بعد نحو ستة أسابيع من تلقيها أولى شحنات لقاح فيروس كورونا من إنتاج المجموعة الوطنية الصينية للأدوية "سينوفارم"، التي تشير التقديرات إلى وصول فاعليته إلى نسبة 79 في المئة، بدأت السلطات المصرية رسمياً حملتها للتطعيم ضد فيروس كورونا، التي استهلتها بالعاملين في المجال الطبي والأطقم الصحية التي تعالج مرضى كوفيد-19، على أن تستكمل بالعاملين الآخرين في المجال الطبي وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة.
الحملة التي انطلقت صباح أمس الأحد، أعادت الأمل في الأوساط المصرية بـ"قرب انقشاع أزمة الوباء" بعد أسابيع من القلق المتصاعد جراء ارتفاع منحنى الإصابات والوفيات في البلاد، وتزامنت مع إعلان "الهيئة المصرية للشراء الموحد" (حكومية)، التعاقد مع شركة "أر فارما" وشركة "سيرام انستيتيوت" الهندية، المصنعتين للقاح "أسترازينيكا" للحصول على 20 مليون جرعة.
تفاصيل حملة التطعيم المصرية
ووفق ما أعلنته وزيرة الصحة المصرية هالة زايد، خلال المؤتمر الصحافي بمناسبة انطلاق حملة التطعيم بأحد مستشفيات العزل في محافظة الإسماعيلية المطلة على قناة السويس، فإن الدولة ستتيح التطعيم بالمجان في البداية لجميع الأطباء والأطقم الطبية التي تعالج مرضى كوفيد-19، بعد ذلك لنظرائهم في المجال، يليهم كبار السن ومن يعانون الأمراض المزمنة وصولاً إلى المواطنين العاديين.
وبحسب زايد، فإن جرعات اللقاح الصيني التي بدأت السلطات اليوم الاثنين توزيعها على المستشفيات الحكومية والتابعة للقوات المسلحة والشرطة، ستصرف مجاناً للأطقم الطبية، أما المواطنون فسيتحملون "مبالغ بسيطة" مقابلها.
وأوضح مصدر رسمي في وزارة الصحة لـ"اندبندنت عربية"، أن يكون سعر جرعة اللقاح المتوقعة بالنسبة إلى المواطنين، بنحو 100 جنيه مصري للجرعة الواحدة (6.4 دولار أميركي) وللجرعتين نحو 200 جنيه (نحو 12.8 دولار أميركي)، معتبرا أنه مبلغ رمزي وقد يقل في بعض الأحيان.
في ما قالت زايد، إن منظومة التسجيل الإلكتروني لتلقي العلاج في مصر ستحدد غير القادرين من المواطنين لتتحمل الدولة كلفة جرعاتهم، وذكر المصدر الحكومي أن أسماء غير القادرين ستظهر على نظام التطعيم الذي أعدته وزارة الصحة بشكل تلقائي بمجرد إدخال الرقم القومي لكل مواطن، إذ يرتبط برنامج التطعيم بنظيره "تكافل وكرامة"، المعني بمساعدات حكومية لغير القادرين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووصلت أول شحنة من اللقاح إلى مصر في ديسمبر (كانون الأول) وشملت 50 ألف جرعة. وتقول الشركة المنتجة للقاح وهي المجموعة الوطنية الصينية للأدوية، إنه فعال بنسبة 79 في المئة ضد فيروس كورونا.
ويعتمد هذا اللقاح، بحسب زايد، التي كانت من أول الخاضعين للتجارب السريرية للقاح الصيني أواخر العام الماضي، على حقن الشخص بجرعة تحمل فيروس كورونا نفسه بعد تعطيله للعمل كجسم مضاد.
وأوضحت زايد، أن هناك ثلاثة لقاحات أخرى في طور التسجيل في البلاد، من دون أن تسميها. مشيرة إلى أن القاهرة تعاقدت على 40 مليون جرعة لقاح عبر تحالف "غافي" للقاحات والتحصين، بهدف تلقيح باقي الأطقم الطبية خلال الربع الأول من العام، وهي كمية ستغطي 20 مليوناً من سكان البلاد، وعددهم أكثر من 100 مليون، مضيفة أن السلطات المصرية حجزت 40 مليون جرعة من شركة و20 مليونًا من أخرى، ما يرفع مجمل الجرعات إلى 100 مليون.
وبحسب المصدر الحكومي المصري، فإن اللقاحات التي اعتمدتها السلطات في البلاد هي لقاح "سينوفارم" الصيني، فضلاً عن لقاح "أسترازينيكا" البريطاني، ولقاح "سبوتنيك في" الروسي.
وكان بهاء الدين زيدان، رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية للشراء الموحد، أعلن قبل يومين، أن الهيئة تعاقدت مع الشركتين المصنعتين للقاح فيروس كورونا "أسترازينيكا" للحصول على 20 مليون جرعة، في مسعى لتوفير أكبر قدر ممكن من اللقاحات لمواجهة الجائحة.
وكانت هيئة الدواء المصرية، تسلمت أوراق لقاح "أسترازينيكا" البريطاني، تمهيداً لتوريده للبلاد، لدراسته ومنحه التصريح باستخدامه الطارئ. وسبق أن قالت "أسترازينيكا"، إن لقاحها فعال بنسبة 70 في المئة في الوقاية من المرض.
وتعتمد السلطات المصرية في تسجليها اللقاح للبدء في استخدامه، على تحليله في معامل هيئة الدواء المصرية بواقع 4 تجارب.
ويختلف لقاح "أسترازينيكا"، عن لقاحي "مودرنا" و"فايزر- بيونتيك"، في أنه سهل التخزين، إذ يتطلب حرارة تتراوح بين درجتين وثماني درجات مئوية، وهي حرارة البرادات العادية، خلافاً للقاحين الأميركيين اللذين لا يمكن تخزينهما على المدى الطويل إلا بدرجات حرارة متدنية جداً تصل إلى 20 درجة تحت الصفر للقاح الأول، و70 درجة تحت الصفر للقاح الثاني.
تفاؤل بقرب نهاية الأزمة
في الأثناء، تسود موجة من التفاؤل في الأوساط المصرية، لا سيما الطبية منها في ما يتعلق بقرب "حصار" الجائحة".
فمن جانبه، قال عبد المنعم سليم، مدير مستشفى "أبو خليفة" للعزل في الإسماعيلية، وأول من يتلقى لقاح "سينوفارم" من أفراد المنظومة الطبية المصرية، إن أي خطر قد ينجم عن اللقاح هو أقل مما يتعرض له أثناء العمل.
وأضاف، وفق ما نقلت عنه تقارير محلية، "أياً ما كان نوع اللقاح الذي ستحصل عليه، الروسي، الصيني، أياً كان، أكيد أقل خطورة مما تتعرض له في المجمل"، وأشار إلى أنه "طالما أُتيحت الفرصة للقاح آمن مُثبت علمياً، فهي فرصة جيدة".
وبحسب، هاشم عبد الفتاح، أحد الأطباء العاملين في مستشفيات العزل، فإن بداية حملة التطعيم في البلاد تبقى مؤشراً جيداً وأملاً في إمكانية حصار الوباء. موضحاً، أن "اعتماد السلطات على أكثر من نوع من اللقاحات (الروسي والصيني والبريطاني) يزيد من التفاؤل بشأن إمكانية تغطية الطلب المتوقع زيادته الأشهر المقبلة على اللقاح".
ووصف عبد الفتاح، الخطوة بـ"الإيجابية"، موضحاً أن الحديث عن انحسار الوباء يتطلب تطعيم 70 في المئة من السكان بلقاحات كورونا".
وعلى مدار الأيام الأخيرة، سجلت وزارة الصحة المصرية، تراجعاً ملحوظاً في عدد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا، وفي أحدث إحصاءاتها المعلنة في وقت متأخر من ليل الأحد الاثنين، أعلنت وزارة الصحة المصرية، تسجيل 674 إصابة جديدة بفيروس كورونا و57 وفاة مقابل 680 إصابة و49 وفاة يوم السبت.
وقال المتحدث باسم الوزارة خالد مجاهد في بيان، إن "إجمالي العدد الذي سُجل في مصر بفيروس كورونا حتى الأحد، هو161817 حالة، بينهم 126497 حالة تم شفاؤها، و8959 حالة وفاة". يذكر أن مسؤولين مصريين حذروا في وقت سابق، في ذروة الموجة الثانية من الوباء التي تواجهها البلاد، من أن معدل الفحوص المنخفض يعني أن عدد الإصابات الحقيقي قد يكون أعلى بعشر المرات على الأقل.