زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان أديس أبابا، الأحد الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، جاءت تلبية لدعوة من القيادة الإثيوبية، وكان في استقبال الضيف والوفد المرافق رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وعدد من الوزراء والمسؤولين الإثيوبيون، وتتناول الزيارة التي تستمر يومين الملفات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
عقيدة السلام والاستقرار
ووضعت أديس أبابا برنامجاً لزيارة رئيس مجلس السيادة السوداني الذي قام برفقة رئيس الوزراء الإثيوبي بجولة على المجمعات الصناعية بمنطقة أداما الصناعية، والمنطقة الصناعية شرق منطقة دوكام، ومدينة نازريت، وغيرها من المجمعات، كما جولات تعريفية بمعالم التحول بالعاصمة، والمنتزهات السياحية الحديثة داخل أديس أبابا وحولها.
أهم ملفات الزيارة
وتأتي زيارة البرهان تزامناً مع استئناف مفاوضات سد النهضة التي بدأت حالياً، بعد دعوة رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، إلى استئنافها، وأيضاً بعد كلام الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن الموضوع، وزيارة البرهان مصر نهاية أكتوبر (تشرين الأول).
وبحسب ما أعلنه الطرفان المصري والسوداني، فقد تصدر ملف سد النهضة المحادثات بهدف التوصل إلى صيغة اتفاق يحفظ لدولتي المصب حقوقهما المشروعة، ويزيل هواجسهما بشأن المياه، وهو ما خرجت به مفاوضات الطرفين في التمسك بالتوصل الى اتفاق ملزم قانوناً بشأن ملء سد النهضة وتشغيله.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
النهضة وثنائية السودان
ورأى مراقبون أن أهم دلالات الزيارة تتمثل في الدور الذي يمكن أن يلعبه السودان في هذا الملف، فهو شريك أصيل في قضية سد النهضة، ووسيط مقبول من الأطراف المعنية بالمفاوضات التي تجددت حالياً بإشراف لجنة الوساطة الأفريقية.
وأتت زيارة البرهان إلى إثيوبيا بعد تلبيته دعوة مشابهة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لزيارة مصر، ما يؤشر إلى أمل في التوصل إلى اتفاق شامل بين الأطراف، خصوصاً في ظل تفاؤل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي احمد الذي كان وصف مسار المفاوضات بإشراف الوساطة الأفريقية بالإيجابي.
ودور الوساطة لا ينكره السودان المتمسك في الوقت نفسه بنصيبه من مياه سد النهضة، وهذا الدور لفت إليه الرئيس الأميركي عندما حضّ رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك على لعب دور الوسيط لحل القضية، لكنه أخفق في مسعاه الذي بطّنه بالتهديد، واعتبرته إثيوبيا بمثابة خدمة لأجندته في الانتخابات الرئاسية.
وكان ترمب قال في اتصاله بحمدوك، "إن الإثيوبيين توصلوا إلى اتفاق حول السد، لكنهم خرقوه ولا يمكنهم أن يفعلوا ذلك، وإن الوضع خطير جداً، ومصر لا تستطيع أن تستمر على هذه الحال وسينتهي المطاف بنسف السد. لقد قلت ذلك سابقاً، وأقولها الآن بصوت عال: سينتهي المطاف بتفجيره".
إثيوبيا تدرك وتقدّر موقف السودان الداعم لها في مشروع سد النهضة، والذي تعتبره حقاً شرعياً كغيرها من دول بنت سدوداً داخل حدودها، فضلاً عن حقوقها في مياه تنبع من أراضيها، ولم يكن توقيع اتفاقية مبادئ الخرطوم سوى اعتراف لها بهذا الحق.
وبناء على ما تقدّم، يتفاءل المراقبون بإمكان تجاوز المفاوضات المتجددة حالياً عقبات المصالح الضيقة إلى وضع إستراتيجيات كبرى لمشاريع تعاون ما بعد مشروع السد.
هموم السلام الإقليمي
يربط المراقبون بين دعوة إثيوبيا البرهان إلى زيارة أديس أبابا (الزيارة الأولى له كانت في مايو (أيار) 2019 بعد تولية منصبه)، وهموم السلام الإقليمي في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة، وما ينبغي عمله للحفاظ على الاستقرار في ظل الظروف السياسية القائمة حالياً، لا سيما ما يتعلق بتداعيات ملف سد النهضة، واتفاقية السلام بين السودان وإسرائيل، مع الإشارة إلى أن الوفد السوداني المرافق للرئيس عبد الفتاح البرهان، المكون من وزير الخارجية المكلف، ومدير المخابرات العامة، ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية دليل إلى أهمية الملفات التي تتناولها هذه الزيارة التي شملت ايضاً مشاريع التعاون المحلية المشتركة بين البلدين لا سيما السكك الحديدية، والربط الكهربائي، والطرق البرية بين ميناء بورتسودان وشمال إثيوبيا، وتوسيع العلاقات التجارية بين البلدين وتنشيطها في ظل الظروف الجديدة التي يعيشها السودان بعد رفع الحظر والعقوبات الأميركية عنه.