معرض إكسبو 2020 دبي، حدث عالمي تستقبله دبي خلال أقل من عام ونصف العام، ويستمر 6 أشهر، يضيف لاقتصاد الإمارات ما يقرب من 33.4 مليار دولار بالإضافة إلى خلق توفير آلاف الوظائف خلال مرحلة التحضير، وتجري الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الحدث العالمي الذي من المتوقع أن يجذب 25 مليون زيارة كأعلى حضور منذ إطلاق المعرض عام 1851.
وتبذل الإمارات جهوداً مكثفة منذ فوزها باستضافة المعرض عام 2013، وتطمح أن يترك هذا الحدث التاريخي انطباعات جيدة لدى الوافدين بما يخدم تطلعاتها لتنشيط التدفقات الأجنبية وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمارات في شتى القطاعات. وتقام فعاليات إكسبو 2020 دبي خلال الفترة من 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2020 وحتى 10 أبريل (نيسان) 2021. وهذه هي المرة الأولى التي تحتضن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا هذا الحدث الاقتصادي والحضاري والثقافي العالمي وتستضيفه دولة عربية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في جولة لــ «اندبندنت عربية» رصدت تواصل الرافعات والمعدات والآليات الثقيلة والخفيفة، واستكمال الأعمال الإنشائية في موقع المعرض ضمن خلية نحل تضم حالياً نحو 35 ألف عامل، في سباق مع الزمن لإنجاز الأعمال الإنشائية التي بدأت خلال مارس (آذار) 2017 لتسليمها في الموعد المحدد في شهر أكتوبر من عام 2019 أي قبل عام كامل من الافتتاح.
ومع تأكيد أكثر من 200 جهة بينها 190 دولة مشاركتها في معرض إكسبو دبي، تكون الإمارات قد تجاوزت الرقم المستهدف لمشاركات الدول، والذي التزمته في ملف الترشيح لاستضافة إكسبو الدولي، وذلك قبل ما يقرب من عام ونصف العام من انطلاق فعالياته، ويتزامن إكسبو 2020 دبي مع الذكرى السنوية الخمسين لتأسيس دولة الإمارات في ديسمبر(كانون الأول) 1971.
وتعمل شركات محلية وعالمية رئيسية ومقاولو الباطن معاً على أرض الموقع، بحيث أصبحت التطورات واضحة للأعمال الإنشائية الأولية على الأرض، وبلغ أعلى معدل لصب الخرسانة 7 آلاف متر مكعب في اليوم الواحد، في حين بلغت مدة العمل المنجزة في موقع إكسبو أكثر من 44 مليون ساعة عمل.
ويشكل "إكسبو 2020" حراكاً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً يعزز النمو الذي تشهده دولة الإمارات، إذ يسهم في توفير آلاف الوظائف خلال مرحلة التحضير، وفي أشهر الاستضافة الستة وأيضاً خلال مرحلة ما بعد الحدث، إذ سيتم خلق قيمة مضافة من خلال تحويل الموقع إلى مشروع مستدام وبيئة جاذبة للأعمال بمختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدمية.
استثمار مهم ومؤثر على المدى الطويل في مستقبل الإمارات
من جانبه قال المدير التنفيذي لمكتب إكسبو 2020 دبي نجيب محمد العلي، "إن إكسبو 2020 دبي يمثل استثماراً مهماً ومؤثراً على المدى الطويل في مستقبل الإمارات، إذ يسهم بأكثر من 120 مليار درهم في الاقتصاد بين عامي 2013 و2031".
وأضاف العلي، خلال مؤتمر صحافي عقد في دبي الاثنين، "إن الحدث العالمي لن يشجع الملايين من أنحاء العالم على زيارة الإمارات في عام 2020 وحسب، بل سيحفز أيضا قطاع السياحة والسفر، ويدعم التنويع الاقتصادي لسنوات بعد إكسبو، تاركا إرثا اقتصاديا مستداما يساعد على ضمان بقاء دولة الإمارات وجهة رائدة للعمل والترفيه والاستثمار".
ويتوقع الخبراء والمحللون أن تشهد دبي والإمارات نمواً اقتصاديا قبل 2020 حين تستضيف الإمارة معرض إكسبو الدولي.
ويسهم المعرض في دعم نمو جميع القطاعات خاصة بعد انطلاق أعمال البناء حيث رصد 6.8 مليار دولار لتطوير موقع الحدث، فيما يتوقع أن يصل إجمالي استثمارات الدول المشاركة بأجنحة خاصة بها إلى 5 مليارات دولار، وفقاً لتقديرات "ميد بروجكت" التي قدرت تكلفة الجناح الواحد ما بين 20 وبين 50 مليون دولار باختلاف المساحة والتصميمات الداخلية.
وسيصل النشاط السياحي في دبي إلى ذروته، حيث تشير التوقعات إلى أن عدد زوار المدينة خلال فترة الستة أشهر من المعرض قد يتجاوز 25 مليون زائر، 70% منهم من خارج الإمارات، وهو ما سيشكل أضخم نسبة من الزوّار الدوليين في تاريخ معارض إكسبو الممتد منذ 168 عاماً.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي أفادت شركة "فيتش سوليوشنز ماكرو ريسيرش" أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في دبي سيقود العديد من المشروعات التي تم إطلاقها لمعرض إكسبو، بما في ذلك مركز للمعارض بقيمة 7 مليارات دولار ومشروع توسعة بقيمة 2.9 مليار دولار لخط مترو دبي الأحمر.
وذكرت "فيتش سوليوشنز" أن الحكومة تتوقع زيادة في عرض الغرف الفندقية بحلول نهاية هذا العام لتصل إلى 132 ألف غرفة ما يمثل دفعة كبيرة لتدفقات السياحة خلال هذا الحدث.
ولأول مرة في تاريخ إكسبو الدولي ستحظى كل دولة مشاركة بجناح مستقل في المعرض وسوف تتوزع الأجنحة على مناطق تمثل المواضيع الثلاثة "الفرص والتنقل والاستدامة".
ويحقق اقتصاد دبي نمواً قوياً، خلال العامين الحالي والمقبل، بنسبة 3.8% و4.5% على التوالي، بدعم من معرض «إكسبو 2020 دبي» على أن يضيف المعرض إلى الناتج المحلي الإجمالي للإمارة نحو 33%، بما يعادل 38 مليار دولار، بحسب تقرير حديث صادر عن وكالة «كابيتال إيكونوميكس» البريطانية.
وكشفت دراسة مستقلة، أجرتها شركة التدقيق والاستشارات المالية "إرنست ويونغ"، حول الأثر الاقتصادي لإكسبو 2020 دبي، أن الحدث الدولي يشكّل استثماراً طويل الأمد في مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ يدعم الاقتصاد الوطني بإجمالي قيمة مضافة يبلغ 122.6 مليار درهم (33.4 مليار دولار) بين عامي 2013-2031.
وتوقع التقرير أن يدعم إكسبو 2020 ما يصل إلى 905,200 سنة عمل بين عامي 2013 و2031، وهو ما يساوي نحو 49,700 ألف وظيفة بدوام كامل سنويا خلال هذه الفترة.
وخلال فعالياته الممتدة من أكتوبر 2020 إلى أبريل 2021، من المتوقع أن يستقطب إكسبو 2020 دبي 25 مليون زيارة، وأن يسهم بما يعادل 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع للإمارات.
ويستفيد قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، الذي يمثل جزءاً محورياً من الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، بواقع 4.7 مليار درهم إماراتي من الاستثمارات التي يجري تنفيذها خلال مرحلة ما قبل انطلاق إكسبو 2020، مما يحفز نشاطا يوفر 12,600 سنة عمل، فضلا عن دعم أهداف إكسبو 2020 دبي لتشجيع الابتكار ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
تأثير كبير على الاقتصاد وخلق الوظائف
وقال ماثيو بنسون، شريك في قسم خدمات استشارات الصفقات لدى "إرنست ويونغ"، إن إكسبو 2020 دبي يمثل استثماراً طويل الأمد لدولة الإمارات متوقعاً أن يكون له تأثير كبير على الاقتصاد وعملية خلق الوظائف بشكل مباشر وغير مباشر.
وأضاف إن إمارة دبي (باعتبارها المستضيف) تهدف إلى الاستفادة من هذا الحدث الدولي لتعزيز مكانتها وسمعتها على المستوى الدولي بشكل أكبر. سيحتفل الحدث بالابتكار، وتعزيز التقدم والعمل المشترك، ويوفر المتعة والتثقيف لجمهور عالمي.
أثر ملموس في زيادة الناتج المحلي الإجمالي لدبي والإمارات
من جهته، توقع الخبير الاقتصادي ناصر السعيدي أن يكون لاستضافة إكسبو 2020 أثر ملموس في زيادة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي والإمارات، مدعوماً بتكثيف الاستعدادات لاستضافة المعرض، لافتاً إلى أن هناك تأثيرات مباشرة وأخرى غير مباشرة على الإمارة، والتي ستظهر على قطاعات الإنفاق والاستثمار فيها، وسلسلة التوريدات الصناعية.
وقال السعيدي لـ«اندبندنت عربية» إن "المعرض يمثل فرصة كبيرة ليس لدبي أو الإمارات فقط ولكن لمنطقة الخليج باعتباره رسالة إلى العالم، تعزز من مكانة المنطقة، وتؤكد على مواصلتها سياسة الانفتاح الإيجابي، والارتباط الفعّال مع الأسواق العالمية، لافتاً إلى أن استضافة دولة الإمارات لهذا الحدث العالمي ستكون علامة فارقة في تاريخ إكسبو، وسيكون العالم على موعد مع نسخة استثنائية نظراً لمساهمته بشكل أساسي في تواصل العقول وصولاً إلى أدوت صناعة المستقبل".
ولفت السعيدي، الذي شغل في السابق كبير الاقتصاديين السابق في مركز دبي المالي العالمي، إلى أن "تطوير البنية التحتية قبل المعرض يعتبر عاملاً مشجعاً للمستثمرين للاستفادة من الزخم الحاصل الاقتصاد المحلي الذي يزداد قوة كنتيجة مباشرة لمتانة الأسس التي يقوم عليها".
وعن توقعاته لما بعد أكسبو 2020، قال "من الطبيعي أن تتراجع معدلات النمو الاقتصادي في دبي مقارنة بما ستكون عليه قبل وأثناء تنظيم الحدث، وهذا ما يحدث غالباً في جميع دول العالم التي تنظم مثل هذه المعارض الضخمة أو تنظيم الأحداث الرياضية العالمية مثل دورات الألعاب الأوليمبية على سبيل المثال"، موضحاً "أنه لمعالجة هذا الأمر يتطلب من حكومة دبي العمل على إيجاد طرق لتحفيز الاستثمار على المدى الطويل، وقد بدأت في هذا الاتجاه عن طريق منح تأشيرات الإقامة لمدة 10 سنوات، أو تمتد هذه التسهيلات لتشمل منطقة أكسبو عبر زيادة نسب التملك للأجانب بنسبة 100%".
أول معرض إكسبو دولي
في عام 1851، احتضنت العاصمة البريطانية لندن، أول معرض أكسبو دولي، الذي أطلق عليه اسم "المعرض العظيم" وأقيم في "قصر الكريستال"، الأيقونة المعمارية التي شُيدت خصيصاً للحدث. وكان "المعرض العظيم" بمثابة احتفاء بالإبداعات الصناعية البشرية في عالم اتسم بتطوراته وتغييراته المتسارعة.
وشكّل الحدث بكافة تفاصيله سواء على صعيد تصميماته الهندسية ومعروضاته، أو مفهومه الرئيسي "المعرض العظيم لمنتجات الصناعة من دول العالم"، منصة اجتمعت عليها أمم الأرض لاستعراض مسيرة التقدم الصناعي المشتركة.
وفي السنوات اللاحقة، بدأ المشاركون في معارض إكسبو الدولية، بما في ذلك الحكومات والشركات والمؤسسات الدولية، السعي لإيجاد حلول للتحديات التي تواجه العالم والترويج لإنجازاتهم ومنتجاتهم وأفكارهم ومبتكراتهم، وعلاماتهم الوطنية وتسليط الضوء على بلدانهم كوجهات سياحية وتجارية واستثمارية.
وتقام معارض إكسبو الدولية تحت رعاية "المكتب الدولي للمعارض"، وهو منظمة حكومية دولية مسؤولة عن الإشراف على جميع المعارض الدولية. واليوم تقام أربعة أنواع من معارض إكسبو برعاية المكتب الدولي للمعارض: معارض إكسبو الدولية، معارض إكسبو المتخصصة، معارض إكسبو الزراعية ومعرض ميلانو .
وبالتأكيد تبقى المراهنة على مكاسب إكسبو وسط تحديات اقتصادية، منها اضطراب الأسواق العالمية، والتوقعات بتراجع النمو العالمي، إضافة إلى تقلبات أسعار النفط، كل هذا يضع معرض إكسبو أمام تحديات قد تؤثر سلبا على النتائج.