وسط تحركات عدة يتخذها الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب، لإثبات مزاعمه بشأن تزوير الانتخابات الرئاسية، أقال، أمس الثلاثاء، كريس كريبس مدير وكالة الأمن السيبراني، الذي أعلن أن الانتخابات "كانت الأكثر أماناً في تاريخ الولايات المتحدة".
وقبل إقالة كريبس، قالت سيدني باول، المحامية التى تمثل ترمب، الأحد الماضي، في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، إن مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل "يجب أن تُطرد"، لعدم اعتراضها على استخدام برامج إلكترونية للانتخابات، كانت السبب في تزوير النتيجة لصالح الرئيس المنتخب جو بايدن، في إشارة إلى مشكلات تتعلق بنظام التصويت "دومينيون" الذي استخدمته الولايات الأميركية في الانتخابات، زاعمة أن هاسبل "تجاهلت تحذيرات سابقة بشأن البرنامج".
ويصر ترمب على أن نظام "دومينيون" حذف ملايين الأصوات التي كانت في صالحه، وقالت باول إن هناك كثيراً من "المخالفات" تتعلق بالبرنامج، لافتة إلى مشكلاته في بلدان أخرى، ومؤكدة أنه عندما تكتمل طعونها القانونية سيجري إلغاء نتائج الانتخابات.
ما هو "دومينيون"؟
تعد أنظمة التصويت "دومينيون" واحدة من أكبر شركات تكنولوجيا التصويت بالولايات المتحدة. وتوفر الشركة المنتجة، التي يقع مقرها في دينفر بولاية كولورادو، آلات التصويت لأكثر من 30 ولاية أميركية، إذ تمسح الآلات أوراق الاقتراع وجدولة الأصوات.
وتتمثل أزمة الانتخابات، التي أجريت في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في استخدام هذه الآلات بالولايات ذات الهوامش الضيقة للغاية بين المرشحين، بما في ذلك أريزونا وجورجيا وميشيغان ونورث كارولينا ونيفادا وبنسلفانيا.
وبحسب شبكة "فوكس نيوز"، وجد كثير من المسؤولين المنتخبين في الولايات "ثغرات معينة" في جورجيا وميشيغان، على الرغم من أن الشركة تجاهلت أي لوم. وفي تقرير سابق، قالت مجلة "نيوزويك"، على الرغم من أن برنامج "دومينيون" قد واجه بعض الثغرات في أثناء الانتخابات، فإنها اكتُشفت وصُححت بسرعة، وكانت المشكلات إلى حد كبير "بسبب خطأ بشري".
وأثارت مقاطعة أنتريم في ميشيغان الشكوك بشأن فوز المرشح الديمقراطي، باعتبارها تميل إلى التصويت للمرشحين الجمهوريين عادة. وبمراجعة أصوات المقاطعة يدوياً بعد الشكوى من "دومينيون"، اتضح أن آلاف الأصوات الخاصة بترمب ذهبت "عن طريق الخطأ" إلى بايدن، على الرغم من أن وزيرة الخارجية بالولاية اعتبرت الأمر "مجرد حادثة طارئة".
ودعا عضوا مجلس الشيوخ الجمهوريان في ميشيغان، لانا ثيس وتوم باريت، وزيرة خارجية الولاية جوسلين بنسون، إلى متابعة تدقيق شامل قبل التصديق على نتائج الانتخابات. واستشهدا في رسالتهما بـ "المزاعم الخطيرة" المحيطة بـ"خلل" في مقاطعة أنتريم، إضافة إلى "سوء التعامل" مع بطاقات الاقتراع.
لكن، عارضت الشركة المنتجة هذه المزاعم، وقالت في بيان على موقعها الإلكتروني، "ترفض أنظمة التصويت دومينيون بشكل قاطع التأكيدات الكاذبة حول مشكلات استبدال الأصوات في نظام التصويت الخاص بنا". وأشارت إلى ظهور "أخطاء بشرية" تتعلق بتسجيل نتائج مغلوطة في عدد قليل من المقاطعات، بما في ذلك بعض المقاطعات التي تستخدم معدات "دومينيون"، مؤكدة اتخاذ إجراءات لمعالجة هذه الأخطاء.
علاقة الشركة بالديمقراطيين
تزعم بعض وسائل الإعلام الأميركية المؤيدة للرئيس المنتهية ولايته، أن مسؤولي شركة "دومينيون"، "على صلة قوية بالحزب الديمقراطي"، وأن الشركة تبرعت بمبالغ تتراوح بين 25 و50 ألف دولار لمؤسسة كلينتون المملوكة للرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون وزوجته هيلاري. ويقول بعض المؤيدين إن تحديثات أجريت على برامج التصويت في الليلة السابقة للانتخابات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وزعم رئيس نادي نيويورك يونغ الجمهوري، جافين واكس، أن الديمقراطية كيلي غاريت، عمدة بلدية لاثروب في ميشيغان، وهي بلدة صغيرة تقع في ضواحي ديترويت، كانت تعمل مدير مشروع لدى "دومينيون"، وأنها أبرمت عقداً بقيمة 25 مليون دولار مع ولاية ميشيغان في ذلك الوقت. وأضاف أنها تركت الشركة العام الماضي لتنخرط بشدة في سياسات الولاية، ولديها فهم كامل لآلات التصويت في الولاية المتأرجحة.
ومع ذلك، رفضت الشركة مزاعم التحيز الحزبي، مؤكدة أنها تعمل مع جميع الأحزاب السياسية، وأن قاعدة عملائها وممارسات التواصل الحكومية لديها تعكس نهجاً غير حزبي. ووفقاً لوكالة "أسوشيتد برس"، فإن "دومينيون" كانت قد تعهدت التزاماً خيرياً لمرة واحدة في اجتماع مبادرة كلينتون العالمية عام 2014، مضيفة أن مؤسسة كلينتون ليس لديها أي علاقات أو مشاركة في عمليات "دومينيون".
مدير وكالة الأمن السيبراني
من جانبها، رفضت وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية التابعة لوزارة الأمن الداخلي "المزاعم حول برنامج التصويت"، ووصفت الانتخابات بأنها "الأكثر أماناً في التاريخ الأميركي". وقالت الوكالة، في بيان الأسبوع الماضي، بالاشتراك مع ائتلاف خبراء الأمن والجمعية الوطنية لمديري انتخابات الولايات، "ليس هناك أي دليل على حذف أصوات أو فقدها أو تعديلها، أو اختراقها بأي شكل من الأشكال".
وأدى إصرار الوكالة على عدم حدوث خطأ، إلى إثارة غضب ترمب ودفعه إلى إقالة مديرها، وكتب في تغريدة على "تويتر"، "البيان الأخير الصادر عن كريس كريبس بشأن أمن انتخابات 2020 لم يكن دقيقاً بتاتاً. حدثت مخالفات وعمليات تزوير واسعة النطاق". وأضاف "لذلك، وبقرار يسري مفعوله فوراً، تمّت إقالة كريس كريبس من منصب مدير وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية".
ويعود الخلاف بين ترمب وكريبس إلى ما قبل الانتخابات، إذ عارض رئيس وكالة الأمن السيبراني في كثير من الأحيان مزاعم الرئيس المتكررة حول تزوير الاقتراع عبر البريد. وفي الأيام التي تلت الانتخابات، تبنّى كريبس نهجاً أكثر وضوحاً عبر حسابه على "تويتر"، داعياً إلى التحقق من صحة الادعاءات ونظريات المؤامرة التي يروج لها الرئيس وحلفاؤه.
وفي 7 نوفمبر، أعلنت وكالة "أسوشيتد برس" وشبكة "سي أن أن" و"فوكس نيوز" وشبكات تلفزيونية أخرى، فوز بايدن ونائبة الرئيس المنتخب كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية، قائلة إنه حصل على غالبية الأصوات في ولايتي نيفادا وبنسلفانيا المتأرجحتين، ليتجاوز 270 صوتاً انتخابياً مطلوباً للمطالبة بالفوز.
لكن ترمب رفض التنازل، مدعياً أن منافسه فاز بتزوير أصوات الناخبين على نطاق واسع. وفي حين سارع عدد قليل من الجمهوريين في الكونغرس إلى الاعتراف بفوز بايدن، فإن عدداً آخر لزم الصمت أو ساند علناً الاتهامات بالتزوير التي أطلقها ترمب. وفي ظل غياب عناصر ترجح فرضية حدوث تزوير خلال الانتخابات، رفضت محاكم أميركية غالبية الطعون القانونية التي قدمها محامو ترمب.