لا تزال خطوة "تويتر" تعليق حساب الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب بـ"شكل دائم" في 8 يناير (كانون الثاني) الحالي، بسبب "خطر حدوث مزيد من التحريض على العنف"، تلقي بظلالها على الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس الجمهوري، الذي اتهم الموقع بـ"التآمر لإسكاته"، قبل تنصيب خلفه الديمقراطي جو بايدن.
فالملياردير الجمهوري الذي اختار "تويتر" منذ خوضه سباق الرئاسة في الولاية الأولى، وطوال سنوات حكمه الأربع في البيت الأبيض، لتكون منصته المفضلة للتواصل مع الرأي العام الأميركي والعالمي، والنافذة الأهم للإعلان عن قراراته وسياساته وأوامره التنفيذية، دفع تغييبه عنها إلى تزايد تكهنات تقارير الصحف والمجلات الأميركية بشأن كيفية قضائه أيامه من دونها، لا سيما مع تضييق الخناق عليه تدريجاً عقب أحداث العنف التي شهدها مبنى الكابيتول في 6 يناير، ما شجع الديمقراطيين في مجلس النواب إلى جانب بعض الجمهوريين على الدعوة لتنحيته قبل موعد تسليم السلطة لبايدن، فيما استقال العديد من المسؤولين في إدارته.
ترمب ما بعد "تويتر"
بحسب ما كتبه آدم كابات، في صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية الأحد، فإنه مع إغلاق "تويتر" حساب ترمب أصبح من الصعب معرفة كيف يفكر هذا الرجل، بينما في السابق كان من السهل معرفة مزاجه بمجرد إلقاء نظرة على حسابه.
وقال كابات إنه سابقاً كانت طريقة كتابته بضعة حروف كافية للإشارة إلى غضبه أو إحباطه أو سعادته، أما الآن فلا شيء غير الصمت المطبق.
وتساءل كابات، إذن كيف كان رد فعل ترمب على أحداث الأسابيع القليلة الماضية؟ ليرد بالقول إن الرئيس الذي يشتهر بالانفعال قد صب جام غضبه على نائبه مايك بنس، ولا سيما أنه كان يحثه على دعم عدم تصديق الكونغرس على نتائج الانتخابات، وهو ما رفضه بنس. ووفق ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن ترمب رد بعبارات فظة على نائبه، فقال له صباح الأربعاء 6 يناير "يمكنك إما أن تسجل اسمك في التاريخ كرجل وطني أو مجرد حقير".
لكن مع اقتحام أنصار ترمب مبنى الكابيتول، تغيرت حياة الرئيس التي اعتاد عليها طوال السنوات الأربع الماضية، حيث كان يمضي الساعات على الهاتف مع أصدقائه ومستشاريه ويطل عبر منصته المفضلة "تويتر" مطلقاً تغريداته التي لطالما أثارت الرأي العام الأميركي والعالمي.
وتوضح "الأوبزرفر"، في أعقاب اقتحام الكونغرس تجاهل الرئيس كثيراً من المكالمات، من بينها اتصالات من صديقه المقرب حاكم ولاية نيو جيرسي السابق كريس كريستي، الذي قال إنَّه أمضى 25 دقيقة يوم أحداث الشغب في واشنطن، محاولاً الوصول إلى الرئيس لحضه على المطالبة بوقف العنف. كما أنه بدأ يتجاهل عمدة مدينة نيويورك السابق ومحاميه الخاص رودي جولياني، وطلب من مساعديه عدم دفع أي مال لحملته القانونية، معرباً عن استيائه من جهوده غير المجدية.
الانشغال بأعمال أخرى
على الرغم من ذلك لا يزال السؤال حاضراً: كيف يقضي ترمب وقته بعيداً عن "تويتر"؟ تقول صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إنه منذ اقتحام مبنى الكونغرس بدأ الرئيس بإعداد نفسه لحياة ما بعد البيت الأبيض بالانشغال بأمور أخرى مثل بطولة غولف أو إعلان بنك "دوتشه" أنه لن يمول مشاريعه المستقبلية. وهو ما اتضح من خلال توقف ترمب عن إجراء المقابلات التلفزيونية، فضلاً عن غياب مساعديه عن الإعلام.
ووفق ما ذكرت "نيويورك تايمز"، نقلاً عن عدد من مستشاري الرئيس المنتهية ولايته، فإن ترمب بات بعيداً عن العمل المعتاد بالنسبة إلى الرئيس في البيت الأبيض، إذ إنه بالكاد يظهر للعمل، متجاهلاً أزمات الصحة بسبب جائحة كورونا، وأزمات الاقتصاد التي تعصف بالبلاد، فضلاً عن أنه ألغى كثيراً من اجتماعاته التي كانت مجدولة.
"الحرب" تحتدم بين مواقع التواصل
لكن بحسب ما ذكرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، فإن أمام ترمب وأنصاره خمس منصات أخرى يمكن اللجوء إليها للتواصل بخلاف "تويتر"، هي "غاب" و"بارلر"، و"دي لايف" و"رامبل" و"مي وي"، وهي تلك التطبيقات التي نالت، وفق الصحيفة الأميركية، استحساناً لدى أنصار ترمب من التيار اليميني السائمين من قيود مواقع التواصل الشهيرة كـ"فيسبوك" و"تويتر".
وعلى الرغم من أنه لم يعلن عن انضمام ترمب بعد إلى أي من هذه التطبيقات، قال مؤسس منصة "غاب" أندريو توربا، إن مليون مستخدم انضم إلى التطبيق في الأسبوع الذي تلى الانتخابات الرئاسية، كذلك أعلنت منصتي "مي وي" و"رامبل" عن تسجيل مليون مستخدم في تطبيقهما، في الآونة الأخيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلال الأيام الماضية، عمدت كبرى المنصات الرقمية إلى منع أتباع "كيو آنون" من استخدام مواقع التواصل، حيث أعلن "تويتر" الإثنين الماضي إلغاء 70 ألف حساب مرتبط بهذه الحركة اليمينية المتطرفة التي تؤمن بنظريات المؤامرة وتؤيد ترمب وكانت ضالعة في أعمال العنف الأخيرة في واشنطن. وقال "تويتر" في بيان إنّه "نظراً للأحداث العنيفة التي شهدتها العاصمة واشنطن، ولتزايد مخاطر الأذى، بدأنا اعتباراً من عصر الجمعة تعليقاً نهائياً لآلاف الحسابات التي كانت مخصّصة بالدرجة الأولى لتَشارك محتوى كيو آنون".
وفي وقت سابق، عمدت "أمازون" إلى وقف خدمة منصة "بارلر". وتأخذ الشركة العملاقة على شبكة التواصل الاجتماعي هذه أنها سمحت بنشر رسائل تطرح إشكالية بعد الهجوم على الكابيتول.
وبات موقع "بارلر" تحت وطأة الإقصاء بعدما أزالته منصتا "آبل" و"غوغل" من متجري تطبيقاتهما. إلا أن الموقع المحافظ قدم شكوى ضد "أمازون"، معتبراً أن تعليقه جاء لاعتبارات سياسية وبدافع الرغبة في خفض المنافسة لصالح "تويتر".
وكانت شعبية "بارلر" قد تصاعدت في الأسابيع الماضية وأصبح التطبيق المجاني الأول في "أبل ستور" (متجر تطبيقات أبل).
وقال المدير التنفيذي للموقع جون ميتز الأحد الماضي، في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، إن إعادة عمل الموقع كالمعتاد ستستغرق وقتاً، مضيفاً "لقد تخلى عنا كل شركاؤنا ومحامونا ومن يدير الرسائل النصية والبريد الإلكتروني في اليوم نفسه". وأضاف "سنفعل كل ما في وسعنا للعودة إلى الإنترنت في أسرع وقت ممكن، لكن جميع الموردين الذين نتصل بهم يقولون لنا إنهم لا يريدون العمل معنا إذا لم توافق آبل وغوغل على ذلك". وتابع "من الصعب إيجاد 300 إلى 500 خوادم معلوماتية في 24 ساعة".
وعمل شبكة "بارلر"، التي أطلقت عام 2018 ومقرها نيفادا، يشبه إلى حد كبير "تويتر"، مع متابعين وتعليقات يطلق عليها "بارليز" بدلاً من تغريدات.