يزداد الضغط على بوريس جونسون من داخل حزبه من أجل تحييد دومينيك كامينغز، أو التخلي عنه، في حين تشير تقارير إلى مغادرة كبير مستشاري داونينغ ستريت منصبه مع نهاية العام الحالي.
وترد هذه الأنباء في أعقاب الانسحاب الدرامي لأقرب حلفاء قائد حملة التصويت لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي، لي كاين.
وقال نواب محافظون (من صفوف الحزب الخلفية) Tory backbenchers لـ"اندبندنت"، إن استقالة كاين من منصب مدير الاتصالات يجب أن تمثل فرصة لرئيس الوزراء من أجل إعادة تشكيل إدارته، واستقدام أصوات من خارج ما سماه أحد النواب "فرقة الأولاد لاستعادة السيطرة" (وهو لقب يطلق على كامينغز وأعوانه المتشددين في مساعيهم للخروج من أوروبا وإعادة القرار إلى بريطانيا).
ووردت أنباء ليلة أمس عن إخلاء كامينغز مكانه في داونينغ ستريت بحلول عيد الميلاد، وفقاً لـ"بي بي سي"، التي نقلت الخبر عن مصدر كبير داخل رئاسة الوزراء، لكن بدلاً من المطالبة بتغيير في الوجهة السياسية (للحكومة الحالية)، قال النواب إنهم يريدون وضع حد لما يعتبرونه فترة توجيه غير كفء وغير حازم من مركز القرار.
وقال أحد النواب "ليست المسألة خلافاً حول السياسات. كل ما يريده النواب هو رؤية الأشخاص الموجودين داخل رئاسة الوزراء يعملون بتعاون أكبر وثبات أكبر ومهنية أكبر. وإن لم يكونوا قادرين على ذلك، ما عليهم سوى إعطاء الفرصة لغيرهم ممن يمكنهم إنجاز هذه المهمة. نحن أقدم الأحزاب السياسية في العالم الديمقراطي، وأنجحها، وفي بعض الأحيان خلال الأشهر القليلة الماضية، كان المشهد أقرب إلى مشاجرة بين مجموعة من الهواة في إحدى الحانات".
وتؤيد كتلة الحزب البرلمانية كثيراً مسألة تعيين كبير موظفين في مكتب رئاسة الوزراء، لكن النواب أعربوا عن رغبتهم برؤية شخصية برلمانية مخضرمة لديها حس سياسي عالٍ تقف إلى جانب رئيس الوزراء من أجل تغيير تأثير كامينغز.
وفي بيان استقالته مساء الأربعاء، حرص كاين (مدير الاتصالات المستقيل) على ذكر العرض الذي قدمه له رئيس الوزراء بتولي منصب كبير الموظفين، لكن داونينغ ستريت رفض الإفصاح يوم الخميس عما إذا كان جونسون ما زال يبحث عن شخص يشغل هذا المنصب، ما أثار التكهنات بأن العرض قد قدم لمدير الاتصالات في محاولة لإبقائه ضمن الفريق، وسيظل مديراً للاتصالات حتى نهاية العام، حين سيؤول المنصب إلى جيمس سلاك، الذي عمل ناطقاً رسمياً في إدارة جونسون وسلفه تيريزا ماي.
وبينما لم يقدم كامينغز استقالته، قال لمذيعة "بي بي سي"، لورا كوينسبيرغ، أمس "لم يتغير موقفي منذ المنشور الذي كتبته في مدونتي في يناير (كانون الثاني) الماضي"، في إشارة إلى المنشور الذي صرح فيه بأنه سيسعى "إجمالاً إلى إخلاء" منصبه في غضون سنة.
وكان كاين اليد اليمنى لكامينغز في حملة التصويت على المغادرة في 2016، وحتى بعض النواب المؤيدين لـ"بريكست" شعروا بالضيق لرؤية الثنائي، بالإضافة إلى غيرهما من أعضاء فريق الاستفتاء، وقد زرعا كما زرع حراس الإمبراطور إلى جانب رئيس الوزراء بعد دخوله داونينغ ستريت.
ومع أن الكثيرين شعروا في البدء بالانبهار إزاء براعتهما في الفوز بالتصويت على الاستفتاء وفي انتخابات ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ساد الشك أيضاً بأن ولاءهما ليس للحزب، الذي لم ينضم كامينغز إلى عضويته، بل لمشروعهما السياسي الخاص، كما عيل صبر كثيرين بكامينغز حين قام بتلك الرحلة إلى منطقة درهام Durham وخرقه قوانين الحظر، وقد وجه العشرات عندها انتقادات علنية لكبير مستشاري رئيس الوزراء؛ بسبب عدم اعتذاره عما بدر عنه.
ويوم الخميس كرر بعض النواب مطالبتهم العلنية له بالرحيل، في حين أعرب آخرون في الكواليس عن أملهم في أن تكون التقارير التي قالت إنه يدرس أمر المغادرة صحيحة.
وقد عبر المنتقد البارز لكامينغز، السير روغر غايل، بوضوح عن رغبته برحيل المستشار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال النائب عن دائرة نورث ثانيت لـ"اندبندنت": "أعتقد أن كامينغز قد قوض موقعه منذ أشهر عندما قام برحلته إلى بارنارد كاسل. وبصرف النظر عما إذا كان عليه المغادرة الآن، عليه ألا يكون في منصبه. لقد سمح لرئيس الوزراء بأن يرتكب أخطاء كثيرة مؤخراً".
ولم يُخفِ روغر تبرمه من الاقتتال الداخلي في رئاسة الوزراء "وسط جائحة، وأخطر وضع تمر به البلاد منذ الحرب (العالمية)، وفي ظل وصول المباحثات بشأن علاقاتنا المستقبلية مع أوروبا إلى ذروتها. ليس لدينا الوقت بصراحة كي نسمح لأنفسنا بالتصرف كتلامذة المدرسة الذين يلهون في داونينغ ستريت".
ودعا إلى تعيين شخصية برلمانية مخضرمة، ربما من مجلس اللوردات، في موقع كبير موظفين يمكنه "أن يقول لرئيس الوزراء ما يحتاج إلى سماعه، وليس ما يريد أن يسمعه".
وقال أحد النواب إن الزملاء "أغرقوا" مسؤولي الانضباط في الحزب يوم الأربعاء بمخاوفهم حول التقارير القائلة إن جونسون "يستعد" لتعيين كاين في منصب كبير الموظفين، لأنهم اعتبروا ذلك بشكل أساسي خطوة من شأنها الحد من الآراء التي تقدم لرئيس الوزراء بدلاً من فتح المجال أمام تلقيه نصائح تساعده في تفادي الفخاخ السياسية الواضحة التي وقع فيها خلال الأشهر القليلة الماضية.
وفي الوقت الذي أقر فيه بجهود كاين الحثيثة في خدمة الرجل الذي يدعوه "الرئيس"، قال أحد النواب إنه وكامينغز "يتمتعان بعقلية تصلح لتنظيم الحملات وليس الحكم"، ولم يفلحا في العبور "من الصراع لكسب السلطة إلى استعمالها فعلياً".
وقال النائب "هؤلاء الأشخاص ليسوا من حزب المحافظين، و95 في المئة من النواب لم يلتقوهم حتى. هم محرضون محترفون ومحاربون سياسيون هدفهم في الحياة بث الاضطراب وتعطيل الأمور. وهذه فرصة من أجل إعادة تشكيل الفريق داخل مقر رئاسة الوزراء ليصبح متناغماً بشكل أكبر بكثير مع كتلة الحزب البرلمانية وحركة المحافظين الأوسع، وهي فرصة لرئيس الوزراء كي يوسع ويعمق مجموعة الكفاءات. وعلى أي زعيم أن يتذكر أن الحزب البرلماني يعطي الفرصة لنائب كي يصبح زعيماً، وهو قادر في الوقت ذاته على سحبها منه. لم نصل إلى هذه المرحلة بعد مع بوريس، لكن الصبر والمجال المتاحين لتقبل الأخطاء غير الضرورية قد تبخرا". وقال أحد المشككين المخضرمين في جدوى عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بيتر بون لـ"اندبندنت" إن نواب حزب المحافظين "يشعرون بشيء من الاستياء بسبب عدم الإصغاء إليهم، ويريدون أن يكون كبير الموظفين داخل فريق جونسون شخصاً يعرف الحزب، ولديه علاقة حقيقية مع النواب". وقد دعا بون إلى رحيل كامينغز عندما أذيع نبأ رحلته إلى درهام، وأوضح أنه لم يغير موقفه، لكنه أضاف أن النقطة الرئيسة التي تهم عديداً من نواب حزب المحافظين ليست بالضرورة إزالة المستشار من منصبه، وإنما الحيلولة دون إحاطة رئيس الوزراء بحلفاء كامينغز.
وقال "إن فائدة وجود كبير موظفين هو أن يكون لدى رئيس الوزراء أكثر من رأي واحد يستند إليه. لا أقول إنه على رئيس الوزراء طرد كامينغز من منصبه إن أراد له البقاء، لكن يجب ألا يكون الحارس الوحيد برأيي. نحن بحاجة إلى شخص لا تربطه علاقة بكامينغز، كي يتسنى له الاطلاع على أكثر من وجهة نظر واحدة".
وسأل النائب عن دائرة ويلينغبورو داخل قاعة مجلس العموم إن كان رحيل كاين مرتبطاً بالتحقيق الحالي حول تسريب خطط جونسون بشأن فرض إغلاق ثانٍ.
ورداً على السؤال، قال رئيس الشؤون البرلمانية في حزب المحافظين، جايكوب ريس – موغ، إن استقالة مدير الاتصالات ستشكل "خسارة للحكومة". ووصفه ريس - موغ قائلاً إنه "موظف حكومي رائع، وشخص لعب دوراً أساسياً في ضمان نجاح حملة التصويت على مغادرة الاتحاد الأوروبي، وشخص قدم مساهمة هائلة في هذه الحكومة"، لكن أحد النواب المحافظين الجدد الذين فازوا في انتخابات 2019 قال إن نواب مقاعد ما يسمى "الجدار الأحمر" في ميدلاندز وشمال إنجلترا يريدون تغييراً من أجل وضع حد للرسائل المتضاربة والالتفافات التي تجعل دوائرهم الانتخابية عرضة للعودة إلى حضن حزب العمال.
وقال النائب "نريد أن ندعم الفريق، لكن لدينا كثيراً من الناخبين في دوائرنا الذين انتقلوا تواً إلى جهة المحافظين، ونحتاج إلى إقناعهم بالبقاء معنا. لدى الحزب فرصة كبيرة في التشبث بهؤلاء الأشخاص، لكن يمكنكم أن تروها وهي تضيع من بين أيدينا بسبب أمور مثل الوجبات المجانية في المدارس. من المحبط الرد على الرسائل الإلكترونية كي نشرح لماذا لا تنفذ الحكومة مقترحات ماركوس راشفورد، قبل أن نعاود في اليوم التالي إرسال كمية ثانية من الرسائل الإلكترونية نقول فيها العكس. نحتاج إلى تماسك أكبر في المركز".
© The Independent