في خطوة لها دلالتها على الوضع الذي يعيشه قطاع الاستشفاء في المملكة المتحدة في هذه المرحلة، اضطر أحد أكبر المستشفيات في البلاد إلى نقل المصابين بـ"كوفيد - 19" إلى أماكن أخرى، وسيعمل على رفض المرضى في قسم الحوادث والحالات الطارئة، لأن تزايد عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا يدفع به إلى استنفاد أقصى حدود طاقته.
وفي محاولة للتخفيف من الضغط الراهن، أكد كبار المسؤولين في "مستشفيات برمنغهام الجامعية" University Hospitals Birmingham UHB لصحيفة "اندبندنت"، أنهم سيغلقون للمرة الأولى أبواب المستشفيات الرئيسة الثلاثة التابعة لهيئة "الخدمات الصحية الوطنية" NHS أمام المرضى من غير ذوي الحالات الطارئة.
وفي هذا الإطار، فإن أي فرد سيحضر إلى المستشفى ولم يكن قد تعرض لحادث أو ليست لديه حالة طوارئ، فلن يُعالَج. وبدلاً من ذلك، سيتم الطلب من المرضى التوجه إلى طبيبهم العام، أو الاتصال برقم هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" NHS 111، أو العمل على الاعتناء بأنفسهم. ويقدّر المستشفى أن هذا الإجراء قد يؤثر على مرضى، من الممكن أن يصل عددهم يومياً إلى 330 شخصاً، ويساهم في الحؤول دون انتظار طويل للمرضى العالقين في سيارات الإسعاف بسبب الاكتظاظ في أقسام الحوادث والطوارئ.
وتأتي هذه الخطوة بعدما كانت مستشفيات عدة في ليفربول ونوتنغهام قد نبهت إلى أنها ستضطر إلى إلغاء بعض العمليات مرةً أخرى مع مستشفيات شمال شرقي إنجلترا التي تواجه موجات عدة من تفشي فيروس "كوفيد - 19". ووضعت مستشفيات نايتينغيل المخصصة للطوارئ في كل من مانشستر وساندرلاند وهاروغيت في حال تأهب، على الرغم من عدم وجود نية بعد لإعادة فتح مستشفى "نايتنغيل برمنغهام" في "المركز الوطني للمعارض" في المدينة.
أحد الأطباء في المستشفى قال لصحيفة "اندبندنت" "قمنا هذا الأسبوع بنقل مرضى كوفيد - 19 من مستشفيات برمنغهام الجامعية إلى مؤسسات استشفائية أخرى حيثما وكيفما كان، كي نتمكن من السيطرة على الأمور. نحن لم نصل بعد إلى مرحلة الاستنزاف، لكننا بلغنا حدود طاقتنا". وأضاف "أنه لأمر صعب. فطاقمنا يتألف من أطباء لامعين يقومون بعمل رائع، لكن من المنطقي أن يعرف الناس حقيقة الوضع الذي نعيشه. ويتعين على المستشفى أن يكون صادقاً مع العالم".
تجدر الإشارة إلى أنه كان يوجد داخل أقسام المستشفى أكثر من 210 حالات إصابة بفيروس كورونا، الجمعة الماضية، بينهم 19 حالة حرجة في جناح العناية المركزة. والخميس (الماضي) جاءت اختبارات نحو 314 شخصاً إيجابية لجهة الإصابة بفيروس "كوفيد - 19" في برمنغهام، بحيث سجلت المدينة معدل إصابات لليوم السابع بمعدل نحو 187 حالة لكل 100 ألف شخص، وهو رقم يبقى أقل بكثير مما سُجل في مناطق أخرى مثل ليفربول، حيث بلغ متوسط عدد الإصابات أكثر من 688 حالة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل، رجح طبيب استشاري آخر في قسم العناية المركزة في المستشفى، طلب عدم الكشف عن اسمه، ألا تتمكن الخدمات الصحية من التكيف مع الوضع القائم، إذا ما حاول المستشفى مواصلة إجراء عمليات مخطط لها مسبقاً في الوقت الذي يواجه فيه الضغط العادي الذي يحدث في فصل الشتاء، إلى جانب الارتفاع في حالات الإصابة بفيروس كورونا. وقال إن "السبب وراء نجاحنا في التعامل مع الإصابات التي وقعت خلال فصل الربيع يعود إلى قيامنا بتعليق كل شيء آخر خارج عن إطار العدوى أو بإلغائه. وإذا كنا سنحاول المضي قدماً في اعتماد سياسة العمليات الاختيارية خلال فصل الشتاء مع مرضى مصابين بكوفيد- 19 على نحو خطير، فلن نكون قادرين على التعامل بكفاءة مع جميع الحالات المرضية الطارئة. لا بد من القيام ببعض التنازلات في بعض الحالات". وأضاف "علينا أن نتواصل بصدق مع الجمهور. على الناس أن يفهموا أن هناك تبعات لأفعالهم، ليس فقط في ما يتعلق بفيروس كورونا، لكن أيضاً لجهة تناول الكحول ومشكلات الصحة العقلية، والحاجة إلى اعتناء بعضنا بالبعض الآخر. وإذا كان في إمكانكم تجنب الإصابة بأمراض هذا الشتاء، فنأمل أن تقوموا بما في وسعكم في هذا الإطار".
وأشار الطبيب الاستشاري إلى أن "الضغط الذي يلقيه الفيروس على كاهل الجسم الطبي يزداد حدة. إن عملياتنا الاختيارية تعمل بطاقة تناهز 75 في المئة مما كانت عليه، ومع ارتفاع معدلات قبول المرضى المصابين بالفيروس في المستشفيات، فمن غير المرجح أن نتمكن من القيام بأكثر من ذلك. إن العمل على نقل المرضى إلى مستشفيات أخرى ليس بأمر غير معتاد بالنسبة إلينا عندما نكون تحت الضغط، فنحن بالكاد نتمكن من التأقلم".
وأكدت مستشفيات برمنغهام الجامعية أنها أجرت ست عمليات نقل لمرضى فيروس "كورونا" إلى مستشفيات في ريديتش وورويك خلال الأسابيع الأربعة الماضية. وفي ذروة تفشي الوباء في أبريل (نيسان) الماضي، استقبل المستشفى أكثر من 700 مريض مصاب بفيروس كورونا ونحو 170 مريضاً في قسم العناية المركزة.
وقالت إدارة المستشفى لصحيفة "اندبندنت" "إننا نشهد ضغوطاً متزايدةً ومستمرة على مستشفياتنا خلال ذروة الموجة الثانية للوباء. ونتيجةً لذلك، وفي إطار سعينا إلى زيادة مستوى استجابتنا للوباء، سنقوم باعتماد بعض التدابير لضمان استمرارنا في تقديم الرعاية الصحية اللازمة بسرعة وأمان وعلى نحو مستدام، لمَن هم في أمسّ الحاجة إليها". وأضافت (إدارة المستشفى) "لقد التزمنا عدم العودة إلى نهج الرعاية الطبية في الممرات داخل أقسام الطوارئ لدينا، ولا يمكننا القيام بذلك بسبب قيود كورونا. لهذا السبب وغيره، يقضي المرضى فترات طويلة بشكل غير مقبول داخل سيارات الإسعاف. إن ذلك لا يشكل خطراً على أولئك المرضى فحسب، بل أيضاً على الذين يحتاجون إلى سيارة إسعاف لا يمكن أن تصل إليهم في الوقت المناسب".
وتابع بيان إدارة المستشفى "لذلك سنقوم بإغلاق الباب أمام هؤلاء المرضى الذين يمكن معاينتهم أو تقييم حالتهم بشكل مناسب من خلال قنوات طبية أخرى، كخدمة الاتصال NHS 111، أو من خلال الرعاية الذاتية أو في الرعاية الأولية. وفي حال جاء المرضى إلى أقسام الطوارئ الخاصة بنا ولم يكونوا قد تعرضوا لحادث أو طارئ ما، فلن تتم معاينتهم في المستشفى. وقد تم التوصل إلى قرار رفض قبول الحالات غير الطارئة بدعم من شركائنا والمنظمين العاملين في القطاع الصحي".
ولفت البيان في المقابل إلى أن "المستشفى لم يضطر بعد إلى إلغاء أي عمليات مخطط لها، لكنه نبّه إلى أن الأولوية ستُعطى للجراحات بناءً على تقييم (الحالات السريرية)".
وخلص إلى القول "نحن ندرك أن الأمر صعب بالنسبة إلى المرضى الذين يتعيّن عليهم تقبل إعادة جدولة رعايتهم الطبية الاختيارية، لكن يتوجب علينا في المقابل التأكد في الوقت ذاته من أن الرعاية التي نقدمها آمنة".
© The Independent