يبدو أن الملفات المرتقبة على طاولة الحكومة اليمنية الجديدة عديدة ومعقدة وضرورية لمعالجة أوضاع متفاقمة مست اليمنيين في مناطق سيطرة الشرعية، خدمية كانت، أو اقتصادية، أو عسكرية. فالحكومة التي أعلن عن تشكيلها في 18 ديسمبر (كانون الأول)، وأدت اليمين الدستورية في 26 من الشهر ذاته، من المتوقع أن تقدم برنامجها، أو خطة عملها، إلى البرلمان لنيل الثقة كإجراء دستوري اعتيادي.
ويأمل الشارع اليمني أن تلبي الحكومة الجديدة تطلعاته، وترسم صورة إيجابية لمحو جملة من الإخفاقات التي رافقت أداء نظيرتها الماضية، التي كان الرابح الأكبر فيها ميليشيات الحوثي، سواء على صعيد توقف معركة الحديدة، أو شرذمة القرار العسكري، وتناحر شركاء السلاح في الجبهة الواحدة المناهضة لها، وهو الأمر الذي يعلق عليه اليمنيون في حسم الاختلال الأمني والعسكري بالمناطق المحررة بما يكفل توحيد كل الجهود لمواجهة الميليشيات.
تثبيت صرف العملة وتحسين الخدمات
يؤكد اقتصاديون أن بداية الإصلاحات الحكومية المرتقبة من الضروري أن تبدأ من تحسين الخدمات، وتثبيت سعر صرف العملة أمام العملات الأجنبية، والرواتب، وإعادة ترتيب أوضاع الجيش والأمن للتغلب على الازدواجية في اتخاذ القرار، وكلها أمور نص عليها اتفاق الرياض.
وإلى جانب ملف الخدمات الأكثر ثقلاً، سيكون أمام الحكومة الجديدة مهمة تفعيل الإيرادات، سواء عبر تحصيل الرسوم القانونية وتنشيط عمل الموانئ، أو عبر العمل لتصدير مزيد من شحنات النفط والغاز، بالتوازي مع وضع حلول صارمة تكفل عدم عبث الميليشيات بالاقتصاد، أو العملة، وحسم ملف واردات موانئ الحديدة لمصلحة رواتب الموظفين.
من جانبه، يؤكد مستشار الرئيس اليمني للشؤون الاقتصادية، حافظ معياد، أن تحصيل الإيرادات الجمركية والضريبة والتوقف عن طباعة عملة جديدة أهم ما ينبغي على الحكومة الجديدة القيام به، إضافة إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
تحقيق الأمن وسيادة الدولة
وعن أهم التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة يعتقد معياد في حديثه أنها تلك المتعلقة بمدى قدرتها على استقرار العملة وتحقيق الأمن في المناطق المحررة وعمل منطقة نموذجاً يحتذى ويعمم في أنحاء البلاد لكي يستطيع اليمنيون أن يعيشوا بآدمية، فضلاً عن توجيه رسالة لجميع المواطنين تفيد بأن الحكومة بقدرتها المحافظة على سيادة البلاد أرضاً وشعباً.
ويرى معياد أن أهم الإصلاحات الاقتصادية المرتقبة من الحكومة ينبغي أن تشمل إيقاف الطاقة الكهربائية المشتراة كونها تمثل فساداً في بلد يعيش مواطنوه تحت خط الفقر، إضافة إلى ضرورة الاستثمار في الطاقة البديلة على المدى الطويل.
قطاع الاتصالات
ويرى مراقبون أن أهم التحديات التي تقف أمام الحكومة هي تطوير قطاع الاتصالات وضمان الحصول على موارده، خصوصاً أن هذا القطاع لا يزال تحت سيطرة الميليشيات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول وزير الاتصالات وتقنية المعلومات في الحكومة الجديدة، نجيب العوج، إنه سيعمل على إعادة وضع قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات لما كان عليه وتنظيم القطاع ووضع اللبنات لمشاريع جديدة.
وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، أنه سيعمل على استخدام أحدث التكنولوجيا في مجال الإنترنت والاتصالات ودعم قطاع الأعمال والبنوك والتعليم، وغيره من القطاعات الخدمية، ورفع موارد الدولة وتوسيع شريحة المستفيدين في الجيل الرابع من الإنترنت خامساً، وتشجيع شركات الاتصالات القائمة والجديدة في الانخراط بتوسعة البنية التحتية والاستثمار فيها.
وأوضح أنه يخطط لخلق تنافسية ومشاركة لقطاعات واسعة من المجتمع والشركات العاملة بهذا المجال، واستخدام تقنية ومجالات الاقمار الصناعية لرفع كفاءة الاتصال والإنترنت، وتفعيل دور المؤسسات التابعة للاتصالات وتشجيعها على التنافسية وتقديم الخدمة الأفضل.
وفي حين أكد أنه سيعمل على ربط الاتصال الأرضي والموبايل بمنظومة وزارة الاتصالات، تعهد وزير الاتصالات اليمني بتشجيع الاستثمار والشراكة في مجال تقنية المعلومات، ورفع كفاءة عمل البريد وخلق نمط جديد من الأداء وربط برامجه بأحدث تكنولوجيا التواصل، بما في ذلك تحويل البريد لمؤسسة مالية وخدماتية تخفف من معاناة المواطن، وتقدم خدمات أفضل له، إضافة إلى التنسيق مع الشركات والمؤسسات الدولية العاملة في مجالات الاتصال والاستثمار والابتكار.
المشتقات النفطية
ومن قطاع الاتصالات إلى قطاع المشتقات النفطية، فإن المواطنين بالمناطق المحررة يأملون انتهاء الأزمات المتكررة في المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها بين الحين والآخر، وتختفي أحياناً من محطات الوقود، وإصلاح آلية استيراد المشتقات النفطية، التي أتاحت المجال لاحتكار تجار بعينهم في سوق الوقود، والتحكم بأسعاره وإعادة دور شركة النفط اليمنية ومصافي عدن، والمتمثل في استيراد الوقود من الخارج وتوزيعه في الداخل.
استعادة ثقة الشركاء في الداخل والخارج لعله أهم النتائج التي ترمي إليها الحكومة الجديدة من عودة الشركات الأجنبية والعاملة في مجال النفط والغاز بما يضمن استئناف إنتاج النفط والغاز بالطاقة القصوى، ورفد خزانة الدولة بالعملة الأجنبية اللازمة لتمويل نفقاتها وعدم تمويل العجز من موارد تضخمية يقف على رأسها طباعة العملة، الذي كان سبباً رئيساً في تدهور قيمة الريال اليمني ووصوله إلى مستوى تاريخي عند 970 ريالاً للدولار الواحد قبل أن يتراجع مع الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة.