تتواصل في الجزائر ارتدادات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وأعادت جهات سياسية جزائرية إحياء مطلب مغادرة جامعة الدول العربية.
مطلب وموقف
اعتبرت الأمينة العامة للحزب، لويزة حنون، في كلمة ألقتها ببداية اجتماع المكتب السياسي، أن "الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قرر إشعال النيران في المشرق والمغرب قبل رحيله"، داعيةً الجزائر إلى "الخروج من جامعة الدول العربية ومنطقة التبادل التجاري العربية واتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي".
وصرح المتحدث الرسمي باسم "حزب العمال"، جلول جودي، رداً على سؤال حول توقعاتهم بشأن التجاوب مع تلك الدعوة، أن "هذا هو موقف الحزب من القضايا الراهنة. من يراه صحيحاً يدعمه، ومن يراه خاطئاً يرفضه". وتابع أن الظروف الحالية المتعلقة بجائحة "كورونا" لا تسمح بالمبادرات "لكن سنرى ماذا بإمكاننا فعله". وختم بأن السلطة هي الوحيدة المخولة باتخاذ قرار الانسحاب من عدمه.
رأي صائب
في السياق ذاته، قال الباحث في مجال القانون الدولي، إسماعيل خلف الله، إن "الجزائر طالبت مراراً بإصلاحات عميقة للجامعة العربية، بدءاً من قمة 2005، وحتى التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، حيث تطالب الجزائر بتدوير منصب الأمين العام بين أعضائها بدل حصره بمصر فقط". ورأى أن "الأحداث المتسارعة التي عصفت بالمنطقة العربية غاب عنها صوت الجامعة التي أصبحت عبارة عن مكتب تابع لوزارة الخارجية المصرية، كما يراه كثير من المتابعين للشأن العربي". وشدد خلف الله على أنه "في ظل الظروف سالفة الذكر، وإذا لم تتم عملية إصلاح عاجلة، سيصبح الرأي الداعي لانسحاب الجزائر من عضويتها رأياً صائباً، وبخاصة إذا نظرنا إلى الأعباء والاشتراكات التي ترهق كاهل الخزينة الجزائرية".
ولا تعتبر دعوة "حزب العمال" الأولى من نوعها، بل سبق لأمينته العامة لويزة حنون أن انتقدت جامعة الدول العربية، خلال زيارتها للسفارة الفلسطينية بالجزائر في سبتمبر (أيلول) الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مبرران كافيان
من جهة أخرى، عبر الحقوقي، سليمان شرقي، عن اعتقاده أن "المطالبين بانسحاب الجزائر من جامعة الدول العربية، لا ينطلقون من فراغ، فلقد صارت هذه الهيئة بالفعل هيكل بلا روح... هذا إن لم تمت الجامعة فعلاً، فقد توالى اعتذار الدول عن احتضان قمتها العادية، ما يهدد باندثارها دون الحاجة حتى إلى إعلان وفاتها". وختم بأن "الانسحاب من المنظمة قد يبدو رد فعل راديكالياً غير عقلاني لا ينسجم وسياسة ضبط النفس التي تتبناها وتميز السياسة الخارجية للجزائر، لكن الظرف الدولي والارتباك العربي الداخلي مبرران كافيان للمطلب، ويقويانه كثيراً".
من إصلاح إلى انسحاب
وبينما يرفع جزء من الطبقة السياسية الجزائرية مطلب الانسحاب، دعت السلطات الرسمية إلى إصلاح الجامعة العربية مع بداية ما عرف بـ"ثورات الربيع العربي"، لكن تلك الدعوة لم تلقَ استجابةً داخل تلك الهيئة، وبقيت الجزائر تغرد خارج السرب، الأمر الذي قد يدفع، وفق مراقبين، إلى "تغيير البوصلة من المطالبة بالإصلاح إلى الانسحاب، لا سيما بعد التطورات التي تشهدها منطقة المغرب العربي، وآخرها الاعتداء الصارخ على القرارات الأممية المتعلقة بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، بعد اعتراف الرئيس الأميركي بسيادة المغرب على الأراضي الصحراوية".
وفي تصريحات تكشف عن حجم امتعاض الجزائر من تراجع المجموعة العربية عن المشاركة في صناعة المشهد العالمي مقابل تحالفات المصالح، أشار وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، بداية عام 2020، إلى أنه "لا توجد نية سياسية لإصلاح جامعة الدول العربية"، لافتاً إلى أنها زكت الحرب في ليبيا، مضيفاً أنه لم يتم تحديد موعد القمة العربية المزمع عقدها في الجزائر حتى الآن".
ومع اقتراب نهاية العام لم تعقد القمة العربية في الجزائر، أو غيرها، في خطوة لم يعهدها العالم العربي من قبل.