تستضيف مدينة الغردقة المصرية جولةً جديدة من المباحثات الليبية، في المسار الدستوري، الثلاثاء، وهي الجولة الثانية في هذا المسار، بعد أن احتضنت العاصمة المصرية القاهرة الجولة الافتتاحية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والتي تضمنت مشاورات بين وفدي مجلس النواب ومجلس الدولة في شأن المسائل الدستورية.
وتهدف الجولة الجديدة إلى التوصل لتوافق حول القواعد الدستورية التي تنظم على أساسها الانتخابات، المحدد لها نهاية العام الحالي، وسيناقش نحو 15 مشاركاً من المجلسين، الممثلين لشرق ليبيا وغربها، وضع الصيغ الدستورية التي تمهد الطريق لهذا الاستحقاق المنتظر.
ملفات شائكة
وتستحوذ هذه الجولة من المفاوضات في المسار الدستوري على اهتمام كبير في ليبيا، ليس لأهميتها في وضع القواعد القانونية والدستورية للانتخابات العامة فحسب، بل لأنها تندرج ضمن واحد من أكثر المسارات تعقيداً في المفاوضات الليبية، ويناقش الكثير من الملفات الحساسة، التي أشعلت النزاع السياسي طيلة السنوات الماضية، مثل شكل الدولة ونظام الحكم، وغيرها من القضايا الدستورية الخلافية .
ويبين الصحافي الليبي محمد يسري مواقع الخلاف في هذا المسار، بقوله "المجلس الاستشاري برئاسة خالد المشري، ومن ورائه تيار الإسلام السياسي بالمجمل، يصرون على الاستفتاء على مسودة الدستور الخلافية، المعدة من قبل هيئة الصياغة قبل إجراء الانتخابات، وهي التي يرفضها مجلس النواب في طبرق، وقطاع واسع من الليبيين، ليس في شرق ليبيا فقط، بل حتى في الغرب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتابع "ما يطلبه مجلس الدولة الاستشاري يعني أن إجراء الانتخابات نهاية العام مستحيل، لأن عملية الاستفتاء والإعداد لها ستستغرق وقتاً طويلاً، ومن المرجح أن يصوت عليها الشعب بـ(لا)، ما يدخلنا في مرحلة أخرى من التعديل على المسودة، وعرضها على الاستفتاء مجدداً، وهذا كله سيأخذ وقتاً طويلاً يتجاوز العام".
ويرى يسري أن "تمسك مجلس الدولة بمسألة الاستفتاء على مسودة الدستور قبل الانتخابات، يدل على عدم الرغبة في إنهاء المرحلة الانتقالية، أو تمرير هذه المسودة في هذا الظرف الضاغط، وهي التي تسمى في ليبيا مسودة الإخوان المسلمين، الذين لا تخفى سيطرتهم على مجلس الدولة".
من جانبه، أنكر رئيس مجلس الدولة خالد المشري، في تصريحات له، ما يقال عن كتابة مشروع الدستور، تحت ضغط الإسلاميين، قائلاً إنه "يجب منح الليبيين الحق في قول كلمتهم في شأنه من خلال الاستفتاء"، نافياً ما يشاع عن "انخفاض شعبية الإخوان في الشارع الليبي، لعدم وجود إحصائية أو مقاييس علمية حقيقية دقيقة تؤكد ذلك، وأن هدف الإخوان هو نشر الإسلام المعتدل في البلاد، وهو ما يقره هذا الدستور"، حسب قوله.
نجاح انتخابات المجالس البلدية
في سياق آخر، وفي خطوة إيجابية جديدة، تعزز آمال الليبيين في تجاوز المرحلة الصعبة التي تمر بها بلادهم، نجحت اللجنة العليا للانتخابات، في تنظيم انتخابات ناجحة لاختيار عدد من المجالس البلدية، غرب ووسط البلاد، في تاجوراء وصبراتة شرق طرابلس وغربها، وقبلها مدن الواحات الثلاث جنوب شرقي البلاد، ومدن الزاوية والرجبان، بدايةً من اليوم.
وعلى الرغم من ضعف الإقبال الشعبي على انتخابات المجالس البلدية، التي أجريت حتى الآن، فإن مرورها بسلام وسلاسة، لقي ترحيباً واسعاً وإشادة كبيرين، باعتبار نجاح الانتخابات في هذه البلديات من دون تسجيل خرق أمني واحد، مؤشراً جيداً يخفف حدة المخاوف والتشكيك في إمكانية نجاح الانتخابات العامة، المنتظر إجراؤها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بالنظر إلى الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، سياسياً واقتصادياً وأمنياً.
وكانت اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية، قد أعلنت نسبة المشاركين في الانتخابات البلدية، في صبراتة وتاجوراء، التي أجريت السبت، وقالت إن "نسبة التصويت في انتخابات المجلس البلدي صبراتة بلغت 28 في المئة، 27 في المئة من النساء، و73 في المئة من الرجال"، في حين بلغت نسبة التصويت في انتخابات المجلس البلدي بتاجوراء 25 في المئة، بواقع 79 في المئة من الرجال، و21 في المئة من النساء.
جولة جديدة من الانتخابات البلدية
وما إن تغلق اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية ملف الانتخابات في تاجوراء وصبراتة، بإعلان نتائج التصويت وأسماء الفائزين فيها، اليوم الاثنين، حتى تفتح المراكز الانتخابية في الزاوية والرجبان، غرب ليبيا، أبوابها للناخبين، لاختيار عمداء وأعضاء المجالس البلدية فيها.
وبينت اللجنة على موقعها الخاص، اختصاصها في هذه المرحلة، قائلةً إنها "تختص باتخاذ الإجراءات اللازمة للانتخابات الخاصة بالمجالس البلدية، والتحضير لها بما يضمن نزاهتها وحريتها، وعلى الأخص تنظيم وإدارة العملية الانتخابية والإشراف عليها ومراقبتها، وتسجيل الناخبين وإعداد سجلاتهم وتحديد شروط وضوابط القيد فيها، وتحديد نماذج قبول طلبات الترشيح وتسجيل المرشحين، وتحديد مراكز الاقتراع، وإعداد وتنفيذ عمليات الاقتراع والفرز".
وأضافت أن من هذه الاختصاصات أيضاً "اعتماد وإعلان نتائج الانتخابات المحلية، وإصدار بطاقات اعتماد المراقبين على الانتخابات والوكلاء والإعلاميين وتسهيل عملهم، وتحديد مواعيد الانتخابات المحلية، ووضع الميزانية التقديرية اللازمة لعملية الانتخابات وعرضها على وزير الحكم المحلي لاتخاذ الإجراءات اللازمة لاعتمادها، وإصدار القرارات المتعلقة بالمسائل الفنية المنظمة للعملية الانتخابية".
انتخابات حرة ونزيهة
في المقابل، هنأ رئيس لجنة الحكم المحلي في مجلس النواب، إدريس عمران، البلديات التي نجحت في تنظيم الانتخابات لاختيار مجالسها البلدية، واصفاً العملية الانتخابية بأنها كانت "ناجحة ووفقاً للمعايير، واتسمت بالحرية والنزاهة".
وأكد عمران أن "الانتخابات ستتواصل لتشمل جميع البلديات في المناطق التابعة لشرعية مجلس النواب، مشيراً إلى أن "تعطل الانتخابات كان فحسب لأسباب لوجستية".
وأضاف أن "الانتخابات البلدية تأتي في إطار الممارسة الديمقراطية وحق سكان البلديات في المشاركة بإدارة شؤون مناطقهم، واختيار من يترأس بلدياتهم، وهو حق أساسي يكفله الإعلان الدستوري والقانون الليبي".