جاهدةً تحاول حركة حماس التقرب من السعودية، وفي أكثر من لقاء صحافي، قال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية إن ثمة علاقات جيدة تربطهم بقيادة الرياض لكنها تحتاج إلى تطوير. وفور توقيع "بيان العلا"، انتهزت حماس الفرصة لتطوير علاقاتها، فأرسلت التهاني بنجاح الدورة الـ41 لمجلس التعاون لدول الخليج.
وبعث هنية رسالتين إلى السعودية، الأولى إلى الملك سلمان بن عبد العزيز ثمّن فيها موقفه من احتضان قضايا العرب والتضامن معهم والدفاع عنهم، وجاء فيها "نثمّن دوركم التاريخي المشهود له في رأب الصدع وتعزيز اللحمة والتقارب، هذا الإنجاز يدفع باتجاه العمل العربي المشترك لتحقيق مزيد من التنمية والتكامل والتعاون في جميع المجالات".
بحث فتح آفاق جديدة
وكانت الرسالة الثانية إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فأكدت أن الأمير بذل "جهوداً عظيمة في نجاح قمة العلا، ولذلك نحن نتطلع إلى العمل المشترك معكم"، وكذلك أعرب هنية في رسالته عن رغبة في استمرار دعم القضية الفلسطينية بما ينسجم مع مواقف المملكة التي لها دور حقيقي في مواجهة التحديات ومخاطر التصفية والإنهاء.
وهذه الرسالة الثانية التي يرسلها هنية، إذ كانت الأولى عام 2017، عند تولّي الأمير منصبه كولي للعهد للتهنئة وكمسعى لتقديم الرياض مزيداً من الدعم لسكان القطاع والقضية الفلسطينية.
حول ذلك، يقول عضو المكتب السياسي لحركة حماس سهيل الهندي "لعل هذه الرسالة تفتح آفاقاً جديدة بين السعودية والحركة، وتأتي هذه الخطوة المهمة لدينا، في إطار السعي لكسب أصوات الزعماء العرب الذين يملكون تأثيراً لخدمة فلسطين".
وفي الإطار ذاته، أكد هنية أن المملكة تمثل دولة ارتكاز في المنطقة، بخاصة لجهة دعم الشعب الفلسطيني وقضيته، وثمة مواقف واضحة تظهر ذلك، لافتاً إلى أن هناك علاقات جيدة بيننا ونسعى فعلياً إلى تقوية هذا الترابط.
معنية جداً بالسعودية
يوضح الهندي أن حماس معنيّة بعلاقة جيدة مع الرياض من أجل تشكيل جسم عربي داعم للقضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن قيادة الحركة ترى في الاقتراب من السعودية فرصة قوية لتحقيق حلم الدولة، وأنها قادرة فعلياً على تغيير معادلات سياسية.
من جهة ثانية، تأتي رسالة حماس تطبيقاً لوثيقتها الجديدة التي أعلنتها عام 2017، وتستند فيها إلى الانفتاح على الدول العربية، إلى جانب العالم الغربي، وكذلك معاداة العنف والتركيز على مصالح القضية الفلسطينية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتفيد معلومات واردة من الحركة بأن هنية يتطلع إلى زيارة الرياض للقاء ولي العهد محمد بن سلمان، ويحاول وسطاء عرب ترتيب تلك الزيارة، التي من شأنها توفير دعم كبير لفلسطين.
يلمح الهندي إلى ذلك، قائلاً "كلما أتيحت فرصة، لن يتردد هنية وفريق حماس الخارجي في زيارة الرياض، وهذا يعزز العلاقات مع العرب، نحن نعمل جاهدين على تعزيز علاقتنا مع جميع الدول المركزية".
من جهته، يوضح الباحث في الشؤون السياسية ناجي الظاظا أن في الدبلوماسية عادة تعني إرسال الرسائل، دق أبواب لفتح علاقات جيدة، وإذا قبلت السعودية الرسالة، فإن هذا تطور مهم يضاف لصالح فلسطين ويعزز مسار العلاقات الجيدة التي تنعكس إيجاباً على سكان الضفة الغربية وغزة على حدٍ سواء.
وكانت آخر زيارة لحماس إلى السعودية في يوليو (تموز) 2015، عندما استقبل الملك سلمان بن عبد العزيز زعيم الحركة السابق خالد مشعل. وفي أغسطس (آب) 2012، زار مشعل المملكة، وكذلك في مارس (آذار) 2010 والتقى وقتها وزير الخارجية الراحل سعود الفصيل. أما هنية، فزارها مرة واحدة في فبراير (شباط) 2007، حين استضافت المملكة أول اتفاقية مصالحة مع السلطة الفلسطينية.
حماس لم لا تراع اتفاقها السابق بوساطة السعودية
وفي إطار الحديث عن نية حماس التقرب من السعودية، يعتقد مراقبون سياسيون أنها قد ترعى إنهاء الخلافات مع حركة فتح وتعمل على توحيد الضفة الغربية وغزة، لكن الظاظا يرى أنه من المبكر الحديث عن رعاية المملكة للعلاقات، بخاصة أن الرياض لم تردّ بعد على رسالة هنية، كما أن الفلسطينيين لم يلتزموا اتفاق مكة (2007) الذي رعته المملكة حينها، وهذا قد لا يشجعها كثيراً على القبول برعاية اتفاقات جديدة.
ويشير الظاظا إلى أن المملكة تعدّ أهم روافد دعم القضية الفلسطينية وأهم مناصر سياسي ومعنوي لها، وتأتي رسالة حماس كمبادرة طيبة من أجل تحسين الأجواء بين الطرفين، وهذا امتداد لانعكاس عودة العلاقات بين دول الخليج.