نقلت وسائل الإعلام الصينية عن نائب محافظ بنك الشعب (البنك المركزي) دعوته إلى تسريع عملية طرح العملة الوطنية الرقمية وتوسيع نطاق التجارب الحالية لتشمل كل أنحاء البلاد. وتعد بكين من أوائل الدول التي خططت لطرح عملة وطنية إلكترونية منذ عام 2014، وبدأت أخيراً بتجربة استخدام "اليوان الرقمي" في مناطق عدة فيها كوسيلة دفع إلكترونية.
وتحاول الصين أن تحافظ على موقع ريادي في مجال العملات الرقمية بعدما بدأت دول غربية عدة واليابان في الاستعداد لتجريبها وطنياً، وتعتبر بكين نفسها سباقة ولا تريد التخلف عما يبدو نهجاً عالمياً.
والفارق بين إصدار البنوك المركزية لها وتلك المتداولة في السوق منذ سنوات، مثل "بيتكوين" وغيرها، مهم وأساسي، وحتى تلك التي سيطلقها موقع فيسبوك "ليبرا" ليست مضمونة من أي جهة رسمية وبالتالي فأي قيمة توضع فيها تعرّض صاحبها لخسارة من دون ضمانات، أما التي ستصدرها البنوك المركزية فمكفولة من الحكومة والخزينة العامة، وتستند قيمتها إلى عامل اقتصاد البلد الذي يطرحها.
التداول المزدوج
بدأت القيادة في بكين قبل أشهر في تطبيق إستراتيجية اقتصادية تركز على تعزيز نمو الطلب الداخلي بزيادة الإنفاق الاستهلاكي لوقاية الاقتصاد من الضغوط الخارجية في ظل التوتر الحالي بينها وبين والولايات المتحدة.
وتسعى حكومة الصين إلى استبدال كثير من معاملاتها النقدية، اليوان المطبوع، بـ "اليوان الرقمي" بشبكات دفع وتعامل مالي إلكترونيين (وهو ما أطلقت عليه "التداول المزدوج")، ما يساعد في زيادة تدوير النقد ونمو الإنفاق الاستهلاكي المحلي ليعوض احتمال تراجع الصادر نتيجة تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بسبب أزمة كورونا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونشرت مجلة "المالية الصينية" مقالاً كتبه تشين يولو نائب محافظ البنك المركزي جاء فيه، "علينا أن ندعم التداول المزدوج بابتكارات تعززها التكنولوجيا المالية، ونؤسس بنية تحتية مالية مستقلة وعالية الجودة، ونسرع وتيرة الأبحاث والتطوير للعملة الرقمية للبنك المركزي ولنضمن أن توضح التجارب والاختبارات الطليعية مدى سلامة هذه العملة وحماية أمن المدفوعات بها وضمانها".
وبدأت بكين بالفعل منذ أبريل (نيسان) هذا العام في تجربة "اليوان الرقمي" في أربع مناطق في البلاد. وتسعى الآن إلى توسيعها مع بدء دول أخرى هذا التجربة من بنوكها المركزية، مثل فرنسا أخيراً.
الواضح أن العملة الرقمية الوطنية لن تحل محل النقد تماماً، بل سيكون "تداولاً مزدوجاً" كما يقول الصينيون، وهذا ما أكدته أيضاً رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد في تصريحات خلال مشاركتها في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي المنعقدة حالياً، وقالت عشية بدء نقاش في الاتحاد الأوروبي لإصدار عملة رقمية لدول مجموعة اليورو (19 دولة) إن هذه العملة لن تكون بديلاً من "اليورو النقدي" بل مكملة له.
استبعاد الصين
أصدرت مجموعة من البنوك المركزية لدول ذات اقتصادات متقدمة الأسبوع الماضي تقريراً مشتركاً مع بنك التسويات الدولية يبحث في إمكانية التعاون بشأن تداول العملات الوطنية الرقمية لتفادي أي قيود على استخدامها في التحويلات المالية ما بين تلك الدول.
وضمت المجموعة البنك المركزي الكندي، بنك إنجلترا (المركزي البريطاني)، بنك اليابان (المركزي)، البنك المركزي الأوروبي، "ريكسبانك" (المركزي) السويدي، البنك الوطني السويدي، والاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي.
وترى بكين أن استبعادها من تلك المجموعة يعدّ "خسارة للأسرة المالية الدولية" وأنها ستعمل على توسيع شبكة تداول عملتها الرقمية (اليوان) في مناطق خارج الصين وعالمياً بمجرد حسم نتائج التجارب الأولية الحالية فيها.
وتعد الصين من الرواد في طرح استخدام هذه العملة، إذ بدأت أبحاثها بشأنها عام 2014 وأنشأت عام 2017 مؤسسة كاملة مخصصة لها. وبالفعل سرّعت جهودها في هذا المجال بعدما أعلنت شركة فيسبوك العام الماضي استعدادها لطرح "ليبرا" التي تعتمد تقنية الـ "بلوكشين" مثل "بيتكوين" وأمثالها.
الحاجة أكثر إلحاحاً
ثم جاءت أزمة كورونا، وما رافقها من إجراءات وقائية تفادياً من مخاطر تتعلق باستخدام النقود الورقية والمعدنية، وأصبحت الحاجة أكثر إلحاحاً لتسريع طرح "الرقمية" لتحل محل الأولى، بينما تظل متحكماً بها من قبل البنك المركزي.
وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، تقول السلطات الصينية إن استخدام الدفع بـ "اليوان الرقمي" في المناطق الأربع التي تتم تجربته فيها، حقق تقدماً يشجع على توسيع نطاقه في بقية مناطق البلاد وتسريع طرحه رسمياً.
بذلك تسبق بكين منافستها الإقليمية اليابان، التي أعلنت قبل أيام أنها ستبدأ تجريب "الين الرقمي" في التعاملات في بعض مناطق اليابان مطلع العام المقبل 2021، بينما ستستغرق مشاورات البنك المركزي الأوروبي ثلاثة أشهر على الأقل للتوصل إلى بدء تجريب "اليورو الرقمي" في منطقة اليورو.