لم يكن إلا الأمل سلاحاً للفلسطينيين، أسامة الأشقر ومنار خلاوي عندما قررا الزواج على الرغم من كونهما يعيشان في عالمين منفصلين. فالأشقر أسير منذ 18عاماً في السجون الإسرائيلية، وخلاوي حرة طليقة.
"كالارتباط بالمجهول، ولإعطاء أسامة دفعة من الأمل"، كانت موافقة الشابة على الزواج من الأسير الفلسطيني المحكوم عليه بالسجن "ثمانية مؤبدات"، بالإضافة إلى 50 عاماً.
وكانت حكاية تعارفهما غريبة عجيبة، كما هي ظروف عقد قرانهما الأسبوع الماضي، بعد نحو عام على خطبتهما وثلاث سنوات على تعارفهما.
اعتقال قريب خلاوي
بدأت حكايتهما مع اعتقال الجيش الإسرائيلي أحد أقرباء خلاوي، إثر تنفيذه عملية طعن، فقد أصيب بجروح قبل اعتقاله، وكان الأشقر هو من قدم له الرعاية والاهتمام داخل سجن ريمون حتى تعافيه.
أخبار هذا الاهتمام وصلت إلى عائلتي المعتقلين، ثم صارت علاقة صداقة بين الطرفين، وبدأ معها إعجاب عائلة خلاوي بالأشقر، وسيرته وأخلاقه وتضحياته.
لم تتحول الصداقة العائلية إلى إعجاب بين الأشقر وخلاوي، إلا بعد انهماكهما بقراءة ما يكتبانه في الصحف ويقولانه في الإذاعات المحلية حول قضية الأسرى ومعاناتهم.
وقبل أن يبدأ التواصل المباشر بينهما عبر أجهزة الموبايل المهربة في السجون، كانت الرسائل وسيلتهما لتبادل الأحاديث عن شؤون الأسرى.
إصرار وحياة صعبة
بعد اتفاقهما على الزواج، بقيت خلاوي ستة أشهر تحاول إقناع عائلتها بفكرة الارتباط بأسير محكوم عليه بالسجن لثمانية مؤبدات.
ومع إصرارها، وافقت عائلتها على ارتباطها به قبل أن تأتي عائلته لخطبتها العام الماضي، في ظل رفض واستغراب المحيطين بهما.
والأسبوع الماضي، وفي حفل عائلي ورسمي وشعبي في مدينة رام الله، عقد قران خلاوي والأشقر، بالتزامن مع تخرجه في جامعة القدس وإطلاقه كتابه الأول.
وتقول خلاوي إن "أسامة فاتحني عبر الهاتف بإعجابه بي، ورغبته بالزواج"، مشيرة إلى أن طريقهما سيكون صعباً، و"قد لا يخرج من السجن مطلقاً".
وتصف خلاوي لحظة عقد قرانها بالأشقر أنها "انتصار على الظروف وإسرائيل، وعلى كل من عارض فكرة ارتباطنا"، مشيرة إلى أن زواجهما سيوفر لها "تصريح مرور" لرؤيته في سجن جلبوع الإسرائيلي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا تسمح السلطات الإسرائيلية إلا للأقارب من الدرجة الأولى بزيارة الأسرى في السجون، الذين يبلغ عددهم حالياً أكثر من 5 آلاف أسير.
وعن شعور الأشقر بعد عقد قرانهما، تقول إنه "كمن يعيش في قبر، وفتحت له نافذة يشع منها الأمل بحياة جديدة خارج السجن ولو بعد حين".
وأكدت خلاوي أنها ستواصل معه مسيرتهما التعليمية حتى نيلهما شهادتي الماجستير والدكتوراه.
ويبقى أمل حصول صفقة لتبادل الأسرى كطريق وحيد للإفراج عن الأشقر، في ظل تخطيطه مع خلاوي للإنجاب عبر تهريب النطف المنوية في حال طالت مدة سجنه.
ويتناول الكتاب الذي أصدره الأشقر تفاصيل الحياة اليومية للأسرى في السجون، والمواقف التي تحصل لهم، بالإضافة إلى حروب الظل المتعلقة بأنشطة جهاز الاستخبارات الإسرائيلية داخل السجون وخارجها.
ويأتي الكتاب كتتويج لمشروع بدأه الأشقر عام 2009، يقوم على بعث رسائل للمتضامنين مع القضية الفلسطينية، والكتاب لإيصال صوت ومعاناة الأسرى إلى العالم أجمع.