يسعى الرئيس السوداني عمر البشير إلى تجاوز حالة انسداد الافق السياسي في بلاده بتحريك عملية السلام مع الحركات المسلحة في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وإقليم دارفور، وفتح مسارات للحوار مع قوى معارضة لمخاطبة الحراك الشعبي المستمر منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ضاق خلالها هامش المناورة الذي كان يتحرك فيه.
الاستماع إلى المحتجين
دعا مجلس الدفاع والأمن الوطني في السودان برئاسة البشير إلى تحكيم العقل وتجنيب البلاد الانزلاق نحو الفتن، مؤكداً أن المحتجين فئة من المجتمع يجب الاستماع إلى مطالبها، في حين واصل آلاف السودانيين، لليوم الثاني على التوالي، اعتصاماً أمام مقر قيادة القوات المسلحة، للضغط على الجيش ودعوته إلى الانحياز لمطالبهم.
وبثت وسائل الإعلام المحلية صوراً للبشير وهو يترأس اجتماع مجلس الدفاع في مقر وزارة الدفاع حيث يحتشد في محيطة آلاف المحتجين.
وأعلن مجلس الدفاع والأمن الوطني السوداني، الأحد، أنه اتخذ تدابير من شأنها تعزيز السلام والاستقرار.
وقالت الرئاسة إن "مجلس الدفاع والأمن الوطني إطلع على تقارير مفصلة عن الوضع السياسي والأمني واتخذ جملة من التدابير التي من شأنها تعزيز السلام والاستقرار في البلاد".
وأكد المجلس "أهمية جمع الصف الوطني وتحقيق السلام وضرورة الاحتكام لصوت العقل لتجنيب البلاد الانزلاق نحو الفتن".
وأكد المجلس أن "المحتجين يمثلون فئة من المجتمع يجب الاستماع إلى رؤيتها ومطالبها" وأشار إلى حرص الحكومة على الاستمرار في الحوار مع الفئات كافة على نحو يحقق التراضي الوطني.
ويضم مجلس الدفاع والامن الوطني نائبي الرئيس السوداني عوض بن عوف ومحمد عثمان كبر ومساعدي الرئيس وعددهم سبعة، ورئيس الوزراء محمد طاهر ايلا ومدير جهاز الامن والمخابرات صلاح عبد الله ووزيري الخارجية الدرديري محمد أحمد وشؤون الرئاسة فضل عبد الله ورئيس أركان الجيش الفريق كمال عبد المعروف.
البشير إلى جوبا
أعلنت وزارة الخارجية زيارة مرتقبة للبشير إلى جوبا عاصمة دولة الجنوب، في نهاية الأسبوع الحالي، لمناقشة القضايا الثنائية، ومتابعة سير اتفاق السلام الشامل الموقع بين الأفرقاء الجنوبيين.
وقال مصدر إن القمة المرتقبة في جوبا ستناقش مبادرة رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت لحث "الحركة الشعبية- الشمال" بالتفاوض مع الحكومة. وكان مستشار سلفاكير للشؤون الأمنية قال إن حكومته دعت متمردي الحركة الشعبية إلى جوبا لاقناعهم بالتفاوض مع الخرطوم لتسوية النزاع في منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق، وأن قادة الحركة في انتظار إرسال البشير فريقاً لإجراء محادثات معهم.
وقال وزير الإعلام حسن إسماعيل إن الحوار مع الأطراف الداخلية مستمر ولدينا تفاهمات جيدة مع شق أساسي في "الحركة الشعبية- الشمال" بقيادة عبد العزيز الحلو.
وكشف وزير الإعلام عن أن هناك تفاهمات جيدة وتقدماً ملموساً مع رئيس "حركة العدل والمساواة" جبريل إبراهيم، وستحمل الأيام المقبلة نتائج جيدة للشعب السوداني بشأن العديد من الملفات، وتابع "وربما جبريل لم يتحدث في هذا، بل نفاه في بعض الأوقات نظراً إلى أنه يحتاج إلى مزيد من الوقت لترتيب أوراقه".
وأشار إلى أن الحوار لن يتوقف عند هذا الحد، بل سيستمر، لأن ليس لدينا خيارات أخرى سوى الحوار، وبغير الحوار سنكون مضطرين إلى وسائل أخرى مزعجة جداً.
الاتحاد الأوروبي مع التسوية
علمت "اندبندنت عربية" أن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي أجروا اتصالات استكشافية في الخرطوم مع قوى سياسية في الموالاة والمعارضة، ومشاورات غير معلنة مع حركات مسلحة في عواصم أفريقية وغربية لتقريب مواقف الفرقاء السودانيين نحو تسوية تشمل القوى المعارضة.
ويرجح أن تقود التحركات والاتصالات المعلنة التي تجري في غرف مغلقة كما حدث بين قيادات موالية وآخرى معارضة، إلى تسوية سياسية أوسع، ويتوقع أن ترمي الدول الأوروبية بثقلها خلال الشهور المقبلة لدفع الفرقاء السودانيين إلى مربع جديد.
هيئة العلماء على الخط
دخلت هيئة علماء السودان على خط الاحتجاجات الشعبية، ودعت إلى عدم الانجراف وراء ما يهدد تماسك الأمة، وشددت على ضرورة أن يكون التعبير والاحتجاج بالأساليب السلمية وليس بالتخريب والإساءة للآخرين، مشددة على أن التعبير ينبغي أن يكون بالتي هي أحسن وليس بالتي هي أخشن.
وقال رئيس الهيئة محمد عثمان صالح إن البلاد تمر بظروف حساسة وتواجه استهدافاً واضحاً من قبل الأعداء، لافتاً إلى أن الذين يدعون الناس إلى الخروج هم خارج البلاد ولهم أهدافهم من وراء تحريك الشارع. أضاف "إذا كانوا يريدون أن يصلحوا أوضاع البلاد فإن الإصلاح يكون من الداخل".