يحتفي الاسكتلنديون اليوم 30 نوفمبر (تشرين الثاني) بعيد القديس أندرو (أندراوس). وإشارة إلى هذا العيد، الذي يعدّ عطلة عامة سنوية في اسكتلندا، نشر محرك البحث العالمي "غوغل" تحية (عبر رمزه المحوَر "غوغل دوديل") بهذه المناسبة. وصادف العيد هذا العام يوم الاثنين 30 نوفمبر، فمنح الاسكتلنديين عطلة نهاية أسبوع مديدة، وفرصة إيجابية للمرح والاحتفال.
من هو القديس أندرو شفيع اسكتلندا، وما صلته ببلاد روبيرت بيرنس، والسير والتر سكوت، ومشروب الـ "إرن- برو" (المشروب الوطني الاسكتلندي)؟
ولد أندرو (أو أندراوس، وبالعربيّة أندريس) في قرية بيت صيدا على ضفاف بحيرة طبريا (بحر الجليل)، في السنة السادسة قبل ميلاد المسيح، وكان يمتهن صيد السمك.
وغد وشقيقه بطرس بعد لقائهما المسيح على ضفاف بحيرة طبريا، ودعوة الأخير لهما إلى الانضمام إلى أتباعه، من حواريِّ (تلامذة) يسوع المسيح الاثني عشر، المعروفين بـ "صيادي الناس"، بحسب إنجيل القديس متّى. في موازاة ذلك يُشير القديس يوحنا في إنجيله (إنجيل يوحنا) إلى أن أندرو حين تتلمذ على يوحنا المعمدان سبق والتقى يسوع، ورأى فيه على الفور قبس ابن الله ووعد بتلبية ندائه. إلى هذا، فإن أندرو شارك أيضاً في "العشاء الأخير"، وهو بعد صلب المسيح انطلق للتبشير بالديانة المسيحيّة في مقاطعات سيثيا وآخايا وثراسيا (اليونانيّة)، وعلى طول سواحل البحر الأسود وضفاف نهر دنيبر، وهذا الأمر يفسر تبنيه قديساً شفيعاً لكلّ من اليونان، وقبرص، ورومانيا، وأوكرانيا، وروسيا، إلى جانب اسكتلندا. في نهاية المطاف أُعدم القديس أندرو على يد الرومان في مدينة باتراس، في مقاطعة آخايا اليونانية، على صليب بشكل X، وفي ما بعد رُمز إلى شهادته تلك براية الـ"سالتاير" Saltire (التي تضم شعار الإكس)، العلم الرسمي لاسكتلندا اليوم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تحوّلت بقايا جسد القديس أندرو بعد موته إلى ذخائر وآثار مقدّسة جالت أنحاء أوروبا عبر القرون. دُفن بدايةً في مدينة القسطنطينيّة، وفي ما بعد نبشت جمجمته واستخرجت وأعيدت إلى باتراس، في القرن التاسع للميلاد على يد الإمبراطور باسيل الأول. أمّا بقاياه الأخرى فقد تمّ نقلها إلى أمالفي، في إيطاليا، لتبقى بعهدة الكاردينال بيتر (بطرس) رئيس أساقفة كابوا وحمايته، بعد نهب القسطنطينيّة، عاصمة الإمبراطوريّة البيزنطيّة، سنة 1208 ( تحولت في ما بعد إلى إسطنبول، عاصمة السلطنة العثمانيّة).
في علاقة هذا القديس باسكتلندا، تقول الرواية الأسطورية، إن عظامه في البداية وصلت إلى الأراضي الاسكتلندية بفضل ريجولوس (أو سانت رول)، الراهب اليوناني الذي زَعم أنّه أبصر رؤيا قام ملاكٌ فيها بتوجيهه بنقل رفاة القديس أندرو "إلى آخر الأرض". على ضوء تلك الرؤيا أبحر سانت رول من باتراس سنة 345 لتنتهي سفينته محطمة بعدما قذفها الموج على ساحل فايف (اسكتلندا)، وكانت محملة برفات القديس، عظام ركبة ساقه وذراعه وثلاثة أصابع وسنّ واحدة. بيد أن هذه الصيغة من الرواية طالما خضعت للمساءلة، إذ ظهرت أخرى تقول إن عظام القديس أندرو بلغت بريطانيا ضمن "بعثة أوغسطين" سنة 597، قبل أن يرسلها أكا (أو أتشي)، أسقف هيكسام إلى فايف سنة 732. في الحقبة الأخيرة – نسبيّاً- قام أسقف أمالفي في (إيطاليا) بمنح اسكتلندا سنة 1879 ما زعم أنه عظم من كتف القديس، كما منحها البابا بولس السادس ما تبقى من ذخائر ورفات سنة 1969.
طُوّب أندرو قديساً شفيعاً لاسكتلندا للمرّة الأولى سنة 832، بعدما قاد آنغيس الثاني جيشاً من البيكتيين والاسكتلنديين إلى النصر على محاربي الإيثيلستان ("الإيثيلستان إنجلز") في لوثيان الشرقيّة (إقليم تاريخي في اسكتلندا). وكان آنغيس يعاني نقصاً حادّاً بالرجال ويخشى الهزيمة، إلى أن أبصر في السماء سحابة على شكل "إكس" X، وفسّر ذلك على أنّه تدخل إلهيّ، فقام على الأثر بالصلاة على نيّة القديس واعداً بتخصيص عيدٍ على شرفه إن انتصر في المعركة غير المتكافئة. وهو ما حدث فعلاً.
على أن وعد آنغيس ذاك لم يكرّس رسميّاً إلّا سنة 1320، عندما حازت اسكتلندا استقلالها عن إنجلترا وفق "إعلان أربروث". وإلى يومنا هذا ما زالت الخرافات تحيط بحكاية القديس هذا، إذ يُعتقد أن راية الـ"سالتاير" (علم اسكتلندا الذي يضم شارة "إكس"، رمز شهادته)، إن جرى وضعها بمحاذاة المدافئ داخل البيوت، تمنع الساحرات من الدخول إليها عبر مداخن التدفئة المفتوحة.
© The Independent