صعقتني فكرة فيما كنت أصارع لاستيعاب كوني أصبحت والداً لمراهقٍ- تخيّلوا شعور إحضار طفل جديد إلى المنزل اليوم.
يتذكّر الأهل أعياد ميلاد أولادهم، لا سيّما تلك المهمة منها. وهو شيء يعتبره الأولاد مزعجاً ويزيد امتعاضهم حين تُنشر هذه الصور القديمة على "فيسبوك". وهو أمر عليكم ألّا تفعلوه أبداً إن كانوا لا يستسيغون الفكرة.
ما أذكره بشأن اصطحاب ابننا إلى المنزل هو كم كان الموقف مثيراً للقلق، وهو أمر حصل طبعاً في عالم بدا على الأقل شبه منطقي وكان خالياً من الجائحات.
ها نحن بصحبة إنسان صغير، يغمرنا شعور بأننا لا نفهم بتاتاً كيف يُفترض بنا أن نتصرّف، وبأننا قلقون من احتمال أن ينكسر ابننا بطريقة من الطرق لو تصرّفنا بشكل خاطئ.
أوشكنا، زوجتي وأنا، على التساؤل إن كان علينا الاتصال بأحد لديه سلطة كي نسأله إن كان واثقاً تماماً من أننا أهلٌ لتحمّل المسؤولية الملقاة على عاتقنا.
لا شك أننا أخذنا دروساً في الفترة السابقة للولادة وجهّزنا شقّتنا واشترينا الأثاث الضروري وتكلمنا مع الأشخاص الذين نثق بهم، إنما مع ذلك، وأمام تلك المسؤولية الرائعة المرعبة، شعرنا بأننا لم نكن نعرف شيئاً. لا شيء على الإطلاق.
وعلى الأرجح أن الوضع زاد سوءاً بسبب ولادة ابننا المؤلمة، واضطرار زوجتي إلى دخول غرفة العمليات بسرعة والضجة الهائلة التي أحدثها بعد ولادته الناجحة، والتي بلغت درجة دفعت الممرضات إلى إخراجه من ذلك الجناح في المستشفى لفترة كي تستطيع زوجتي النوم ساعتين.
كما عانى قبل أن يتمكن من الرضاعة بسبب حالة التصاق اللسان التي لم ينتبه إليها أحد، مما فاقم انزعاجه.
لحسن الحظ، كنا قادرين على طلب بعض المساعدة في الأيام الأولى. هرع أخي مثلاً عبر لندن من أجل تركيب عربة الطفل التي اشتريناها سوية، لأن كتيب التعليمات الذي جاء معها كان أشبه بكتاب فيزياء الكوانتوم لدماغي المحروم من النوم.
بات هذا النوع من المساعدة أصعب بكثير اليوم بسبب الجائحة، وهو ما يزيد الضغط على الأهل الجدد، بلا شك.
وحتى مع طرح اللقاح، لا بد أن الجرثومة المزعجة تتحول بالنسبة للأهل الجدد إلى التصوير الواقعي للوحة "الصرخة" The Scream للرسام إدفارد مونش Edvard Munch.
نعم لا شك أن هناك كتباً تقدّم نفسها على أنها كتيبات تعليمات. وموارد افتراضية كذلك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الحقيقة، هناك كمية أكثر مما يجب من هذه الأمور اللعينة. وغالباً ما يبدو أن من كتبها أشخاص لديهم عقلية شبيهة بعقلية رقيب الجيش المتسلط العنيف في فيلم ستانلي كوبريك القديم "فول ماتيل جاكيت" Full Metal Jacket.
يبدو أن هناك قطاعاً كاملاً مكرّساً ليقول للأهل الجدد إنهم يتصرفون بشكل خاطئ كلياً.
عادة لا تقول هذه المنتجات هذا الكلام بشكل مباشر وصريح. لكن إن قرأت ما يكفي من الكتب، التي تشكل أعمالاً مثيرة للإعجاب، وسوف تفهم تلميحاتها بوضوح. فهذا ما سيحصل معك في حال لم تُطبق ما تقوله لك وتعتمد عقلية الرقيب أو ربما ناظر مدرسة دينية من خمسينيات القرن الماضي. على الأم والطفل أن يستيقظا في تمام الساعة السابعة صباحاً وأن يخضع يومهما بين ذلك الوقت وموعد النوم لنظام صارم.
لم أشاهد مسلسل ذا سيمسونز الكرتوني منذ سنوات، ما عدت أتابعه منذ استُبدل حس التهكم الحاد الذي كان يتميز به بالسخافة، أي قبل أن يتبين وجود مشكلات مع بعض الشخصيات (مثل أبو).
إنما عليّ أن أقرّ بأن أحد المشاهد التي ركّزت على ماغي، طفلة العائلة في المسلسل، وظهرت قبل طرح فيلم "أونوارد" لشركة بيكسار في السينما، كانت دقيقة للغاية.
في هذا المشهد، تضع الأم مارج طفلتها في المكان المخصص للعب بالرمل داخل حديقة الأطفال وتجلس إلى جانب بعض الأمهات. جميعهن يقرأن كتباً. أما عناوين الكتب فهي: "كل ما تفعلينه خاطئ"، "كيف تجرؤين على عدم الإرضاع"، "ساعدوني! طفلي بشع".
هذا يلخّص الأمر كله تقريباً.
آن أوان تصحيح المعادلة بعض الشيء، لا سيما الآن فيما نبدأ سنة جديدة. هاكم الآتي: الرياضيات وعلم الأحياء التطوري يقولان إنكم ستكونون على ما يرام.
الأمر بسيط. لم يكن سكان العالم ليبلغوا العدد الحالي لو لم تنجح غالبية الناس في تربية أطفالهم. والحالات التي تسوء فيها الأمور جدياً نادرة للغاية مقارنة بالحالات التي تسير فيها الأمور جيداً. ولأنها نادرة، تتحول إلى موضوع قصص إخبارية تجعلها تبدو أكثر انتشاراً مما هي عليه في الحقيقة.
هذا لا يعني أن الموضوع سهل. ليس كذلك. لكن إن كنتم تجلسون على كنبتكم تتساءلون لماذا سُمح لكم بالذهاب إلى المنزل برفقة طفل جديد، مجرّد تفكيركم هذا وقلقكم يعني أنكم ستكونون على ما يرام على الأرجح.
© The Independent