قبل 54 شهراً، وتحديداً في يونيو (حزيران) 2016، ذهبت بريطانيا إلى استفتاء بشأن البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي، بعد علاقة دامت 40 سنة، وكانت النتيجة 52 في المئة يؤيدون الخروج مقابل 48 في المئة يؤيدون البقاء، وبعد هذه النتيجة تقدم ديفيد كاميرون باستقالته من رئاسة الوزراء وأفسح المجال أمام تيريزا ماي لتقوم بما يجب لتنفيذ نتيجة الاستفتاء وإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. إلا أنها فشلت في كسب تأييد البرلمان البريطاني خطتها للخروج، وغادرت بدورها ليخلفها بوريس جونسون الذي عمل على إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي باتفاق أو من دونه كما كان يردد دائماً، وكان له ما أراد وظفر باتفاق من 2000 صفحة ينظم العلاقة بين لندن وبروكسل اعتباراً من 1 يناير (كانون الثاني) 2021.
اتفاقية التجارة والتعاون
الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأكبر لبريطانيا بحجم تبادل تجاري بلغ 906 مليارات دولار في عام 2019. وبعد أشهر من المفاوضات المتعثرة بين لندن وبروكسل، توصل الجانبان إلى اتفاق قبل عطلة أعياد الميلاد لهذا العام، يحدد ملامح العلاقات التجارية والأمنية بعد تاريخ 31 من ديسمبر (كانون الأول) 2020، وهو آخر يوم للفترة الانتقالية وفك الارتباط، تغادر بعده بريطانيا السوق الأوروبية المشتركة والاتحاد الجمركي. ترتكز هذه الاتفاقية على القانون الدولي وليس قانون الاتحاد الأوروبي، وتشير إلى تصفير الجانبين الرسوم الجمركية للبضائع المنتجة في بريطانيا والاتحاد الأوروبي. كما شملت الاتفاقية حصصاً صفرية على كل السلع (عدم وجود قيود على كمية السلع المتداولة) التي تتوافق مع قواعد المنشأ.
وكانت الخلافات انحصرت، أخيراً، في ثلاثة ملفات رئيسة هي "مصائد الأسماك، والمنافسة، والنزاعات (سيكون هنالك آلية لفض النزاعات لا تحتكم إلى القوانين الأوروبية، وبالتالي لا دور للمحكمة الأوروبية فيها).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حقوق الصيد والوصول إلى المياه الإقليمية البريطانية
وظل ملف حقوق الصيد في المياه الإقليمية البريطانية موضوعاً خلافياً وله جذور من التوترات بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، على الرغم من المساهمة المتواضعة لقطاع الأسماك في الناتج المحلي الإجمالي البريطاني سنوياً والذي لا يتجاوز الـ0.2 في المئة. ويشغل هذا القطاع نحو 12,000 عامل، بينما تظل قضية الصيد سياسية بامتياز، وكانت قضية مفتاحية في حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي بدعوى السيطرة والسيادة على المياه الإقليمية البريطانية. وسعت بريطانيا للسيطرة على 200 ميل بحري وحصة من الصيد أكبر من حصة أساطيل الصيد الأوروبية. وتتمع بريطانيا بسواحل صيد هي الأكبر مقارنةً ببقية دول الاتحاد الأوروبي، لكن إحداها، تحديداً فرنسا، تتمتع بحصة صيد أكبر، ولهذا السبب كان الموقف الفرنسي الأكثر تشدداً في مرحلة المفاوضات. ونصّ الاتفاق على احتفاظ الاتحاد الأوروبي بإمكانية الوصول إلى المياه البريطانية لمدة خمس سنوات ونصف مع خفض حصته من الصيد بنسبة 25 في المئة، ليقول رئيس الوزراء بوريس جونسون، إن بريطانيا وافقت على فترة انتقالية مدتها 66 شهراً، بينما كان الاتحاد الأوروبي يطالب بـ168 شهراً بشأن ملف الصيد، الذي كان أحد الملفات المعقدة التي تعثرت بسببها المفاوضات مراراً وتكراراً.
ارتفاع الجنيه الإسترليني
وارتفع الجنيه الإسترليني إلى فوق مستوى الـ1.3600 مقابل الدولار الأميركي، الخميس 24 ديسمبر (كانون الأول) 2020، بعد الإعلان عن الاتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي وهو المستوى الأعلى للعملة البريطانية منذ مايو (أيار) 2018، وذلك بعد أن تخلص السوق من مخاطر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
نذكر أن الجنيه الإسترليني كان يُتداول في يونيو (حزيران) 2016، عند مستوى 1.5050 وتراجع إلى 1.3100 خلال الشهر ذاته، بعد تصويت بريطانيا لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي. وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2016 تراجع الجنيه الإسترليني إلى مستوى 1.1580 بسبب تداعيات نتيجة الاستفتاء. واستمر تأثير ملف الـ"بريكست" على الجنيه الإسترليني حتى يومنا هذا طوال أربع سنوات ونصف السنة بعد تصويت الخروج.
وسيُعرَض الاتفاق على البرلمان البريطاني في 30 ديسمبر (كانون الأول) 2020، في ظل توقعات بتمريره، بينما يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى وقت أطول لعرضه على دوله الـ27 الأعضاء.