أشارت أدلّة قدمّتها منظمات حقوقية في إطار شكوى جنائية رفعت في ألمانيا، إلى أن ماهر الأسد، الشقيق الأصغر لرئيس النظام السوري بشار الأسد، هو من أمر مباشرة بتنفيذ الهجوم الكيماوي الذي استهدف الغوطة الشرقية قرب دمشق في أغسطس (آب) 2013، بتفويض من الرئيس، ما أدى إلى مقتل أكثر من ألف شخص، معظمهم من المدنيين.
وبحسب التقارير السرية وإفادات الشهود التي استندت إليها الشكوى الجنائية، والتي حصلت عليها مجلة "دير شبيغل" وقناة "دويتشه فيله"، فإن ماهر الأسد هو من أعطى الأمر الرسمي لمباشرة الهجوم، الذي نسقته ونفذته "مجموعة النخبة داخل مركز البحوث" (SSRC)، والمعروفة باسم "الفرع 450".
تسلسل قيادي وصولاً إلى الرئاسة
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونقلت "دويتشه فيله" عن ستيف كوستاس، أحد أعضاء فريق "مبادرة عدالة المجتمع المفتوح" التي شاركت في تقديم الشكوى، قوله "لقد أظهرنا التسلسل القيادي المتورط في تلك الوحدة وصلتها بالقصر الرئاسي".
واستندت الشكوى القضائية التي قدّمتها منظمات "مبادرة عدالة المجتمع المفتوح" و"الأرشيف السوري" و"المركز السوري للإعلام وحرية التعبير"، أمام المدعي العام الاتحادي في كارلسروه بألمانيا، حيث تحقّق وحدة جرائم الحرب منذ سنوات بالجرائم التي ارتكبت في سوريا، إلى شهادات ما لا يقل عن 50 منشقاً عن النظام، "لديهم معرفة مباشرة ببرنامج الأسلحة الكيماوية في البلاد"، وفق "دويتشه فيله"، فضلاً عن مقاطع فيديو وصور التقطت ميدانياً للضحايا لتأكيد الشهادات.
ومن بين الشهود، عسكريون وعلماء في "الفرع 450"، الذي كان مسؤولاً عن تطوير وصيانة برنامج الأسلحة الكيماوية في سوريا. وبحسب الإفادات التي اطّلعت عليها مجلة "دير شبيغل" وقناة "دويتشه فيله"، لا يمكن استخدام الأسلحة الاستراتيجية من دون موافقة بشار الأسد، ما يشير إلى أنه قد يكون فوّض شقيقه بشنّ هجوم الغوطة.
دراسة الأدلة
وأكدت وحدة جرائم الحرب في كارلسروه للقناة الألمانية، تلقّيها الشكوى التي رفعت في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قائلة إنها تتثبّت من الأدلة لتقرر ما إذا كان سيفتح تحقيق قضائي في المسألة.
وجاءت الشكوى في إطار مبدأ الولاية القضائية العالمية للجرائم الدولية، الذي سنّته ألمانيا عام 2002، والذي يتيح لها التحقيق بـ"أخطر الجرائم التي تمسّ المجتمع الدولي ككل"، حتى لو لم ترتكب داخل أراضيها أو ضد مواطنيها.
هجوم الغوطة
وفي 21 أغسطس 2013، شهدت الغوطة الشرقية اعتداء بنحو أربعة صواريخ مليئة بغاز السارين القاتل، الذي يصيب الجهاز التنفسي بالشلل ويؤدّي إلى الموت اختناقاً.
وقتل في الهجوم الذي ما زال النظام السوري ينفي تورّطه بارتكابه، أكثر من ألف شخص، بما فيهم نساء وأطفال.
وفشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، بسبب نقض كل من روسيا والصين.
لكن تحقيقاً رسمياً للأمم المتحدة، أجرته بعثة لتقصّي الحقائق، أكد أن "العيّنات البيئية والكيماوية والطبية التي جمعناها تقدّم دليلاً واضحاً ومقنعاً على استخدام صواريخ أرض أرض تحتوي على غاز الأعصاب السارين"، من دون أن يحدّد المسؤولين عن الاعتداء.