تمتد مسيرة الحكم التونسي علي بن ناصر على مدى 20 عاماً من التحكيم دولياً وأفريقياً ومحلياً، إذ أدار كثيراً من المباريات، لكن تبقى المباراة التي جمعت المنتخبين الأرجنتيني والإنجليزي في مونديال 1986 علامة فارقة في تاريخ الرجل، إذ شهد اللقاء هدفاً تاريخياً سجّله الأسطورة مارادونا بيده، عُرف بعدها بهدف "يد الله"، واحتسبه بن ناصر.
"اندبندنت عربية" التقت الحكم التونسي، ليكشف كواليس احتساب الهدف، وكيف تلقى ردود الفعل بعد المباراة، وإذا كان قراره أثر في مسيرته التحكيمية التي امتدت إلى تسعينيات القرن الماضي، وكذلك عن الصداقة التي جمعته بمارادونا، وقصة القميص الذي أهداه إليه دييغو.
الشك ساورني
في بداية حديثه، عبّر بن ناصر عن حزنه العميق على رحيل مارادونا، قائلاً وبلهجة حزينة وحاسمة في آن، "لن تلد كرة القدم العالمية لاعباً في قيمته". وحينما سألناه عن حيثيات احتساب الهدف قال الحكم التونسي، بعدما مال برأسه إلى الخلف وكأنه يسترجع التاريخ، ليبدأ في سرد ما جرى، "صراحة، الشك ساورني بخصوص شرعية الهدف، لكن تعليمات الاتحاد الدولي لكرة القدم الصارمة، كانت تلزمني بأخذ رأي الحكم المساعد، وكان البلغاري الراحل لوتشاف. استشرته فأكد شرعية الهدف، وهو متجه إلى وسط الميدان، فاحتسبته".
وعن ردود فعل لاعبي المنتخب الإنجليزي عقب إعلان الهدف، أضاف بن ناصر، "طعنوا على هدف مارادونا، وقالوا إنه باليد، ومن ثمّ غير شرعي، لكنهم صراحة أبدوا روحاً رياضية عالية. أتذكر وقتها اللاعب الإنجليزي لينيكير، وهو قائد الفريق، احتج على الهدف، لكنه كان احتجاجاً بأخلاق رياضية".
كنت مجبراً
ويتذكر الحكم التونسي أحداث الـ 90 دقيقة قائلاً، "الشوط الأول كان ممتازاً وانتهى بالتعادل السلبي. كنت في أوج اللياقة البدنية، رغم حرارة الطقس المرتفعة (42 درجة)، وأمام أكثر من 120 ألفاً من الجماهير. بينما في الشوط الثاني حدث ما حدث".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويحكي بن ناصر، "مارادونا كان في موقع تسلل، لكن بما أن الكرة جاءته من المنافس فألغي التسلل، ووقتها الحارس بيتر شيلتون كان وجهاً لوجه مع دييغو، صعدا معاً من أجل الكرة. رأيت يدين في الهواء، وكنت وراءهما، ضرب الأسطورة الكرة بقبضة يده، وكنت قريباً من اللقطة، وأنظر إلى زميلي الحكم المساعد، وعلى الرغم مما كان يساورني من شك حول شرعية الهدف، فإني عملت بقراره".
ويضيف، "كنت مجبراً على قبول قرار الحكم المساعد، فمنحت الهدف شرعيته. وحقيقة أتحمل المسؤولية وتبعاتها كذلك، لأن حكم الساحة عليه أوزار المباراة كاملة".
طبقت التعليمات
وحول إذا ما أثرت لقطة الهدف في سير المباراة، قال الحكم التونسي، "أعتقد أنني أكملت إدارة اللقاء إلى نهايته بمستوى عال، وما حدث لم يؤثر في مسيرتي التحكيمية عموماً، والدليل أن صافرتي ظلت تدوي بالملاعب حتى عام 1991 وأدرت أصعب المباريات".
وزاد، "رئيس الكونفدرالية الأفريقية بعد المباراة أثنى على مجهودي، ومدرب إنجلترا قال إنني طبقت تعليمات الاتحاد الدولي لكرة القدم، ملقياً باللوم على الحكم المساعد لوتشاف".
ومثلما بدأ بن ناصر حديثه بمارادونا، ختمه أيضاً بصداقته مع الأسطورة الأرجنتيني، يقول "عام 2015 زارني دييغو وزوجته في منزلي بتونس، قضينا أمسية لا أنساها، أعجب خلالها مارادونا بالحلويات التونسية، وأهداني قميصاً ممهوراً بعبارات الحب والتقدير (إلى صديقي الدائم علي)".