أثار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الثلاثاء المنصرم، سجالاً جديداً يتعلق بقضية محاباة، إثر تجاهله نصيحة رسمية تلقاها، فمنح رتبة لورد إلى متمول ومتبرع لحزب المحافظين استقال في وقت سابق من الحزب المذكور إثر اتهامات وجهت له بـ"استخدام المال بهدف التأثير" (السياسي) cash-for-access.
وفي إعلان جرى تداوله بعد ذهاب نواب مجلس العموم البريطاني إلى بيوتهم لقضاء عطلة عيد الميلاد، أفاد رئيس الوزراء جونسون بأن بيتر كروداس، التاجر اللندني الذي تبرع لحزب المحافظين بمبلغ يقارب 2.5 مليون جنيه إسترليني (حوالي 3.75 مليار دولار أميركي) خلال عقد السنوات الفائت، قد يصبح لورداً وعضواً بالتالي في مجلس اللوردات.
وتذكيراً، ففي مارس (آذار) 2012، استقال السيد كروداس من منصبه كمسؤول للخزينة في حزب المحافظين إثر فضيحة تحدثت عن استخدامه الرشوة، أو "المال من أجل التأثير" (السياسي). ويشكل كروداس واحداً من 16 عضواً جديداً مماثلاً عينتهم الحكومة البريطانية في مجلس اللوردات، في خطوة أثارت قلق رئيس ذلك المجلس نورمان فاولر Lord Speaker Norman Fowler، الذي ذكر أن نظام التعيين هذا بات فاسداً ويحتاج إلى إصلاح.
وفي مقلب آخر، ذكر حزب العمال، أن تعيين السيد كروداس أظهر وجود "قانون خاص لأعضاء حزب المحافظين وأصحابهم، وآخر لبقية الناس في البلاد".
وفي تفاصيل متصلة، عين السيد جونسون حتى الآن 52 عضواً جديداً في مجلس اللوردات الذي يمثل فرعاً من البرلمان لا يتشكل انتخابياً، وبات عدد أعضائه يفوق 830. وقد شملت التعيينات التي أجريت في الآونة الأخيرة المؤيد البارز لبريكست، دانييل هانان، إضافة إلى أعضاء سابقين في البرلمان الأوروبي من حزب المحافظين سبق أن فقدوا مناصبهم بعد أن وجه حزبهم جهوده نحو تحقيق بريكست.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي بيان أصدره، الثلاثاء المنصرم، أشار رئيس مجلس اللوردات، نورمان فاولر، إلى أنه "يشعر بقلق كبير" إزاء "عدد الأعضاء الجدد [من اللوردات] الذين عينهم رئيس الوزراء جونسون خلال الاثني عشر شهراً الأولى من توليه منصبه".
وتابع رئيس المجلس في بيانه، "عدد التعيينات التي أجريت الآن يصطدم أيضاً بتوصيات لجنة (بيرنس) Burns المتعلقة بحجم المجلس. وقد صادق مجلس اللوردات على تلك التوصيات بأغلبية ساحقة". وأضاف فاولر "أوصت لجنة بيرنس بوجوب تخفيض عدد أعضاء المجلس إلى 600 عضو. ولزيادة الطين بلة، جاءت تعيينات أقران جدد في مجلس اللوردات للمرة الثانية، متزامنةً مع إجازة مجلس العموم وعدم انعقاد البرلمان. ويوجه اللوم أحياناً في هذا الأمر إلى مجلس اللوردات بسبب فشله في تحقيق التغيير. جوابي على هذا يتمثل في وجوب عدم لوم مجلس اللوردات، بل وجهوا لومكم إلى الحكومات المتعاقبة التي تلافت الخوض في هذه المسألة. إذ إن جوابهم على ذلك تمثل دائماً في أن التغيير "ليس أولوية". لكن من المحتمل الآن، وبعد جولتين من التعيين، أن يظهر الناس رفضهم".
وفي 2012، استقال السيد كروداس من منصبه في حزب المحافظين إثر مزاعم نشرتها صحيفة "صنداي تايمز" أشارت إلى عرضه الوصول إلى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون والمستشار جورج أوسبورن مقابل مبلغ نقدي من التبرعات يتراوح بين 100 ألف و250 ألف جنيه إسترليني. وقد نفى كروداس انخراطه في أي مخالفة.
في الإطار عينه، سبق للجنة تعيين الأعضاء في مجلس اللوردات، وهي هيئة مستقلة تدقق في الأعضاء الجدد المقترحين، أن نصحت بعدم تعيين السيد كروداس، مشيرة إلى قضية الرشوة التي تناولته. وفي خطوة غير مسبوقة، رفض رئيس الورزاء بوريس جونسون تلك النصيحة. وقد تناولت الحكومة ذلك الموضوع في بيان ورد فيه، أن لجنة تعيين الأعضاء "تقدم النصيحة، إلا أن قرار التعيينات يبقى بيد رئيس الوزراء". وتابع بيان الحكومة، "لقد أنجزت لجنة تعيين الأعضاء تدقيقها بالنسبة إلى جميع المرشحين. ولمحت اللجنة إلى رئيس الوزراء بأنها لا تستطيع دعم تعيين أحد المرشحين، وهو بيتر كروداس. وأخذ رئيس الوزراء نصيحة اللجنة وعوامل أوسع أخرى، في عين الاعتبار، واستنتج، على نحو استثنائي، بأن التعيين ينبغي أن يمر". وفي رسالة إلى لجنة تعيين الأعضاء، ذكر السيد جونسون أن تحقيقاً داخلياً في حزب المحافظين توصل إلى "عدم وجود مخالفة" بالنسبة إلى ذلك الميسور الداعم للمحافظين (كروداس). كذلك رفض جونسون "المخاوف التاريخية" المثارة ضد العضو الجديد الذي سيعين قريباً في مجلس اللوردات.
في المقابل، ذكرت أنغيلا راينير، نائبة زعيم حزب العمال، أن خطوة السيد جونسون فاقمت "مسائل تثار منذ أشهر حول عمليات محاباة وواسطة تجري في قلب الحكومة". وفي المقابل، وصفت التعيين الجديد في مجلس اللوردات بأنه "ملائم إلى حد ما".
وكذلك استحضرت راينير قصة دومينيك كامينغز (مستشار سياسي إستراتيجي ترأس مستشاري جونسون بين عامي 2019 و2020) و"تبديد مئات الملايين من الأموال النقدية التي سددها دافعو الضرائب في عقود لا تنجز"، وذلك كمثل آخر على ما يقوله حزبها (حزب العمال) بأن "ثمة قانوناً خاصاً يسري على المحافظين وأصحابهم، وقانوناً آخر يسري على بقية الناس في البلاد".
© The Independent