وسط تزايد أعداد الإصابات بفيروس كورونا في مصر، انتشر مساء السبت 2 يناير (كانون الثاني) الحالي، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو أدى إلى تخوف كثيرين من مدى جاهزية النظام الصحي المصري للتعامل مع ضغط زيادة المصابين بالجائحة. وظهر في الفيديو الذي لم يتخط الـ 48 ثانية، حال من الرعب داخل قسم الرعاية المركزة في مستشفى الحسينية المركزي بمحافظة الشرقية شمال القاهرة، حيث يرقد مرضى على الأسرة، ويمكن سماع صوت مصور الفيديو يقول إن كل من في العناية المركزة توفي بسبب نفاذ الأكسجين من أنابيب التغذية، في ظل وجود أعضاء فريق التمريض الذين بدوا بلا حيلة، وجلست إحداهن على الأرض قرب الحائط وقد غلبتها مشاعر الخوف.
وانتشر الفيديو بسرعة فائقة على صفحات موقع "فيسبوك" وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي. وكتب بعض من شارك الفيديو أن سبعة مصابين بفيروس كورونا توفوا بسبب نفاذ الأكسجين.
الممرضة المذعورة
وظهرت ممرضة في إحدى لقطات الفيديو، جالسة خائفة بجوار حائط، وتداول رواد مواقع التواصل المشهد بشكل واسع. ونقل أحد المواقع الإخبارية عن الممرضة قولها إن ضغط شبكة الأكسجين تعرض للضعف بالفعل، مما أصاب المرضى بالاختناق، وفشلت محاولات الطاقم الطبي في إسعافهم لأن حالتهم كانت متدهورة قبل نقص الأكسجين.
وأكدت أيضاً أنها تعرضت للصدمة بسبب مشهد حالات الوفاة أمامها، لأنها بدأت العمل منذ سبعة أشهر فقط، بعد تخرجها من معهد التمريض.
وروى أحمد ممدوح، مصور الفيديو المتداول، أنه كان في المستشفى للاطمئنان على عمته المحتجزة في الرعاية المركزة لإصابتها بكورونا، وتواصل مع إدارة المستشفى في شأن نقص الأكسجين، وكان الرد بأن السيارة التي تحمل الأكسجين شارفت على الوصول. وعقب وصول السيارة، وبدء ضخ الأوكسجين بالمواسير، فوجئ بشخص يخبره بوفاة كل من في قسم العناية المركزة، فتوجه بسرعة إلى القسم وصور الفيديو، وفق تصريحاته لأحد المواقع الإخبارية المصرية.
المحافظ ينفي
وسارعت محافظة الشرقية إلى نفي نفاذ الأكسجين، وأوضح المحافظ ممدوح غراب في بيان أن "عدد المتوفين أربعة وليس سبعة كما تردد، كانوا جميعهم على أجهزة التنفس الاصطناعي، وتوفوا بشكل طبيعي نتيجة مضاعفات الإصابة بفيروس كورونا، بخاصة أنهم كانوا يعانون أمراضاً مزمنة، وليس بسبب نقص أو نفاذ الأكسجين". وأضاف محافظ الشرقية أنه "فور ظهور الفيديو تم تشكيل لجنة توجهت إلى المستشفى، وتبينت أن عدد المتوفين بلغ أربع حالات في عناية عزل المصابين بكورونا، وأن الأكسجين لم ينفذ، بدليل وجود 17 طفلاً في قسم الحضانة وحالتين في العناية العامة غير المخصصة لعزل حالات كورونا، و36 حالة إصابة بكورونا في قسم العزل، ولم تحصل وفيات بين تلك الحالات، على الرغم من أن الأكسجين الذي يغذي مرضى كورونا بالعناية المركزة هو الذي يغذي الحضانات والعناية العامة". وأضاف البيان أنه "وقت حدوث الوفيات كانت سيارة الأكسجين تغذي الخزان، مما يؤكد أنه لا يوجد نقص أو نفاذ في الأكسجين، كما توجد شبكة أكسجين احتياطية". وقرر المحافظ إحالة مسؤول شركة الأمن للتحقيق، بسبب سماحه لأحد الأفراد "باقتحام عناية العزل وتصوير المرضى وإثارة البلبلة" بحسب البيان. وطالب المحافظ متابعي صفحات التواصل الاجتماعي بتوخي الحذر في ما يقومون بنشره من أخبار وفيديوهات تتعلق بأزمة كورونا، لتفادي إثارة الرأي العام ونشر الذعر بين المواطنين. وطالب المواطنين بعدم الالتفات إلى أية أخبار غير صادرة عن المتحدث الرسمي للمحافظة، وصفحتها الرسمية على "فيسبوك".
النيابة تحقق
وبعد ساعات من الواقعة، فتحت النيابة العامة المصرية تحقيقاً حول واقعة مستشفى الحسينية العام، لتبيان حقيقة ما أثير عن وجود إهمال طبي، واستدعت عدداً من الأطباء لسؤالهم عن الواقعة، بعدما أرسل مواطنون فيديو الواقعة إلى صفحة النيابة العامة المصرية على موقع "فيسبوك"، بحسب ما نقلته وسائل إعلام مصرية عن مصادر قضائية.
وفي بيان الأحد، أكدت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد "توفر مخزون كاف من غاز الأكسجين الطبي في جميع المستشفيات التي تستقبل مرضى فيروس كورونا المستجد بمحافظات مصر".
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية، خالد مجاهد، إن "حالات الوفاة الأربع التي وقعت أمس داخل وحدة الرعاية المركزة في مستشفى الحسينية كانت في فترات زمنية مختلفة، وأغلبهم من كبار السن ويعانون أمراضاً مزمنة، ولديهم مضاعفات مرضية نتيجة إصابتهم بالفيروس، مما أدى إلى تدهور حالتهم الصحية ووفاتهم".
وتعد واقعة مستشفى الحسينية الثانية خلال 48 ساعة، بعد وفاة مريضين بسبب نفاذ الأكسجين في مستشفى زفتى العام بمحافظة الغربية، وهي الواقعة التي أعلن النائب العام فتح تحقيق في شأنها مساء السبت 2 يناير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اللقاح الصيني
وسجلت وزارة الصحة المصرية السبت 1407 حالات إصابة جديدة بفيروس كورونا، و54 حالة وفاة، ليصل إجمالي عدد الوفيات إلى 7741، وإجمالي الإصابات إلى 140878 منذ بداية الجائحة.
لكن المسؤولين يؤكدون أن عدد الإصابات أكبر من ذلك، إذ لا يتم تسجيل إلا من جاءت نتائج فحوصهم إيجابية في مختبرات وزارة الصحة. واعتمدت هيئة الدواء المصرية الحكومية اللقاح الصيني ضد كورونا، بحسب ما أعلنت زايد مساء السبت.
ووصلت أول شحنة من اللقاح إلى مصر في ديسمبر (كانون الأول) وشملت 50 ألف جرعة. وأوضحت زايد أن التطعيم سيبدأ عند وصول الدفعة الثانية التي ستشمل 50 ألف جرعة إضافية، متوقعة وصولها بين الأسبوعين الثاني والثالث من يناير الحالي.
متابعة الحكومة المصرية
وعقد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اجتماعاً مساء السبت لمتابعة موقف مواجهة الدولة للموجة الثانية من فيروس كورونا، بحضور رئيس الحكومة ووزيري الصحة والمالية، ومستشار الرئيس للشؤون الصحية والوقائية محمد عوض تاج الدين، الذي أكد في تصريحات تلفزيونية أن الاجتماع تطرق إلى متابعة توفير أماكن لتلقي الخدمة والمستلزمات الطبية والوقائية والأدوية، وعدد كاف من أجهزة التنفس الاصطناعي، مؤكداً وجود احتياط استراتيجي وكمية كافية من الأكسجين لدعم المستشفيات والحالات التي تحتاج إلى أكسجين في المنازل.
وذكر بيان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس المصري وجّه بتكثيف برامج التوعية لكل فئات المجتمع في شأن الوقاية من الإصابة بالفيروس، وبالحصول على أفضل العروض من الشركات العالمية لأكثر اللقاحات فعالية، وبأكبر كمية ممكنة في أسرع وقت، إضافة إلى قيام صندوق "تحيا مصر" بدعم توفير اللقاح للفئات المستحقة ذات الأولوية، بخاصة من الكوادر الطبية، والحالات الحرجة والمزمنة، والحالات المصابة وكبار السن من الفئات الأكثر احتياجاً، تحت مظلة برامج الحماية الاجتماعية.