يقوم حوالى 20 خبيراً أميركياً مستقلاً، الخميس 10 ديسمبر (كانون الأول)، بمراجعة بيانات لقاح شركتي "فايزر" الأميركية و "بايونتيك" الألمانية ضد "كوفيد-19" بشكل مباشر على الإنترنت، للبتّ في ما إذا كانوا يوصون بترخيصه، في بادرة شفافية غير مسبوقة في العالم، إلا أنها حالت من دون أن تكون الولايات المتحدة أول بلد يلقح مواطنيه.
وفي نهاية المناقشات، تصوّت اللجنة الاستشارية على توصيتها إلى وكالة الغذاء والدواء الأميركية، التي يتوقع أن تعطي ضوءها الأخضر خلال أيام، بعدما اعتبرت اللقاح آمناً وفعالاً في تقرير أصدرته الثلاثاء.
وباتت شركات البريد السريع، على غرار "فيديكس" و"يو بي إس"، على استعداد لتوزيع اللقاح على المستشفيات وغيرها من مراكز التلقيح الخاصة والعامة.
عدم التسرع
وكان بودّ الرئيس دونالد ترمب المضي أسرع في توزيع اللقاح، منذ أن أعلنت المختبرات في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) أن لقاحها أثبت فاعلية بنسبة 95 في المئة، ثم قدمت ملفها إلى هيئة الغذاء والدواء في الـ 20 من الشهر نفسه. ومنذ ذلك الحين أجازت المملكة المتحدة وبعدها البحرين وكندا، استخدام اللقاح، وبدأ تلقيح أوائل البريطانيين الثلاثاء.
غير أن الوكالة الأميركية المتهمة بأنها أجازت بشكل متسرع علاجات مشكوك فيها، مثل الهيدروكسي كلوروكين تحت ضغط ترمب في الربيع والصيف، حرصت هذه المرة على عدم التسرع، وسلوك آلية تلتزم بأعلى مقاييس الدقة العلمية، إدراكاً منها بأن مئات ملايين الأشخاص سيتلقون مادة تم تطويرها في أقل من تسعة أشهر.
تفاصيل دقيقة وشفافية عالية
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونشرت وكالة الغذاء والدواء ومختبرات "فايزر" 145 صفحة من البيانات الناجمة عن تجربة سريرية جرت على 44 ألف متطوع، تعرض تفاصيل تتميز بقدر من الدقة لا يقارن بما نعرفه عن اللقاحات الروسية والصينية التي بدأ استخدامها على نطاق واسع في البلدين.
وقال أستاذ علم الأحياء الدقيقة في جامعة هارفارد الأميركية، إريك رابين، أحد خبراء الهيئة الاستشارية، متحدثاً لوكالة الصحافة الفرنسية، "كانت الشفافية ممتازة، سواء في ما كشفته فايزر أو في تقرير وكالة الغذاء والدواء".
وتظهر البيانات أولاً أن اللقاح يعطي نتائج تفوق التطلعات، فالجرعة الأولى تبدأ بتأمين حماية بعد عشرة أيام من تلقيها، ثم الجرعة الثانية بعد 21 يوماً تخفض خطر التقاط "كوفيد-19" بنسبة 95 في المئة، بالمقارنة مع شخص لم يتلق اللقاح.
وأفضل ما في الأمر بحسب ما قال سعد عمر، من جامعة "يال"، لوكالة الصحافة الفرنسية، هو أن اللقاح يمنع فعلاً أخطر أشكال المرض.
الأعراض والمخاطر
وإن كان اللقاح يتسبب بأضرار جانبية غير مرغوب فيها، بل ومزعجة في بعض الأحيان، إلا أنها غير خطيرة. إذ شعر 80 في المئة من الذين تلقوا اللقاح بألم في موقع الحقنة، وأحس عدد منهم بأعراض تعب وألم في الرأس والجسد.
لكن التأثير الجانبي الوحيد المقلق الذي ظهر على مدى شهرين من المراقبة، كان أربع حالات من شلل الوجه النصفي المعروف بـ "شلل بيل"، من أصل 18 ألف شخص تلقوا اللقاح. وغالباً ما تكون هذه الأعراض مؤقتة. وإن كان سبب هذا الشلل الوجهي غير مؤكد بالأرقام، إلا أن وكالة الغذاء والدواء أوصت بتكثيف المراقبة في ما بعد، كما أن هناك خطر حصول حساسية، مع رصد حالتين في المملكة المتحدة.
معطيات مجهولة
ثمة كذلك معطيات نجهلها عن اللقاح، أولها مدة الحماية، فهل يستمر التحصين لأشهر أم سنوات؟ وحده الوقت يمكن أن يثبت ذلك.
كما يشير رالف تريب، من جامعة جورجيا وعضو اللجنة، إلى أنه لا يعرف ما إذا كان اللقاح يمنع الإصابة بفيروس كورونا ونقله، إضافة إلى منع ظهور الأعراض.
وقال عوفر ليفي، من مستشفى الأطفال في بوسطن وعضو اللجنة أيضاً، متحدثاً إلى وكالة الصحافة الفرنسية، إنه يعتزم طرح مسألة الحوامل والأطفال الذين لم تشملهم التجارب السريرية، باستثناء إحدى المراحل الأخيرة التي شارك فيها أطفال فوق سن الـ 12.
توزيع اللقاح
ويبقى الآن توزيع اللقاح، وهي مهمة تنسقها الحكومة الفيدرالية وعُهد بها إلى القطاع الخاص.
وستشمل الدفعة الأولى من اللقاحات حوالى 3 ملايين جرعة، تنطلق من مصنع "فايزر" في كالامازو بولاية ميشيغان، ويتم توضيبها في علب تحوي كل منها ما يصل إلى 4725 جرعة، وتحفظ مبردة بمستوى 70 درجة تحت الصفر بواسطة الثلج الجاف.
ولا تعتبر شركات النقل السريع هذه الشروط استثنائية، وقال أحد مديري "فيديكس"، "لا تنسوا أنها فترة زحمة لدينا في فيديكس ويو بي إس. بالأمس أرسلنا 34 مليون حزمة".
غير أن مستقبل الإمدادات غير مضمون، إذ إن الولايات المتحدة لم تقدم طلبية لمختبرات "فايزر" سوى لتلقيح 50 مليون شخص.