تواجه حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سلسلة من العقوبات الأوروبية المقررة، والأميركية المحتملة. الأولى بسبب تصرفات أنقرة في البحر الأبيض المتوسط، والثانية على خلفية شراء تركيا منظومة صوارخ دفاعية روسية.
وفيما لم يعرف حجم العقوبات الأوروبية والأميركية المحتملة بعد، لكنها يمكن أن تغرق الاقتصاد التركي المنهك أساساً وأن تضعف الليرة التركية بشكل إضافي، بعدما سجّلت خسائر جديدة الجمعة.
استهداف شخصيات تركية
وبعد قمة ماراتونية الخميس، قرّر الاتحاد الأوروبي وضع قائمة بشخصيات تركية لفرض عقوبات عليها، ويتوقّع أن تستهدف أسماء ضالعة في أنشطة أنقرة "غير القانونية والعدوانية" لاستكشاف الغاز في البحر المتوسط في مناطق متنازع عليها مع أثينا ونيقوسيا.
وستوضع لائحة بالأسماء في الأسابيع المقبلة أمام الدول الأعضاء للموافقة عليها، بحسب التوصيات التي تبنتها قمة الدول الـ27 في بروكسل.
وأعطى القادة الأوروبيون تفويضاً لوزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل "لكي يقدّم لهم تقريراً في موعد أقصاه مارس (آذار) 2021 حول تطور الوضع"، وأن يقترح، إذا لزم الأمر، توسيعاً للعقوبات لتشمل شخصيات أو شركات جديدة، بحسب ما قال الدبلوماسي الأوروبي. وأضاف "الفكرة هي تضييق الخناق تدريجاً".
وعدم التوصل إلى توافق حال دون اعتماد عقوبات اقتصادية ضدّ قطاعات أنشطة، أو طلب اليونان فرض حظر أوروبي على الأسلحة الموجهة إلى تركيا. لكن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت الجمعة إن زعماء الاتحاد الأوروبي يعتزمون مناقشة صادرات الأسلحة لتركيا مع الشركاء في حلف شمال الأطلسي وواشنطن.
أردوغان يسعى للتهدئة
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورفضت أنقرة قرار الاتحاد الأوروبي الجمعة، وقالت وزارة خارجيتها في بيان، "نرفض هذا الموقف المنحاز وغير القانوني الذي تم إدخاله في نتائج قمة الاتحاد الأوروبي بتاريخ 10 ديسمبر (كانون الأول)".
وفيما رحّب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، بإظهار الاتحاد الأوروبي "قدرته على اعتماد الحزم" حيال تركيا، قلّل أردوغان من شأن الإجراءات التي اعتمدت.
وقال الرئيس التركي في اسطنبول، إن "دولاً في الاتحاد الأوروبي تتحلى بالحكمة اعتمدت مقاربةً إيجابيةً ونسفت هذه اللعبة" الهادفة إلى فرض عقوبات أشد. وأضاف، "لدينا علاقات سياسية واقتصادية عميقة مع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ولا يمكن لأي منهما تجاهلها أو المجازفة بفقدانها".
ورغبة منه في التهدئة، قال أردوغان إن تركيا "لم تقم ولن تقوم أبداً بأي عمل من شأنه المساس بروحية هذه العلاقات". وتابع أن "أجندة عقوبات تحرّكها اعتبارات سياسية على أسس غير عقلانية، هي ضارة لجميع الأطراف ولن تفيد أحداً... نعتقد أنه لا توجد مشكلة لا يمكن حلها بالحوار والتعاون".
رغبة الرئيس التركي هذه كما يبدو في تهدئة الأمور، تهدف إلى الحفاظ على الاقتصاد التركي، الذي لطالما كان نموه حجر زاوية في شعبيته، من تأثير عقوبات أميركية وأوروبية أقوى وقد يكون مدمراً.
تبادل الاتهامات
وفي تصريحات سابقة الأربعاء، قال أردوغان إن العقوبات التي قد يفرضها الاتحاد الأوروبي على أنقرة ليست "مصدر قلق كبير" لبلاده، مضيفاً أن "الاتحاد الأوروبي يطبق دائماً عقوبات على أنقرة على أي حال"، ومتهماً الاتحاد بأنه "لم يكن نزيهاً معنا ولم يفِ بوعوده".
وكان الاتحاد تقدّم بمقترح للانفتاح على تركيا في أكتوبر (تشرين الأول) يرافقه تهديد بفرض عقوبات إذا لم توقف أعمالها.
وتصاعدت الخلافات بين أثينا وأنقرة مع نشر الأخيرة في أغسطس (آب) السفينة "عروج ريس" للقيام بعمليات استكشاف في المناطق البحرية المتنازع عليها مع اليونان وقبرص.
وفي وقت سابق، حذر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل تركيا من ممارسة "لعبة القط والفأر" بسحب السفن قبل القمم ثم إعادتها بعد ذلك.
وأعلنت أنقرة في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عودة السفينة. ومع ذلك دان الاتحاد الأوروبي الجمعة استمرار "الأعمال الأحادية" و"الخطاب العدائي" من جانب تركيا.
وقال أردوغان في إشارة إلى أثينا "هم من يتجنبون طاولة المفاوضات".
...وأميركا تعاقب أنقرة بسبب منظومة الصواريخ الروسية
وفي تطور مواز، نقلت وكالة رويترز، عن خمسة مصادر بينها ثلاثة مسؤولين أميركيين إن الولايات المتحدة بصدد فرض عقوبات على تركيا لشرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية (إس-400) العام الماضي، في خطوة من المرجح أن تؤدي إلى تدهور العلاقات المتوترة بالفعل بين عضوي حلف شمال الأطلسي.
وقالت المصادر إن الخطوة المتوقعة منذ فترة، والمرجح أن تثير غضب أنقرة وتعقد بشدة علاقاتها مع الإدارة الأميركية المقبلة بقيادة الرئيس المنتخب جو بايدن، قد تعلن ربما اليوم الجمعة.
وذكرت المصادر أن العقوبات ستستهدف إدارة الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها إسماعيل دمير. وستكون شديدة التأثير لكن أضيق نطاقا مما توقعه بعض المحللين.
وقال مصدران مطلعان على الأمر، وبينهما مسؤول أميركي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الرئيس دونالد ترمب أعطى معاونيه الضوء الأخضر للمضي قدما في العقوبات.
وتراجعت الليرة التركية 1.4 في المئة في أعقاب الأنباء بأن العقوبات الأميركية قد تضر بالاقتصاد التركي الذي يئن تحت وطأة تباطؤ ناجم عن فيروس كورونا وتضخم في خانة العشرات واستنزاف احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي.
وفي تصريحات نشرتها وسائل إعلام تركية، قال أردوغان الجمعة إن العقوبات الأميركية ستعتبر "عدم احترام". وأضاف، "في ظل إدارة (الرئيس الأميركي السابق باراك) أوباما كما في عهد ترمب، كان هناك اعتزاز بوجود عضو في حلف الأطلسي مثل تركيا. إن إخضاع تركيا للعقوبات سيكون بمثابة عدم احترام من جانب الولايات المتحدة لحليف مهم جداً داخل حلف شمال الأطلسي".
وقال مسؤول تركي كبير إن العقوبات ستأتي بنتائج عكسية وستلحق ضررا بالعلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي. وأضاف المسؤول، "العقوبات لن تحقق النتيجة المرجوة منها بل ستأتي بنتائج عكسية. ستضر بالعلاقات".
ولتكوينه علاقة ودية مع أردوغان، عارض ترمب طويلا فرض عقوبات أميركية على تركيا خلافا لنصائح مستشاريه. وأبلغت مصادر مطلعة على الأمر رويترز بأن مسؤولين في إدارته أوصوا بفرض عقوبات على أنقرة في يوليو (تموز) 2019، عندما بدأت الحكومة التركية تسلم شحنة صواريخ إس-400.
قائمة العقوبات الأميركية المحتملة
وبموجب قانون مواجهة أعداء أميركا من خلال العقوبات لعام 2017 يتعين على الرئيس الأميركي اختيار ما لا يقل عن خمس من 12 عقوبة لفرضها على البلدان المنتهكة للقانون. وتتنوع العقوبات بين المتوسطة والشديدة وقد تستهدف أشخاصا أو كيانات.
وفيما يلي قائمة بهذه العقوبات المحتملة.
1 ـ عقوبات على الائتمان أو المساعدات من بنك الاستيراد والتصدير الأميركي.
2 ـ عقوبات على صادرات السلع والخدمات الأميركية.
3 ـ عقوبات على القروض الكبيرة من المؤسسات المالية الأميركية.
4 ـ السعي لحجب قروض من مؤسسات مالية عالمية تشمل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
5 ـ عقوبات على المؤسسات المالية التي تحوز صناديق حكومية أميركية أو تقوم بدور متعامل أميركي رئيسي.
6 ـ عقوبات على مشتريات أميركية من السلع أو الخدمات.
7ـ عقوبات على أي معاملات نقد أجنبي خاضعة للقانون الأميركي.
8 ـ عقوبات على أي مدفوعات أو تحويلات مصرفية خاضعة للقانون الأميركي.
9 ـ عقوبات على أي معاملات مرتبطة بالعقارات.
10 ـ عقوبات على أي استثمارات في أدوات الدين أو الأسهم الأميركية.
11 ـ رفض منح تأشيرات سفر لموظفي الشركات ذوي الصلة بالكيان أو الشخص المستهدف بالعقوبات.
12 ـ عقوبات على المسؤولين التنفيذيين الرئيسيين الذين لهم صلة بالكيان أو الشخص المستهدف بالعقوبات.