خلص بحث أجرته "جامعة أكسفورد" إلى أنّ الأشخاص الذين يعانون السُمنة لا يعاملون بإنصاف، إذ يُحرمون من التلقيح الصناعي بقرارات من بيروقراطيي هيئة "الخدمات الصحيّة الوطنيّة"، الذين يعتبرونهم "أهدافاً سهلةً" عند حجب هذا العلاج المكلف عنهم.
وورد في دراسة قدمتها الدكتورة ريبيكا براون الباحثة في مجال الصحة أنّ السبب في رفض الطلبات مبني على افتراضات لا أساس لها قوامها أن الناس يصبحون بدناء باختيارهم، كما يصابون بالعقم نتيجة لذلك الخيار.
وتجادل الباحثة بأن البيانات العالية الجودة المستقاة من التجارب السريريّة التي تفرض هيئة "الخدمات الصحيّة الوطنيّة" جمعها في حالات العلاج الاخرى، يجري التغافل عنها (أو تكون نادرة) في ما يتعلّق بالتلقيح الصناعي.
وأظهرت التجارب القليلة المتوفّرة، حدوث انخفاض في معدلات الخصوبة والحمل الناجح لدى الأشخاص البدينين، لكن تلك التجارب كانت أقل وضوحاً في ما يتعلّق بتقييم معدّلات نجاح تقنيّات الإخصاب لدى أولئك الأشخاص.
وفي حديث إلى "الاندبندنت"، أوضحت الدكتورة براون أنّه "لا تتوفر أدلة كافية حول فعاليّة التلقيح الصناعي بالنسبة لأي شخص"، مضيفةً أن هذا الأمر يعود في جزء منه إلى أن التجميع الدقيق للبيانات قد يتطلب خضوع بعض الأزواج لعلاج وهمي.
في إنجلترا، يقييم "المعهد الوطني للتقدّم في الصحة والرعاية" (اختصاراً "نايس" NICE) فعاليّة العلاجات بالمقارنة مع تكلفتها. وعلى الرغم من قول "المعهد..." في السابق أنّه "من غير المنطقي" محاولة احتساب قيمة ولادة أحياء بواسطة التلقيح الصناعي، إلاّ أن "المعهد..." نفسه أصدر تقريراً وقع في تلك المغالطة نفسها، إذ حدّد أنّ البدينات، استناداً إلى "مؤشر كتلة الجسم" BMI، قد لا ينجحن في اجتياز المستوى المطلوب لتلقي التلقيح الصناعي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على كل حال، ذكرت الدكتورة براون أن "المعهد..." قدّم عدداً من الفرضيّات "التقريبية والجاهزة"، وتجاهل الفوائد التي قد يحصل عليها الشريك الذكر عندما يصبح أباً. وأوردت في مجلة "تحليلات الرعاية الصحيّة" أنّ هذه المنهجيّة "تحجب تأثيرات أخرى، مثل السلوكيّات السلبيّة تجاه البدناء التي تجعلهم أهدافاً سهلة للمفوضيّن المسؤولين عن خفض النفقات".
لا يحدّد "المعهد..." أن منهجيته تعني وجوب حرمان البدناء من التلقيح الصناعي. ومع ذلك، تعمد "مجموعات التفويض العيادي" والهيئات الصحيّة في المملكة المتحدة، كلها تقريباً إلى تطبيق حدود "مؤشر كتلة الجسم" بالنسبة للبدانة، بل يفرض ربعها تقليص النفقات بناء على عمر الشريك الذكر أو "مؤشر كتلة الجسم" لديه.
تحاول سيان غيلبرت البالغة من العمر 29 عاماً وشريكها الإنجاب منذ ست سنوات. لكنها تعاني من متلازمة تكيّس المبايض، ما يعني أنها لا تنتج بويضات بصورة طبيعيّة، ويؤثر هذا الأمر على هرموناتها، وبالتالي يصبح فقدانها للوزن أكثر صعوبة.
ونظراً لمشاكل الخصوبة لدى شريكها أيضاً، على الرغم من تمتعه بصحة جيدة، فقد أُخبِرا أن تلقيحاً صناعياً أكثر كلفة، يعرف باسم "حقن الحيوانات المنوية داخل البويضة" هي فرصتهم الوحيدة للإنجاب.
ومع ذلك، لم يتلقيا أي شكل من أشكال علاجات الخصوبة بسبب قيود "مؤشر كتلة الجسم" التي تفرضها "مجموعات التفويض العيادي" في منطقة غرب مدينة "كنت".
أوضحت السيدة غيلبرت أن حالتهم بقيت "مُعلّقة" منذ زيارتها الأخيرة للمختص في الخصوبة في مستشفى "بيمبري". وأبلغت السيدة غيلبرت "الاندبندنت" أن "المختص أخبرني حرفياً:" إذهبي الآن وعودي لزيارتنا بعد ان ينقص وزنك... كان هذا كل شيء. لا نصيحة ولا مساعدة في كيفية التوصّل إلى ذلك من قِبَل امرأة تعاني من متلازمة تكيّس المبايض، لا شيء".
وفيما كانت سيان غيلبرت تلعب كرة القدم بانتظام وتحافظ على نشاطها، تعرضت لإصابة زادت من صعوبة قيامها بالركض أو ركوب الدراجة، وبعد تغيير عملها مؤخراً، صارت تعاني كي تبرر تكاليف عضويتها في النادي الرياضي.
وتقول السيدة غيلبريت أنه "مع متلازمة "تكيّس المبايض"، تصبحين عالِقَة إلى حد ما... أنت تبذل كل ذلك المجهود، وتتناول طعاماً صحيّاً، وتفعل كل ما بوسعك لإنقاص وزنك، لكن الوزن يتوقف ببساطة عن النزول... إنه أكثر الأمور المحبِطَة على الإطلاق".
وتحدث "المعهد..." إلى "الاندبندنت" موضحاً أنّ إرشاداته لا تنصّ تحديداً على أن مؤسّسات "الرعاية الصحيّة الوطنية" يجب أن تحرم أصحاب الوزن الزائد من التلقيح الصناعي. على كل حال، فإن الضغط المستمر على التمويل يعني أنّ عدداً من "مجموعات التفويض العيادي" تستخدم البدانة مبرراً لفرض مزيد من الإجراءات التقييديّة.
أجرت "مجموعات التفويض العيادي" في غرب "كنت"، سلسلة مطالعات مؤخراً حول سبل خفض عدد دورات التلقيح الصناعي التي تقدمها للمرضى، من إثنتين إلى واحدة، وذلك أقل كثيراً من الدورات الثلاث التي يوصي "المعهد..." بإجرائها. وعلى الرغم من أن غالبية المشاركين بالاستطلاع عارضوا التخفيضات، ينتظر الجميع كيف سيبتّ "المعهد..." في تلك القضية.
وأوضحت الدكتورة براون أنّه "عندما تتدخل منظمات مثل "المعهد..." وهيئة "الخدمات الصحية الوطنيّة"، وترفض تقديم حلول علاجيّة لأفراد تحت ذريعة بدانتهم، فإنها تعزز التمييز القائل أنّ هؤلاء الأشخاص ليسوا بجديرين لتلقي المساعدة عبر الآليّات العادية... إذا كان ذلك الحظر مدعوماً بأدلة طبيّة متينة، فلا أعتقد أن استخدام السمنة (كمعيار لقبول التلقيح الصناعي للمريض من عدمه) أمر غير مشروع... إذا كان العلاج خطيراً بالفعل في مثل هذه الحالات، أو غير فعال تماماً، يكون الأمر عندئذٍ محسوماً. لكن لا يبدو أن الوضع كذلك. لذا أعتقد أنه مدفوع بعوامل من نوع آخر، مثل افتراض أن الناس يتحكّمون بفقدان الوزن، وكذلك الرغبة في معاملتهم بأسلوب أدنى من معاملتنا الحسنة للأصناف الأخرى من الناس".
© The Independent