استهل الملياردير السوري رامي مخلوف عامه الجديد بمقطع مصور، أثار الاندهاش بعد تخليه عن خطابه الاقتصادي المعتاد، إذ دعا المواطنين إلى التضرع إلى الله بداية من منتصف الشهر الحالي وحتى أربعين يوماً، مبشراً بـ"معجزة تخص السوريين".
ونشر مخلوف التسجيل، الذي دام ما يقارب 17 دقيقة، على صفحته الرسمية كالمعتاد. وهو الأول له خلال هذا العام، ولا يختلف كثيراً من حيث الشكل مع سابقيه، إذ واظب على جلوسه أرضاً، وخلفه كومة من الحطب، حتى شكك مراقبون في وجوده "تحت إقامة جبرية" كما يشاع عنه، لعدم ظهوره بأماكن مختلفة.
نبوءات مخلوف
وليس غريباً ما حملته الإطلالة الجديدة من طابع ديني، بعد ما عكف صاحب أكبر شركة اتصالات بالبلاد على تمرير أحاديث من السيرة النبوية أو من آيات من القرآن الكريم مع كل مقطع له.
ولاحظ مصرفيون على إثر كل ظهور لمخلوف تعرض الليرة السورية إلى هبوط أو تذبذب بالصرف، إذ أغلق ما يقارب سعر الصرف عند 2850 مقابل الدولار الواحد، السعر غير الرسمي، وهو الرائج في الأسواق.
وأفضت آخر تسجيلاته إلى كون العام الحالي مفصلياً، متنبئاً بكوارث كبرى من فيضانات وبراكين وغيرها من الحوادث الطبيعية، إلا أنه تساءل مع وصول كورونا عما إذا كان توقف "الضجيج والحجيج"، وهل كانت كلها طبيعية أم أننا في آخر الزمان؟ وهل هي علامات صغرى ليوم القيامة؟ مشيراً إلى ظهور المهدي المنتظر، أو نزول السيد المسيح.
لكنه مقابل ذلك يرى أنه "لا يمكن الخروج من هذا النفق المظلم والأزمة في سوريا إلا بمعجزة"، وقال "بعد عشر سنوات من الحرب خرج الجميع خاسراً، وبعد كل ما خسرناه يجب أن تجعلنا هذه الأحداث نقف قليلاً، لنثبت للعالم أن السوري قادر على صنع معجزة، إذا كنا موحدين، وأن نقف وقفة الرجل الواحد بطلب واحد، من رب واحد، ليكون عوناً لنا على البلاء".
من الاقتصاد إلى الدين
ويأتي ظهور مخلوف بعد ثلاثة أسابيع من آخر إطلالة له. مؤكداً أنه ما زال في منزله بسوريا و"لن يغادره واقفاً"، في إشارة إلى تهديدات تصله ممن وصفهم بأثرياء الحرب وعزمهم، بحسب تعبيره، على الاستيلاء على ما تبقى من أملاك، وحمل الفيديو عنواناً "من خادم العباد إلى رئيس البلاد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأول ظهور للملياردير السوري كان في أواخر 2019 إبان أنباء عن حجز احتياطي على أمواله، إذ بدأت تتردد منذ ديسمبر (كانون الأول) في العام ذاته إلى إلزامه تسديد غرامات مالية، مناشداً وقتها مقام الرئاسة عبر هذه الإطلالات، للنظر إلى وضعه وحال البلد الاقتصادي المتردي، متهماً "أثرياء الحرب" بتدهور الوضع الاقتصادي للأسوأ.
والظهور الأخير لمخلوف بدا مختلفاً في فحواه عن مواضيع اقتصادية وسياسية، ورسائل متكررة للسلطة. وعدّه متابعون أنه محاولة لاستقطاب أكبر للشارع السوري الذي تجهز بعد أشهر لسلسلة انتخابات، في حين لا يرجح أن يطرح الملياردير السوري نفسه منافساً سياسياً، بل لتأكيد إمكانيته تعبئة الناس، أو الظهور على اعتبار امتلاكه شعبية ساحقة.
وأخذ أكثر الأثرياء شهرة في سوريا منصة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" نافذة له على العالم في الوقت الراهن، رغم ما عُرف عنه من ابتعاده عن وسائل الإعلام، فآخر ظهور إعلامي له يعود إلى مؤتمر صحافي عام 2011، كما عرف عنه دعمه القوات الرديفة التي تقاتل إلى جانب الجيش النظامي في المعارك الأخيرة، مع أعمال خيرية أبرزها جمعية "البستان".
ويأتي الشرخ بينه وبين الحكومة السورية بسبب إصدار الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد في سوريا قراراً يقضي "بضرورة امتثال شركتَي الاتصالات العاملتين في البلاد، وشركة المخلوف إحداهما، بدفع 233 مليون دولار أميركي"، ووفق بيان الهيئة الحكومية فإن هذه الأموال "مبالغ مستحقة للدولة"، ينبغي سدادها قبل 5 مايو (أيار) العام الفائت.
وهكذا، فإن رجل الأعمال مخلوف لمع نجمه مع بدء الانفتاح والازدهار الاقتصادي في أعقاب 2000، ومع هيمنته على قطاع الاتصالات وكثير من القطاعات والشركات الاقتصادية بنسب كبيرة تصل إلى 60 في المئة من الاقتصاد السوري.