لا يخفي أيمن رضا كما سائر نجوم سوريا، صدمته بعد رحيل المخرج حاتم علي، الذي يرى الكثيرون أنه صنع مجد الدراما السورية وألقها وساهم في انتشارها عربياً.
بداية تحدث رضا عن أهمية المخرج الراحل حاتم علي في مسيرة الدراما العربية والسورية على وجه التحديد، وعن مستقبلها من بعده، قائلاً "كان شخصاً مثقفاً، يقرأ ويبحث، وتواجده بين مجموعة من المخرجين الجدد غير المثقفين جعله يتميّز عنهم، كما أنه اجتهد وأشتغل بطريقة الكاميرا المحمولة، على نطاق أوسع من هيثم حقي. يوجد عدد كبير من المخرجين في سوريا، لكنهم ليسوا بقوته فكرياً. هو شخص مطلع وملم بكل جوانب الحياة، وكان يركز على التفاصيل عند إخراج أي عمل، لذا تفوّق بموهبته عليهم جميعاً، لكنه غاب فنياً في الفترة الأخيرة. ورحيله خسارة كبيرة، لأنه أغنى الدراما العربية فكرياً ومهنياُ، ولا شك في أنها ستتأثر برحيله، خصوصاً أنه وصل إلى مرحلة النضج الكامل وكان بصدد التحضير لعمل ملحمي كبير. لكن الفن السوري لا ينتهي عنده، لأن آلية الإخراج والتطور الدرامي عالمياً، أفرزت جيلاً جديداً من المخرجين، اطلعوا على الدراما الأوروبية. لكن المشكلة أن معظم الموجودين حالياً غير اختصاصيين، بل متدربين، دخلوا المهنة وأصبحوا مخرجين، وينقصهم العمق الذي تميّز به حاتم علي، وإن كان هناك مخرجون قادرون على حمل الراية، بينهم الليث حجو".
نقابة الممثلين
عن رأيه بموقف نقابة الممثلين في سوريا التي تقاعست عن القيام بواجبها في مراسم تشييع حاتم علي، قال "هذا الموقف ليس بجديد على النقابة، وهو الذي دفع كل الفنانين إلى المشاركة في تشييعه. هم شعروا بأن هذه الإهانة موجهة إليهم شخصياً، عدا عن حبهم الكبير له".
وعما إذا كان يوافق بأن حاتم علي يقف وراء نجومية الممثلين السوريين، يوضح "هو ساهم في صناعة الممثلين الذين تعامل معهم كـ تيم حسن وباسل خياط ومكسيم خليل وقصي خولي. استمروا في أعماله 10 سنوات وصبّ كل تركيزه عليهم، أما الليث حجو فساهم في صناعة نجوم آخرين، عندما تعامل معي ومع باسم ياخور وبسام كوسا وعبد المنعم عمايري في عدد من الأعمال الكوميدية، وأيضاً من خلال مشاركتنا في "الانتظار" و"ضبوا الشناتي"، لكن ثقل حاتم في مواقع التصوير كان الأقوى لأنه ممتلئ فكرياً أكثر من كل المخرجين".
هل ما يقوله يعني أن النجوم الذي ساهم حاتم علي في صناعتهم، هم أكثر تميزاً من سواهم؟ يجيب رضا "لا شك في أنه يوجد ممثلون بمثل بموهبتهم، لكن الفرص التي أتيحت للذين اشتغلوا تحت إدارة حاتم كانت أكثر. هم موهوبون، واستطاع بمشاركة "شركة سوريا الدولية" أن يوصلهم إلى النجومية بفضل الفرص التي أتيحت لهم، لكن هناك وجوهاً جديدة برزت أيضاً. عدا عن أن المحطات الخارجية تبنّت النجوم الذين صنعهم حاتم علي، ولا زالت مستمرة معهم حتى اليوم".
لعبة النجومية
عما إذا كان يرى أن كلمة نجومية مستهلكة كثيراً في هذا الزمن، يقول "باختصار، النجومية تعني أن تتبنى "أم بي سي" الممثل". وماذا عن الممثلين الذين هم خارجها؟، يجيب "نحن نعمل! الجماهيرية مسألة مزاجية. ونجومية بسام كوسا الذي لا يعمل خارج سوريا أهم من نجوميتهم". وهل يرى أن النجومية لم تعد ترتبط بالموهبة والأداء الجيد، يقول "الله يخليلنا "الصبّاح" لأنه يستطيع أن يحوّل الممثل الذي يريده إلى نجم". وعما إذا كان يقصد بكلامه تيم حسن أو معتصم النهار، أجاب "بل أقصد الجميع. "الصبّاح" كرّس نجومية تيم حسن. أما معتصم النهار، فهو ممثل كأي ممثل آخر دخل في لعبة النجومية. هو مهند الوطن العربي واسمه "ترند" على مواقع التواصل الاجتماعي. الناس أحبوه والنجومية هي صناعة وهذا الأمر يحصل في مصر أيضاً".
رضا الذي قرر أن يكون حيادياً في مواقفه، بسبب منصبه كمدير في إحدى شركات الإنتاج، يقول "نحن نتعامل مع وسط فني. والوسط، ليس يميناً ولا يساراً، وفيه أشخاص من أمزجة مختلفة، هو عبارة عن حفرة وهذه مسألة مرعبة تماماً". وعندما يُسأل هل الفن أنصفه؟ يقول "لا يوجد فن، بل علاقات ومعارف ووساطات. هناك من يبحثون عن "ستايلات". لا أعرف لماذا يعتبرون في الوطن العربي وتحديداً في لبنان وسوريا، أن من يقدم الكوميديا ممثلون درجة ثالثة أو رابعة، مع أن نجوم الكوميديا في العالم لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة. وسواء أنصفني الفن أم لا، فأنا لا أشتغل فيه من أجل إرضاء المحطات والإعلام بل من أجل الناس، وهم أنصفوني وأنا أتمتع بشعبية واسعة بينهم".
عن سبب التصاق الأعمال الشامية بالدراما السورية، وهل تحولت إلى متنفس لها، خصوصاً أنه يصور حالياً عملاً من هذا النوع بعنوان "الكندوش"، يوضح رضا "ثمة مواضيع معينة يمكن تناولها درامياً، كما لا يمكن تناول مواضيع آنية في هذه المرحلة، وفي الوقت نفسه، لا تتحمّل المرحلة المواضيع السياسية، لذا كان الحل الأفضل تنفيذ عمل شاميّ، لعدم توفر النصوص الجيدة، ولأن نص "الكندوش" هو الأفضل بين نصوص الأعمال الشامية الأخرى. العمل من كتابة حسام تحسين بك، ويحمل جديداً يعيد كرامة المسلسلات الشامية التي تُقدّم بطريقة غير صحيحة، من ناحية الإساءة إلى المرأة أو الحارات التي هي عبارة عن ضرب خناجر وقتل وخناقات. العمل من جزءين وسيكون آخر عمل شامي للشركة، لأن هناك 6 أو 7 أعمال شامية رغبنا في دخول المنافسة عبره. أنا لا أحب هذا النوع من الأعمال، ولكن لأن عنصر الفرجة متوفر فيه، وفيه أغانٍ و"ستايل" جديد، وسوف يعرض في رمضان، قررنا أن ننفذه لكي لا ننتظر حتى العام المقبل. الظروف هي التي تحكمّت بتقديم هذا العمل".
لسنا فئراناً
هل هذا يعني أنه ليس راضياً عنه؟ يوضح رضا "أنا لست راضياً عن فكرة تقديم عمل شامي، وكنت أطمح إلى عمل اجتماعي أو كوميديا سوداء تشبه الواقع، والعمل المقبل سوف يكون بهذا الاتجاه. كان لا بد من أن نقلّع، لكي نحدد ما هي أخطاؤنا ومحاسننا، خصوصاً أنني وصاحب الشركة نخوض لأول مرة هذه التجربة، وسوف تساعدنا على تلافي كل الأخطاء التي يمكن أن تعترضنا مستقبلاً".
وعما إذا كان "الكندوش" عبارة عن حقل تجارب للشركة، أجاب "نحن لسنا فئراناً! لكن عدم وجود نص بين أيدينا دفعنا إلى تقديم عمل شامي، كمدير شركة عندما وصلني النص، قلت سوف أعمل على تقديم عمل مميز عن سائر الأعمال التي هي من هذا النوع، وإذا نجحت في ذلك أكون مديراً ناجحاً. هو ليس حقل تجارب وتكلفته نحو 3 ملايين دولار، وإنتاجه يعادل قيمة التي كانت تقدم قبل الحرب، ولا توجد حالياً شركات ترصد مثل هذه المبالغ لأعمالها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن سبب توجه الدراما السورية إلى جمع أكبر عدد من نجوم الصف الأول في أعمالها، وهل هذا يعني تالياً أن نجاح أي عمل يرتبط بوجود نصف نجوم الوسط فيه، يقول "كلا. نحن نتجه إلى التخفيف من الكومبارس، طالما أن المعهد العالي يخرج ممثلين منذ العام 1981 وطالما أنه أصبح لدينا معاهد خاصة. ما الذي يمنع من أن يكون كل الذين يعملون في الدراما من الاختصاصيين!". ولأن المقصود أن الممثلين الذين أطلوا مؤخراً في العمل الواحد هم نجوم وليسوا ممثلين عاديين، أجاب "عادة الشركات تستعين بثلاثة نجوم فقط لكي تخفف من القيمة الإنتاجية، ونحن نقدم عملاً مختلفاً. ما الذي يمنع من أن تطل سامية الجزائري في دور مهم من 70 مشهداً ولماذا لا يكون الكل نجوماً في العمل. يوجد في سوريا عدد كبير من الممثلين". وبما أن مسلسل "شارع شيكاغو" سبقهم إلى اعتماد تركيبة مماثلة، فهل هذا يعني أن جمع النجوم في عمل واحد تحول إلى موضة في الدراما السورية؟ يجيب "الدراما السورية كانت أول من اعتمد هذا الأسلوب، بعدما كانت تقوم في السابق على فكرة البطل الأوحد، وكان سلوم حداد وعباس النوري وأيمن زيدان هم الأبطال فقط والبقية ممثلين درجة تانية وثالثة ورابعة".
أزمة كتّاب
من ناحية أخرى، علّق رضا على تصرفاته وتصرفات باسم ياخور، عندما شتما بعضهما بعضاً في الإعلام، وتصالحا في اليوم التالي وكأن شيئاً لم يكن؟ قائلاً "ومن قال أننا تصالحنا!" وكيف يفسر الكلام الإيجابي الذي صدر عن كل واحد منهما تجاه الآخر؟ يوضح "هذا لا يعني أننا تصالحنا! نحن لا نلتقي أبداً. هو كانت له أكثر من إطلالة إعلامية لكي يبرر كلامي، ولكني لم أرد لأنني لا أريد التحدث في هذا الموضوع، ولو فعلت ذلك فسوف أؤذيه وأنا لا أريد ذلك. عندما يصبح الإنسان في الـ 60 تتغير طريقة تفكيره، وأنا لست حقوداً، لكني أحتقر الشخص الذي أزعل منه، وهذا لا يعني أن لا أتكلم معه".
في النهاية، يؤكد رضا أنه يعوّل في انطلاقته الجديدة في شركة MB على النص الجيد والفكرة الجيدين، ويضيف "لكننا محكومون في هذا الوقت بنمط معين من الأفكار. كل الكتّاب الحاليون محدودو الأفكار ولا يحسنون الكتابة إلا ضمن إطار ضيق، وأفكر حالياً بعمل اجتماعي أو كوميدي لإخراج الناس من الهمّ الذي يعيشونه، كذلك، بالاستغناء عن أعمال الـ 30 حلقة واستبدالها بـ 10 حلقات، لأن الدراما بدأت تنتقل من التلفزيون إلى المنصات".