في مقابلة أجرتها نيكول كيدمان أخيراً مع صحيفة "نيويورك تايمز"، رفضت الممثلة الرد على أسئلة متعلقة بـ"ثقافة" النجومية الأنثوية، متجاهلة إصرار محاوِرها على أنها واحدة من النجمات الباقيات على قيد الحياة، ممن يجسدن "نجمة هوليوود الفاتنة" في نظر الجمهور. لم يكن تجاهلها مفاجئاً، إذ تشتهر كيدمان بأنها غامضة، وثمة رابط بين الجهل السحيق بشخصها وبين قوة حضورها على الشاشة.
واستطرداً، يعني هذا أنها غيرت نفسها بصورة حربائية، من خلال أنماط قصص من شأنها في العادة أن تحط من قدر ممثلين يتمتعون بمثل شهرتها.
قبل ثلاثين عاماً، لم تكن سوى وافدة أسترالية مرتبطة بـتوم كروز، الذي كان أشهر نجم سينمائي في العالم آنذاك، وتؤدي أدواراً رتيبة إلى حد كبير. بعد ذلك، خاضت أكبر معركة طلاق في التاريخ من الناحية المهنية على الأقل. وشاركت في أعمال ناجحة متتالية. وحصدت جائزة أوسكار نتيجة ذلك. ولم يؤثر فيها حتى سلسلة من الأعمال الكارثية السيئة (على غرار فيلم "مفتونة" Bewitched المندثر). وبفضل شغفها بالمخرجين المبدعين والشخصيات الصعبة والشائكة، أصبحت واحدة من نجوم هوليوود العمالقة الأكثر رسوخاً، وباتت رائعة بشكل لا يخيّب الظن، وجسورة في أسلوبها، وتعمل باستمرار من دون الشعور بأنها تظهر بإسراف.
واستطراداً، تقدم كيدمان أفضل ما لديها في مسلسل "الإبطال" The Undoing الجديد الذي يُعرض فترة محدودة عبر خدمة "سكاي أتلانتك". ويستند إلى قصة إثارة نفسية في كتاب يحمل العنوان نفسه وضعه جان هانف كورليتز. وتؤدي كيدمان دور طبيبة نفسية في حي "مانهاتن" النيويوركي متزوجة من طبيب مشكوك فيه (الممثل هيو غرانت)، مجسدة ذلك المزيج المألوف من الهشاشة والتحدي الصلب، وتتمتع بسلوك جنسي معقد وتفوّق جدير بالمشاهدة.
وتمهيداً لإطلاق العرض الأول للمسلسل في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، قمنا بتصنيف أروع عشرة أدوار لعبتها كيدمان حتى يومنا هذا.
10- سحر عملي (Practical Magic (1998
تتمتع كيدمان في فيلم "سحر عملي" بخفة ورشاقة إلى درجة تجعلك تتساءل لمَ لا تعاود أداء مزيد من هذا النوع من الأدوار؟. من خلال دور إحدى ساحرتين شقيقتين (لعبت دور الساحرة الأخرى ساندرا بولوك)، وشكلّت الطرف الفوضوي الذي يتمتع بدلال واضح وروح حرة ضمن هذا الثنائي. وستكون هناك موافقة جماعية لدى أنصار شَعر كيدمان المستعار، وهم كثر، على أن شعرها لم يبدُ أكثر جمالاً على الإطلاق مما هو عليه في هذا الدور.
09- مُدمِّرة (Destroyer (2018
على الرغم من أن التحول الجسدي الذي طرأ على كيدمان في فيلم "مدمرة" كان مُقحَماً، من تسريحة شعرها الشعثاء إلى وجهها الملطخ بالأوساخ، إلا أن ذلك لم يشتت الانتباه عن قوة تمثيلها. في دور شرطية محطمة في قوى أمن "لوس أنجليس" تحاول التعافي من ماضيها، تجسّد كيدمان شخصية امرأة غامضة مدمَّرة بسبب كل ما خسرته إلى حد أنها أصبحت ميتة بالنسبة إلى العالم. إنه عمل استثنائي نرى فيه كيدمان تغوص في أعماق اليأس مرة أخرى.
08- مارغو في العرس (Margot at the Wedding (2007
في ذلك الفيلم، ثمة ظلامية في أداء كيدمان تثير الاقشعرار. في دور البطلة، وهي روائية من مانهاتن تزور أختها المُبعَدة (الممثلة جينيفر جيسون لي)، تُعَدّ كيدمان تعريفاً للطاقة السيئة، بكونها شخصاً يغلف دخوله إلى مكان ما الأجواء بسحابة من الأحكام القلقة. في المقابل، لم تعمد كيدمان، وبطريقة ذكية، إلى إضفاء صبغة شريرة على شخصيتها، لكنها تتركنا نعرف أنها بشر، وأنها قوة التدمير المُدمَّرة أكثر من أي شخص آخر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
07- الساعات (The Hours (2002
عُرِف فيلم "الساعات" عالمياً لأسباب تشمل أيضاً الأنف الاصطناعي الذي مُنح لكيدمان كي تؤدي دورها فيه. ليست كيدمان الجزء الوحيد المذهل في هذا العمل الذي يشبه وحشاً يبتلعك بعظمته ثم يبصقك خارجه مرة أخرى. في المقابل، يمكننا القول إن كيدمان شكّلت الجزء الأكثر تأثيراً. في شخصية فيرجينيا وولف، تبدو كئيبة وبائسة ومتبلدة ويتسرب الاكتئاب من كل مساماتها. إن أداءها في هذا الشريط يدمي القلوب، ما جعلها تنال بجدارة أوسكار أفضل ممثلة في 2003.
06- مولان روج (Moulin Rouge! (2001
رفع هذا الفيلم كيدمان من مرتبة نجمة سينمائية جميلة إلى أسطورة ذات حضور ملتهب من نمط النجمة الشهيرة إليزابيث تايلور. لطالما تحدثت كيدمان عن عشقها تجربة تصوير هذا الفيلم الموسيقي الذي أخرجه باز لورمان، أكثر من أي عمل آخر شاركت فيه، ويبدو ذلك جلياً على الشاشة. في شخصية فتاة استعراض جذابة ومطلوبة تعمل في "مولان روج"، يتضح أنها تعيش حياة مأساوية في نهاية المطاف، لكنها تشع بريقاً وجلالاً. أظهر ذلك الدور كيدمان في أكثر أداءاتها الممسرحة، ما يجعل رفة العين أثناء مشاهدتها أمراً مستحيلاً.
05- عيون مغمضة على اتساعها (Eyes Wide Shut (1999
تمثل أحد الأمور المثيرة في فيلم "عيون مغمضة على اتساعها"، باختيار كيدمان وزوجها آنذاك، توم كروز، أداء دوري زوجين محطمين. إذ أدّت كيدمان شخصية الزوجة البائسة التي تنغمس في تخيلاتها الخاصة، وجسّد كروز شخصية الديوث القاسي. ويزيد ذلك من الرعشة التي يسببها العمل، لكنهما كانا مذهلين في الفيلم حتى لو تغاضينا عن العلاقة الحميمة التي تجمعهما في العالم الحقيقي. وتؤدي كيدمان الدور الأصغر حجماً، لكن وجودها يسيطر على الفيلم بأكمله، ما يعزز الشهوانية البارعة وحالة عدم الارتياح المضطربة التي يثيرها العمل. ويعتبر المونولوغ المتفرد الذي تتذكر فيه علاقتها مع ضابط بحري شاب، أفضل جزء في الفيلم.
04- فتى الجريدة (The Paperboy (2012
طغت المناحي الأكثر إثارة في فيلم "فتى الجريدة" على ما قدمته كيدمان من عمل حقيقي. صحيح أنها تتبول على زاك إيفرون في أحد المشاهد. وصحيح أنها تعيش رعشة جنسية على الملأ بعد إلقائها نظرة خاطفة على القاتل المتسلسل المسجون الذي كانت مهووسة به. يضاف إلى ذلك أن "فتى الجريدة" عمل مضطرب تماماً، لكنه يعكس بشكل أفضل قليلاً جرأة كيدمان كممثلة واحترامها التام لرؤية مخرج الفيلم، بغض النظر عن حجم المتاعب التي قد يسببها لها ذلك. إنها مثيرة هنا، وتمثل كابوساً حسياً غير مشذب وغير متوقع، تماماً مثل بقية الفيلم.
03- أكاذيب كبيرة صغيرة (Big Little Lies (2017
أول دور تلفزيوني مهم لكيدمان منذ بداياتها في أستراليا في ثمانينيات القرن العشرين، بدا بارعاً. بغض النظر عن وجود عديد من نجمات الصف الأول، من بينهنّ ريس ويذرسبون ولورا ديرن، فإن هذا المسلسل الذي عُرض مدة محدودة عبر شبكة "إتش بي أو" HBO (لن نتحدث عن موسمه الثاني الذي كان أقل مستوى) كان دائماً مسلسل كيدمان. في دور الأم وربة المنزل التي تعاني من العنف على يد زوجها (الممثل ألكسندر سكارسغارد)، قدمت كيدمان تناقضات الشخصية التي تثير التعاطف، مع مخاوفها وندمها ويأسها المفجع. هذا العمل الذي استنكره النقاد القصيرو النظر في البدايات بشكل مؤسف واعتبروه مسلسلاً عابراً، تطور بكل هدوء إلى عمل غير عادي، وشكّلت كيدمان الجوهرة نقطة المركز فيه.
02- يستحق الموت (To Die For (1995
جاء هذا العمل الكوميدي الوضيع والبذيء في المرحلة الانتقالية بين الفترة التي أدّت فيها كيدمان أدوار المحبوبة المحتملة الرتيبة، وبين فترة تجسيدها شخصية صديقة باتمان. جعل فيلم "يستحق الموت" هوليوود تستجيب لجرأة كيدمان في فترة اشتُهرت فيها بكونها زوجة توم كروز. لقد أدّت دور مقدمة نشرة جوية تلفزيونية ذات طموح لا يرحم ومتعطشة للشهرة، فيما سيصبح أحد أكثر الأداءات المؤثرة في السينما الحديثة، وتمهيداً لما قدمته ريس ويذرسبون في فيلم "انتخابات" Election في 1999 ومارغوت روبي في "أنا، تونيا" I Tonya في 2017، وحتى روزاموند بايك في فيلم "الفتاة المفقودة" Gone Girl في 2014. ويقصد بذلك تغليف كل تلك الطاقة المجنونة وعدم الارتياح المثير للاقشعرار، ضمن إطار مبهج.
01- ولادة (Birth (2004
ثمة مشهد متواصل مدته دقيقتان يركز من قُرب على وجه كيدمان في فيلم "ولادة"، يحدث بعد وقت قصير من معرفة الشخصية التي تؤديها أن زوجها الميت قد تقمص في جسد صبي يبلغ من العمر 10 سنوات. إنها تتخبط بين الرعب والمعاناة وشيء من الفرح، ومن ثم التصميم الحائر. إنه عمل يحبس الأنفاس. إن فيلم "ولادة" أصعب عمل في رصيد كيدمان السينمائي، ويمثّل دراما نفسية مخدِّرة، مثيرة للإعجاب ومزعجة للغاية في آن معاً. كما أنها تقدم فيه أفضل أداء لها، ويجب أن يصنف ضمن أعظم الأداءات السينمائية. إذ يشبه ما تقدمه في الفيلم الانهيار البطيء، كما أن جمالها الخجول يؤدي إلى سيل من الأحزان الصافية. وكذلك يؤكد جهد كيدمان الشجاع والتجريبي والتغييري في الفيلم، سبب كونها منذ فترة طويلة إحدى أكثر الممثلين إثارة في هوليوود.
© The Independent