن طريق الخطأ إلى احتمال بروز "إدارة هاريس"، قبل أن تصحح نفسها بسرعة، استخدم الرئيس زلة اللسان تلك للتحذير من أن بايدن البالغ من العمر 77 سنة ليس أكثر من مرشح منشوري مصاب بالخرف سيتحكم فيه "اليسار الراديكالي" في حال انتخابه. ولكن الآن، بعد أن أصبح الرئيس مصاباً بفيروس كوفيد، انقلبت تلك الرواية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لقد حذر مديرو ألعاب القوى في الجامعات لأشهر من أن بعض الطلاب الرياضيين الذين أصيبوا بكوفيد-19 قد أصيبوا أيضاً بمشكلات في القلب بعد الفيروس، على رغم أن قلوبهم كانت بوضع صحي جيد وقوية. ويشير هذا إلى أن ترمب قد لا يتجاوز مرحلة الخطر بمجرد انخفاض درجة حرارته وتلاشي "الأعراض الخفيفة" لديه. وإذا واجه تعقيدات في المستقبل، ربما بعد إعادة انتخابه، فيمكن استدعاء "بنس" لأداء مهام مكتب الرئيس مؤقتاً أو - وهذا الكاتب بالتأكيد لا يتمنى موت أي شخص لأي سبب كان- اتمام الولاية الثانية المحتملة لرئيسه.
ما عدا...
كل ذلك بطبيعة الحال هو أقصى التخمينات في واشنطن، لكنها ممكنة بالتأكيد بالنظر إلى عمر ترمب ووزنه وحالة قلبه الموجودة مسبقاً.
ومع ذلك، هناك سيناريو آخر، ربما يكون الأرجح، وهو أن يخرج من مقر إقامته في البيت الأبيض في غضون أسبوعين وهو أشد قوة وأكثر نشاطاً.
يتمتع ترمب بجميع خصائص الشخصية الشريرة في كتب القصص الهزلية، وقد ابتكر عالمَه الموضوعي الخاص والمليء بقصص متداخلة ومعقدة. وهذا ليس من قبيل التحقير، بل في الواقع من قبيل المجاملة من شخص درس هذا الرئيس عن كثب لأكثر من أربع سنوات.
وفي هذا الصدد، لدي شك خفي، أو بالأحرى اثنان.
أحدهما، إذا سألت الرئيس عن نظرته إلى نفسه، سيصف لك ما يشبه شخصية قوية ومندفعة تتصرف بطريقتها الخاصة باستخدام قوى غامضة لهزيمة أعدائها. وهذه الطريقة ناجحة بالنسبة إليه، لذلك لا يزال، على رغم كل شيء، قاب قوسين أو أدنى من الفوز بولاية ثانية.
والآخر هو أنه، بعد أسبوعين على الأرجح من التغريدات الرئاسية المذهلة (داخل الحجر) والمكالمات المثيرة التي تستغرق 43 دقيقة مع "فوكس نيوز"، سيفتح باب البيت الأبيض وينطلق في الحملة الانتخابية كما لم يفعل من قبل.
وبطريقة ما، سيبرز أكثر قوة وسيُنظّم ثلاثة تجمعات في اليوم في البداية، ثم أربعة، وفي ولايتين في البداية، ثم في ثلاث ولايات في اليوم، وسط شعارات "احبسها!" و "نحن نحبك!"
سوف يهتف الموالون له بالموافقة على إيحاءاته العنصرية بينما ينتقل من ولاية حاسمة إلى أخرى لزيادة تصويت المحافظين، بإعلان فوزه على فيروس كورونا والعودة لإيقاف "الديمقراطيين المتطرفين المنتمين لأقصى اليسار" من تحويل الولايات المتحدة إلى جمهورية موز "اشتراكية" على الطراز الفنزويلي.
إن حالات الجدل تلو الجدل والأضرار تلو الأضرار التي ألحقها بنفسه، لم توقف دونالد جون ترمب ولم تساعد جو بايدن على تحقيق تقدم يصعب تجاوزه.
بالتالي، لماذا سيوقفه فيروس كورونا؟
© The Independent