شهد الجولان منذ ساعات صباح الأربعاء، 9 ديسمبر (كانون الأول)، اعتصامات ومواجهات مع الشرطة الإسرائيلية، بعدما وصلت معدات العمل الإسرائيلي لبدء تنفيذ المشروع الاستيطاني الجديد على أرض الجولان، بنصب عنفات الرياح (التوربينات) لإنتاج الطاقة في مساحات شاسعة من المنطقة، وهي الأعلى من حيث الموقع.
وكان الأهالي علموا ببدء تنفيذ المشروع بعدما وصلت إلى أراضيهم مجموعات من الخبراء لفحص نوعية التربة، ثم منعت الشركة التي فازت بمناقصة تنفيذ المشروع، أصحاب الأراضي من دخولها، فأعلن السكان الإضراب العام ووصلوا إلى المنطقة وتصدوا للموجودين هناك، وما إن هرعت قوات كبيرة من الأمن لتطويق الأراضي التي سيقام عليها المشروع، حتى وقعت مواجهات بين الطرفين استخدمت فيها الشرطة عيارات مطاطية وغازاً مسيلاً للدموع.
وأصيب عدد من الأهالي بالرصاص المطاطي واستنشاق الغاز المسيل للدموع. وقال مدير المجمع الطبي في مجدل شمس، ثائر أبو صالح، إن أحد السكان وصل في حال خطرة، مما استدعى نقله إلى المستشفى، كما أن معظم الإصابات كانت في الرأس والأطراف، واعتقلت الشرطة عشرة على الأقل، وتوجّه المئات عبر مسيرة إلى مقر الشرطة في بلدة مسعدة، وأقاموا اعتصاماً هناك.
الهيئة الدينية تستنجد بأبناء الطائفة
وكان موعد البدء في المشروع معروفاً للسكان الذين اتخذوا خطوات عدة في محاولة منع وصول المعدات، لكن السلطات الإسرائيلية أصرت على نصب "التوربينات"، لما يشمل هذا المشروع من أهداف اقتصادية واستراتيجية، وفرض أمر واقع يحّول كل الأراضي التي سيقام عليها إلى إسرائيل، ليكون من الصعب استعادتها من السكان أو حتى عبر أي اتفاق سلام مستقبلي.
واجتمعت الهيئة الدينية والاجتماعية في مقام "أبي ذر الغفاري" في الجولان، الثلاثاء، على إثر إغلاق الشرطة المداخل الرئيسة لبلدات الجولان ومنع أصحاب الأراضي من الوصول إليها، واتفقت على الإضراب الشامل كخطوة أولى في التصدي للمخطط.
وصباح الأربعاء، اندلعت المواجهات وشهدت بلدات الجولان كافة حالاً من التوتر استدعت على إثرها الهيئة الدينية أبناء الطائفة الدرزية أينما وجدوا في إسرائيل، للوصول إلى الجولان والانضمام إلى معركتهم في مواجهة هذا المشروع، وقبل وصول المعدات لبدء تنفيذ المشروع، لوحظت تحركات واسعة لقوات من الجيش والشرطة، مما دفع الأهالي للوصول بالعشرات إلى مختلف مداخل البلدات السورية، والتصدي للقوات الإسرائيلية ومنعها من الدخول.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بساتين التفاح والكرز
وكانت ذريعة الشرطة والقوات الإسرائيلية لمنع الجولانيين من دخول أراضيهم التي سيقام عليها المشروع هي فحص نوعية التربة وتحديد المناطق التي ستقام فوقها "التوربينات"، علماً بأن إسرائيل حددت مساحات من الأراضي منذ سنوات، معتبرة أنها الأكثر ملاءمة للمشروع من حيث التربة والارتفاع، فيما هي تشكل مصدر رزق مركزي للسكان، حيث إن معظمها عبارة عن بساتين تفاح وكرز.
وعلى الرغم من الجهود الحثيثة والخطوات المتعددة المسارات التي اتخذها السكان، من حملة شعبية واسعة تخللتها مسيرات واعتصامات، مروراً بالخطوات القانونية وحتى المسارات الدولية، تعتزم إسرائيل تنفيذ المشروع وتعتبره استراتيجياً من الدرجة الأولى، وحددت هدفاً لإنتاج عشرة في المئة من طاقة إسرائيل عبر مصادر متجددة، ومنحت تراخيص لتوليد 200 ميغاواط من الكهرباء، أما لبقية قطاع الطاقة فستستخدم الغاز الطبيعي المستخرج من حقول بحرية جديدة وواردات الفحم.
وتعتزم إسرائيل زيادة استهلاكها من طاقة الرياح إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، بينما ستزيد من إنتاج الطاقة الشمسية التي لا تزال مهيمنة بنسبة 40 في المئة فقط.
وأمام بدء التنفيذ على أرض الواقع، ستنتقل الحملة الشعبية إلى المجتمع الدولي للتضامن مع الجولان، لكن إسرائيل تعتبر أن اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسيادة إسرائيل على هذه المنطقة السورية يمنحها الشرعية في تنفيذ أي مشروع تريده.
تل الفرس وسهل المنصورة
واختارت إسرائيل منطقة الجولان لتنفيذ مشروعها الذي يوفر عليها مبالغ طائلة من الكهرباء، كون سرعة الرياح وكميتها تعتبر الأعلى بين المناطق التي تحتلها. وبعد فحص المنطقة بأكملها، تقرر نصب "التوربينات" في منطقة تل الفرس "42 مروحة" وسهل المنصورة "30 مروحة"، ويجري الحديث عن أن سرعة كل مروحة تؤمّن ثلاثة ميغاواط في الساعة، أي 3 آلاف كيلوواط، وتكفي لـ 1500 منزل، علماً أن عدد البيوت في قرى الجولان لا يتجاوز الـ 5 آلاف، أي أن خمس المراوح يكفي لتأمين الكهرباء لبيوت هذه المنطقة، لكن وفق مساحة الأراضي المرتفعة في الجولان، وهي زراعية، ووفق المعايير الدولية في بناء المراوح والمسافات بينها وبعدها من البيوت السكنية، يمكن نصب 90 مروحة.
الاستيلاء على الأرض لمشاريع اقتصادية
ويأتي مشروع "التوربينات" ضمن خطة استيطانية واسعة تستهدف الاستيلاء على أوسع أرض في الجولان، وهناك مشاريع يمكن لأصحاب الأراضي معارضتها والعمل على منع تنفيذها، لكن هناك عدداً من المشاريع التي تقام في مناطق بعيدة عن المناطق السكنية للجولان، مثل إقامة المستوطنات وجلب اليهود إليها.
ومنح اعتراف الرئيس ترمب بسيادة إسرائيل على الجولان شرعية لتنفيذها، وفي هذه الأثناء بوشر التخطيط لإقامة مستوطنتين وإسكان ربع مليون يهودي فيهما حتى العام 2048.
وبموجب الخطة، ستبنى 30 ألف وحدة سكنية جديدة، وسيزيد عدد سكان مستوطنة "كاتسرين"، كبرى مستوطنات الجولان، ثلاثة أضعاف، إضافة إلى خلق فرص عمل ومشاريع في مجالي المواصلات والسياحة، إلى جانب الاستثمار في البنى التحتية المتعلقة بالمواصلات والسياحة.