قال مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني، إن شخصاً من بين كل عشرة مصابين بفيروس كورونا يعاني من أعراض تمتد ثلاثة أشهر أو أكثر.
كما وجد تحليل جديد هدفه تحديد حجم مشكلة "كوفيد طويل الأمد" بين المصابين أن واحداً من بين كل خمسة أشخاص أفاد بمعاناته من أعراض استمرت خمسة أسابيع أو أكثر.
وقال مكتب الإحصاءات الوطني، إنه بحسب تقديراته، كان في إنجلترا خلال الأسبوع الذي انتهى 28 نوفمبر (تشرين الثاني) نحو 186 ألف شخص يعيشون مع أعراض كوفيد-19 استمرت بين خمسة و12 أسبوعاً.
وحذر المكتب من أن الرقم قد يكون لامس 221 ألفاً حتى الآن. وقال إن هذه البيانات تجريبية وتستند إلى نتائج استطلاع الإصابات بين الأسر.
وعند تدقيقه في الأعراض التي يعاني منها الأفراد بعد مرور خمسة أسابيع على تشخيص إصابتهم بكوفيد-19، قدر مكتب الإحصاءات الوطني أن 11.5 في المئة منهم استمرت معاناتهم من الإرهاق، بينما لازم السعال 11.4 في المئة من بينهم، والصداع 10 في المئة منهم.
وتواصلت معاناة 8 في المئة منهم فقط من فقدان حاسة التذوق، و7.9 في المئة من فقدان حاسة الشم.
قد تكون هذه المعطيات الإشارة الأولى على مدى انتشار كوفيد طويل الأمد، حيث يفيد العديد من المرضى بتأثرهم بأعراض تصيبهم بالوهن وتؤثر فيهم بعد مرور عدة أشهر على تعافيهم من الإصابة الأولى.
استثمرت هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا ملايين الجنيهات من أجل تأسيس شبكة قوامها يزيد على 40 عيادة عولج فيها ما يقدر بـ60 ألف مصاب بكوفيد طويل الأمد. إذا صح تحليل مكتب الإحصاءات الوطني، قد يتبين أن انتشار "كوفيد طويل الأمد" أكثر بكثير مما اعتُقد سابقاً.
ويشمل المرضى أولئك الذين أدخلوا إلى المستشفى إنما أيضاً الآلاف غيرهم ممن لم يشتد بهم المرض لدرجة الذهاب إلى المستشفى، ولم تأتِ نتيجة فحصهم إيجابية في وقت سابق من العام بسبب نقص أدوات الاختبار الذي يُجرى على نطاق المجتمع المحلي.
وأفاد المرضى بمعاناتهم من مضاعفات أثرت في عدة أعضاء من جسمهم وليس في الرئتين فقط، بل القلب والدماغ والكلى، وأدت إلى شعورهم بالإنهاك والعجز عن العمل أو أداء التمارين الرياضية أو حتى مغادرة المنزل.
والعديد ممن تأثروا قد يكونون من العاملين في الصفوف الأمامية لهيئة الخدمات الصحية الوطنية وعاملين في مجال الرعاية ممن تعرضوا للفيروس عن طريق وظيفتهم.
وقال مكتب الإحصاءات الوطني "مع أن هذا البحث ما زال في بداياته، شعرنا أنه من المهم أن ننشر نتائجنا الأولية من أجل ملء فجوة مهمة في قاعدة الدلائل وتوفير أساس للنقاش يمكن أن يفيد توجه الأبحاث في المستقبل".
"هذه محاولتنا الأولى في إنتاج هذه التقديرات، والتحليل عمل جار بشكل مستمر. سوف نسعى إلى تنقيح وتحسين هذه التقديرات، مثلاً عبر استخدام تقنيات أكثر تطوراً تحتسب احتمال المرض مرة ثانية وإن سمح حجم العينات، بالتدقيق في الأعراض التي تستمر أكثر من 12 أسبوعاً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وابتداءً من العام المقبل، سوف يُضاف سؤال على استطلاع الآراء الوطني للاستفسار عن تأثير كوفيد طويل الأمد على حياة الأفراد اليومية، مع لائحة موسعة للأعراض.
ومن خلال دراسة المضاعفات الحاصلة بعد تشخيص الإصابة بفيروس كورونا عبر تحليل السجلات الطبية للمرضى لدى أطباء الصحة العامة وفي المستشفيات، قال مكتب الإحصاءات الوطني، إنه قارن الأعراض الجانبية التي ألمت بمرضى المستشفيات حتى نهاية سبتمبر (أيلول) 2020، وتلك التي عانى منها مرضى مشابهون لم يدخلوا المستشفى بسبب كوفيد-19.
وأضاف المكتب أن الفئة الأولى عانت من زيادة في أمراض القلب والكلى والكبد. كما قال، إن أمراض السكري والقلب كانت مرتفعة بشكل خاص.
ونبه تقرير وضعه المعهد الوطني لأبحاث الصحة في أكتوبر (تشرين الأول) من انتشار أثر خفي لفيروس كورونا على المرضى الذين يصابون بكوفيد طويل الأمد.
فقد أفاد بعض المرضى بمعاناتهم من مشاكل بعد مرور سبعة أشهر على إصابتهم، وتفاوتت الأعراض بشكل كبير بين الحالة والأخرى.
ونبه تقرير المعهد الوطني لأبحاث الصحة إلى أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية سوف تحتاج إلى تطوير مسارات جديدة كلياً من أجل العناية بالمرضى، ووصف أربعة أعراض مختلفة يمكن أن يتشكل منها كوفيد: تلف دائم للرئتين والقلب، وأعراض تستمر بعد الخروج من العناية الفائقة، وإرهاق مستمر بعد الإصابة بالفيروس، وأعراض كوفيد-19 متواصلة.
وقالت الدكتورة إيلاين ماكسويل، كاتبة تقرير المعهد الوطني لأبحاث الصحة لـ"اندبندنت" إن تقديرات مكتب الإحصاءات الوطني قد تكون أقل من الحقيقة.
وأضافت أن "خطط مكتب الإحصاءات الوطني بتقدير انتشار كوفيد طويل الأمد مرحب بها جداً. خلال مراجعتنا، لاحظنا أن الأعراض متعددة ومتفاوتة كثيراً. والاستطلاع الحالي للإصابة بكوفيد-19 يرصد عدداً محدوداً من الأعراض على مر الزمن، وربما قد لا يسجل كل الذين يعانون من مشاكل مستمرة".
"إن التقدير بوجود 186 ألف شخص في إنجلترا قد يتبين أنه أقل من الرقم الحقيقي، وطرح لائحة أوسع والفرصة كي يتمكن الناس من وصف أثر كوفيد طويل المدى سوف يحسن كثيراً من فهمنا للموضوع".
وأضافت أن استطلاع مكتب الإحصاءات الوطني يقصي مجموعات هشة مثل المسافرين والمشردين والسجناء والنزلاء في دور الرعاية.
وقالت "يجب بذل المزيد من الجهد من أجل تحديد الحاجات التي لم تُلبَ في هذه المجتمعات المحلية".
يعمل المعهد الوطني للامتياز في الصحة والرعاية على وضع توجيهات جديدة للعناية بمرضى كوفيد طويل الأمد وعلاجهم.
وقال الدكتور ديفيد ستراين، عضو فريق العمل المعني بكوفيد طويل الأمد في هيئة الخدمات الصحية الوطنية "هذه المعطيات الأولية مقلقة للغاية، فهي تشير إلى أن 10 في المئة من الأشخاص الذين أصيبوا بكوفيد تلازمهم أعراض المرض بعد مرور ثلاثة أشهر- وهو أكثر من ضعف المعدل الذي اعتقدناه سابقاً. وهي تسلط الضوء كذلك على أن غالبية الذين يصابون بكوفيد لديهم أعراض تدوم فترة أطول من شهر".
وقال إن البيانات المتعلقة بالمضاعفات لدى مرضى المستشفيات أكدت كذلك "ما رأيناه عندما عملنا في أقسام كوفيد داخل المستشفيات، وهو أن هذا الفيروس يتخطى كونه التهاباً تنفسياً فحسب، وهو مرض يصيب عدة أجزاء في الجسم".
"هذا يحدث للأشخاص الأصغر سناً، والنساء بينهم أكثر من الرجال - أي الشريحة السكانية التي قيل قبلاً إنها أقل تعرضاً للمرض الأساسي، وكانت بالتالي تؤدي مهام يعتبر خطر الاحتكاك بالفيروس من خلالها أكبر. قد تكون العواقب مدمرة على المدى البعيد لهؤلاء الأشخاص وللسكان بشكل عام، من حيث الأعراض الجسدية على الأشخاص والوقع الاقتصادي لعجزهم عن العمل".
© The Independent