على الرغم من وجود فوارق كبيرة في البرامج السياسية التي تتبناها حركتا فتح وحماس، إلا أنّ اتفاقاً يتم بين قيادتيهما لدخولهما في قائمة واحدة في الانتخابات التشريعية الجاري التحضير لإبرامها في مايو (أيار) المقبل.
ويعقد مسؤولون في الحركتين، على أكثر من صعيد، لقاءات واتصالات داخلية وخارجية، بهدف إنجاح القائمة المشتركة بينهما وفق آليات ورؤى وطنية موحدة ترمي إلى الذهاب للمصالحة السياسية عن طريق البرنامج الموحد.
وثيقة شرف
بحسب المعلومات الواردة، فإنّ هناك خط اتصال مفتوحاً بين قادة الحركتين لتحديد برنامج القائمة الانتخابية الموحدة التي ستضم فتح وحماس، استعداداً لعرضه على قادة الأحزاب السياسية في الاجتماع المزمع عقده في القاهرة مطلع فبراير (شباط) المقبل، والتركيز هذه المرة على بلورة "وثيقة شرف" ستقر في العاصمة المصرية تشارك فيها الفصائل، وتهدف إلى تسهيل الظروف والأوضاع السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة ما يمكّن من إنجاز الانتخابات من دون أي خلافات تعيق ذلك، وتتضمن بنوداً تمنع الأطراف المتنافسة من استخدام أساليب التجريح أو أي شيء يغذي روح الفتنة.
إلا أنّ المشاكل ظهرت فعلياً قبل إقرار "وثيقة الشرف"، ففكرة الذهاب لانتخابات بقائمة مشتركة، قوبلت برفض قيادات وكوادر حركة فتح في قطاع غزة، التي اعتبرت أن اللجوء إلى هذا الخيار يشكك في إمكان تحقيق فصيلهم نجاحاً، وهو وخطوة في تجاهل كلّ ما حدث معهم في سنوات الانقسام السياسي.
الفكرة انتهازية
يقول عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ناصر القدوة، إن "الذهاب لقائمة مشتركة مع حركة حماس لخوض الانتخابات التشريعية، يتجاهل كل ما حدث خلال سنوات الانقسام، وهذا خيار غير ديمقراطي تفوح منه رائحة الانتهازية والمصالح الشخصية على حساب القضية الوطنية والشعب في غزّة، هذه الفكرة غير ممكنة سياسياً".
في الواقع، رفضت الهيئات التنظيمية كافة في فتح هذا الخيار، فأعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري في الحركة، إلى جانب قيادات العمل الميداني والقواعد التنظيمية، اعتبرت أن هذا الخيار غير ديمقراطي، بسبب وجود خلافات في الفكر والأسلوب مع حماس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اختلاف البرامج السياسية
ويؤكد القدوة، أنه من الممكن أن تذهب فصائل منظمة التحرير للانتخابات التشريعية بقائمة مشتركة، لأنها تمتلك البرنامج السياسي نفسه كتيار وطني يساري لديه موقف واحد، لكن لا تنجح قائمة موحدة مع حماس لاختلاف الأفكار والمنهجية السياسية.
وبحسب ميثاق حركة فتح، فإنها فصيل وطني ثوري يعترف بوجود دولة إسرائيل، وتصنّف على أنها تنظيم بأفكار يسارية، بينما حركة حماس فصيل إسلامي يقاوم إسرائيل ولا يعترف بها، واختلاف الفكر والبرنامج السياسي بينهما يجعل من الصعوبة قبول فكرة قائمة مشتركة بينهما.
ووفق القدوة أيضاً، فإن الانتخابات بحد ذاتها لا تحقق الوحدة الوطنية، وإن جرت في ظل الانقسام قد تكون تكريساً له، مشيراً إلى أنه لم يتمّ التفاهم حول وضع غزّة، وكيفية تسلم الفريق الفائز المهام، في ظل وجود توجه لدى الفصيلين إلى تأجيل المسائل المهمة إلى ما بعد الانتخابات.
ويبدو أنّ حماس هي التي عرضت فكرة القائمة المشتركة على حركة فتح، ففي بداية الأمر كانت تنفي أوساط في فتح ذلك، إلا أن رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية أكد أنّ اتفاقاً يجرى التحضير له مع فتح للدخول في الانتخابات التشريعية في قائمة واحدة.
استخفاف بالناخبين
يقول القيادي في فتح رأفت عليان، إن "القائمة المشتركة تعني رغبة قيادات فتح وحماس في تكرار نفسيهما، ويشكل تقاسماً وظيفياً للمناصب، وهذا استخفاف بعقول الناخبين وإجبارهم على انتخاب هذه القائمة، بينما المطلوب أن يختار كل فصيل سياسي وجوهاً جديدة تعطي شعبنا حقه في اختيار ممثليه".
وفعلاً في حال ذهاب الفصيلين إلى قائمة مشتركة للانتخابات، فإنها تضمن استمرار سيطرة حركتي فتح وحماس على سدة الحكم، وتحرم الأحزاب الأخرى من فرصة إظهار برامجها السياسية، إذ تشير بيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني إلى أن أكثر من 50 في المئة من سكان القطاع ينتمون إليهما وهذه النسبة تضمن نجاح القائمة في أيّ عملية اقتراع مقبلة.
"الخيارات مفتوحة أمامنا"
في الحقيقة، قيادات وكوادر فتح ليست وحدها الرافضة القائمة الموحدة، فالكثير من الفصائل السياسية اعترض على هذه الخطوة، وانسحبت الجبهة الشعبية من المشاركة في الانتخابات لغموض الأفكار وعدم وضوح المسار السياسي.
كذلك، اعتبر القانونيون أن القائمة المشتركة لا تسهل قيام انتخابات نزيهة، وتقتل التعددية السياسية والديمقراطية، ويقول عضو المكتب السياسي لحزب الشعب وليد العوض، إنه لا يوجد منطق في اتفاق الأطراف التي تصارعت على قائمة مشتركة، هذه انتهازية وتواطئ على الشعب.
على الرغم من أنّ رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية أكد نيتهم في مشاركة فتح بقائمة مشتركة، إلا أن المتحدث باسم الحركة حازم قاسم اعتبر أنه من المبكر الحديث عن آليات وشكل مشاركة حماس بالانتخابات المرتقبة، وأنهم ما زالوا يبحثون عن الصيغة الأنسب لمشاركتهم، لافتاً إلى أنّ كل الخيارات مفتوحة أمامهم، وستضّح الصورة بعد اجتماع القاهرة في الفترة المقبلة.