فيلم "الساحرات" من إخراج روبرت زيميكس، وبطولة آن هاثواي، وأوكتافيا سبنسر، وستانلي توتشي، وجازير كاديم برونو، وكريس روك، وكريستين تشينويث. صنفته الرقابة في فئة "ينصح بوجود الأهل". ومدة عرضه 106 دقائق.
في الفيلم، تبدو المعالجة السينمائية التي قدمها المخرج نيكولاس روج في 1990 لحكاية الأطفال الكلاسيكية "الساحرات"The Witches للكاتب رولد دال Roald Dahl، رائعة حتماً.
هل نحن فعلاً بحاجة إلى نسخة أخرى؟ لا، لكن من الواضح أن الممثلة آن هاثواي استساغت هذه الفرصة. إذ يجعل أداؤها في هذا الفيلم الذي تؤدي فيه برشاقة الدور الذي مثلته أنجيليكا هاستون في السابق، مشاهدة الفيلم تجربة رائعة، والتغاضي عن أي هفوات أمراً ممكناً. وفي دور ليليث، تلك الساحرة الكبرى التي تشرف كذلك على عصابتها الخاصة من الساحرات المنتشرات في العالم، تمنح هاثواي رونقاً لكل كلمة وإيماءة تصدر عن الشخصية.
وبفضل ثوبها ذي الياقة الضخمة، وشعرها المستعار بتسريحة أرستقراطية، وسترتها المنقوشة بالمربعات، فإنها تتقمص كل جملة تنطقها. وكذلك تجعلها لكنتها الأوروبية في نطق بعض الكلمات تبدو كأنها تستقطب خبرات الممثلة مادلين كان في فيلم "بليزينغ سادلز" Blazing Saddles، وكل نجوم أفلام الرعب التي تنتجها شركة "هامر"، وشخصيتي بوريس وناتاشا من فيلم "روكي آند بولوينكل"Rocky and Bullwinkle" في آن معاً.
إنها تقدم الشخصية في إطار كوميدي، بينما بدت هاستن شريرة أكثر، بطريقة بارعة لكنها ليست أقل إمتاعاً.
وكي أكون منصفة، يتمتع الفيلم الذي أخرجه روبرت زيميكس بلحظات إلهام خاصة به. وكذلك يستثمر المؤثّرات البصرية البارعة والمبالغ فيها نفسها، التي تقف هذه الأيام عقبة في وجه كثير من الأفلام المناسبة للعائلة.
وقد استُبدِلت الأجواء الإنجليزية في رواية دال الخالدة الصادرة في 1983 [متحدثة عن ولاية] آلاباما في أواخر الستينيات من القرن العشرين. وتالياً، باتت الحكاية الآن [في فيلم "الساحرات"] متجذرة بصورة غامضة في ثقافة السود بالجنوب الأميركي، بطعامها (خبز الذرة وسرطان البحر الطازج)، وكلاسيكياتها الشعبية الموسيقية، وديانة الـ"فودو".
لا يغير هذا بالضرورة من طبيعة القصة (باستثناء أنه نقطة تسجل لصالح تعددية التمثيل في السينما)، لكنه على الأقل يتيح لزيميكس وضع بصمته الخاصة على الحكاية. ففي نهاية المطاف، إنه المخرج الذي صنع فيلمي "العودة إلى المستقبل"Back to the Future" و"فوريست غامب" Forrest Gump" وما زال قادراً، حتى في عمل ثانوي كهذا، على صوغ رؤيته المشرقة للهوية الأميركيةـ بجميع ألوانها المبالغ فيها ومواقع التصوير المرتبة بشكل دقيق جداً.
في منحى آخر، يكشف لنا الراوي (الممثل كريس روك في حضور مقتضب) حقيقتين أساسيتين هما إن الساحرات كائنات حقيقية، وإنهنّ يكرهن الأطفال. بعد ذلك، يغوص في حكاية نشأته المؤسفة. فعندما كان صبياً (لعب دوره جازير كاديم برونو)، أُرسِلَ بعد وفاة والديه المفاجئة إلى جدته أغاثا (الممثلة أوكتافيا سبنسر)، كي يعيش معها.
إنها [الجدة] الوصية التي يحلم كل شخص أن يكون تحت رعايتها، عندما يشعر بالإحباط، تتمكن من رسم ابتسامة على وجهه عن طريق الرقص في غرفة الجلوس على أنغام أغنية "سأساندك "Reach Out لفرقة "فور توبس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحين يشعر بالتخبط، تخرجه من روتين الإشفاق على النفس الذي يتبعه (إذ تقول له، "هل لدي شعور سيء؟ نعم. لكنني لا أشعر بالأسف"). وعندما تطرق ساحرة بابه، باحثة عن ضحيتها التالية، تنقله جدته على الفور إلى منتجع ساحلي فاخر بهدف حمايته. ويعج ذلك المكان بالأثرياء والبيض والمتنفذين، إذ إنّ "الساحرات لا يفترسن سوى الفقراء والمهمشين". لكن لم تكن لدى الجدة أدنى فكرة عن أن ليليث قد اختارت المكان نفسه للحفل السنوي لاجتماع عصبة ساحراتها، وقد جلبت هذا العام جرعة سحرية ستحوّل كل طفل على وجه البسيطة إلى فأر مسكين وعاجز.
في مقلب مغاير، تمثّل الخوف الأكبر [في الفيلم] على الدوام بعدم قدرة نسخة زميريكس من قصة "الساحرات" على مجاراة الرعب غير المسبوق الذي قدمه المخرج نيكولاس روج [في معالجته السينمائية للرواية نفسها].
ولا شيء هنا [في فيلم "الساحرات] بمثل بشاعة الخيال نفسه الذي تمكنت من ابتكاره شركة "جيم هينسونز كريتشر شوب" في المؤثرات البصرية في تسعينيات القرن العشرين، لا سيما اللحظة التي مزّقت فيها هاستون وجهها كاشفة عن عفريت يحمل تجعيدات مليئة بالقيح.
وفي المقابل، يشمل فريق عمل الفيلم [الجديد] الصادر في 2020، سيد أفلام الرعب المخرج غيليرمو ديل تورو، الذي شارك في كتابة النص إلى جانب زيميكس والممثل كينيا باريس، وتركت لمسته الحساسة المروعة أثراً واضحاً على الشاشة.
بصورة إجمالية، إن "الساحرات" فيلم مخيف، حصرياً في المعنى الجسدي المرعب للكلمة. وخلف الهيئة التي تتنكر بها الساحرات، يظهر إنهنّ يمتلكن أيادي ثلاثية غريبة، وأقداماً شبيهة بالجذوع، وترتسم على وجوههنّ ابتسامات عريضة كابتسامات التماسيح. في أحد المقاطع، تمد ليليث أذرعها كأنها مجسّات طويلة مفككة، بينما نسمع طقطات العظام المحطمة مع كل حركة.
في المقابل، في فيلم "الساحرات" جرت إزالة حتى أبسط المؤثرات العملية. وإذ بات ممكناً تشكيل أي مخلوق عن طريق الحاسوب، على غرار الأطفال الذين يتحوّلون إلى فئران، وزجاجات الجرعة السحرية، والقط الذي لا يفعل شيئاً سوى البقاء جالساً. لقد جرى الوصول بكل الأشياء إلى أقصى حدود الاصطناع. في أقل تقدير، يمنح فيلم "الساحرات" الممثلة هاثواي مساحة مبالغاً فيها بشكل مناسب، كي تقدم أداءها الخاص.
© The Independent