ربما تكون الدعوى ضد تركيا، التي رفعتها الحكومة العراقية لدى محكمة تجارية تابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس، في شأن مبيعات نفط إقليم كردستان عن الأراضي التركية، غير جدية في إيجاد حلول حاسمة للأزمة بين الأطراف الثلاثة.
فهذه الدعوة التي تقدمت بها الحكومة الثانية لنوري المالكي، في أسابيعها الأخيرة، مرت بمراحل مختلفة. فقد جمدها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في نهاية 2014، ثم فعلها في مطلع 2017، قبل تجميدها في أيامه الأخيرة على رأس الحكومة، ثم أوقفها رئيس الحكومة المستقيل عادل عبد المهدي بطلب من القيادة الكردية.
وعلى الرغم من اعتبار الأحزاب الشيعية رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي حليفاً للقيادة الكردية، فإن قرار حكومة الكاظمي تفعيل الدعوى من جديد، أتى مفاجئاً، خصوصاً أنه جاء بعد زيارة الكاظمي تركيا في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2020.
وتطلب الحكومة العراقية بموجب الدعوى الحكومة التركية بسداد نحو 26 مليار دولار إلى العراق، ناجمة عن قيام الأخيرة بتصدير نفط الإقليم خلال السنوات الماضية من دون موافقة رسمية من بغداد.
ورقة ضغط ضد الأكراد
ويرى نواب أكراد أن الخطوة تهدف إلى الضغط على الأحزاب الكردية لتقديم تنازلات للحكومة المركزية في الملفات العالقة.
ويعتبر النائب الكردي في اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، جمال كوجر، أن تفعيل حكومة بغداد القضية هو ورقة ضغط بحق الأكراد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف كوجر أن "عدداً من اللجنة وجهت سؤالاً إلى وزير النفط العراقي إحسان عبدالجبار، في شأن الدعوى القضائية ضد تركيا التي يتوقع أن يصدر القرار النهائي في شأنها أبريل (نيسان) المقبل".
ويرجح كوجر أن تتفاوض تركيا مع الحكومة الاتحادية في شأن القضية، إذا ما ازداد ضغط بغداد عليها متوقعاً أن تضغط أنقرة على إقليم كردستان. ويشير إلى احتمال أن "يجري الأتراك صفقات تعويضية لبغداد قد تؤثر سلباً على الإقليم".
ويكشف عضو اللجنة المالية النائب عبد الهادي السعداوي عن رفع الحكومة العراقية عدداً من الدعاوى ضد تركيا، في عدد من الدول منها تركيا. وتنطلق الدعاوى من تصدير إقليم كردستان النفط عن طريق تركيا من دون موافقة الحكومة الاتحادية. وبعضها قضايا جديدة، إضافة إلى دعاوى قديمة أقيمت في زمن حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي وتريثت حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي في إجراءاتها".
في الأثناء، يؤكد النائب أمجد العقابي أن اللجنة المالية في مجلس النواب لا تملك أي معلومات جديدة عن الموضوع. ويلفت إلى أن موازنة 2021 فرضت حقوقاً وواجبات على إقليم كردستان منها بيع النفط عن طريق شركة تسويق النفط العراقية (سومو). ويستدرك، "حتى الآن لم تحسم مسألة تسويق نفط الإقليم".
الأموال العراقية في تركيا
ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن "تفعيل القضية مجدداً، في هذا الوقت، قد يكون مؤشراً على عدم الوصول إلى اتفاق مع تركيا في قضية الأموال العراقية الموجودة في البنوك التركية نتيجة تصدير النفط من حقول إقليم كردستان، وهي في حسابات الإقليم".
ويضيف الشمري أن "الخطوة تعد جزءاً من عملية الضغط على الإقليم لإيقاف تصدير النفط بمعزل عن الحكومة الاتحادية". ويفسر "عدم تعليق حكومة بغداد على القضية" بأنه "انتظار لتسوية مالية بين بغداد وأربيل وأنقرة، نظراً لوجود تعقيدات مالية واتفاقات لتصدير النفط إلى تركيا لمدة 50 سنة".
ويلاحظ الشمري أن الحكومة المركزية لا تريد أن تكون القضية مصدر توتر بين بغداد وأربيل، في انتظار نتائج التسوية الثلاثية بين بغداد وأربيل وأنقرة.
وكان عدد من النواب الأكراد في البرلمان العراقي كشفوا عن بيع حكومة إقليم كردستان نفط الإقليم لتركيا وعدد من الجهات لمدة 50 سنة مقابل إقراض الإقليم مليارات الدولارات خلال السنوات القليلة الماضية.
وكانت السلطات العراقية قد أعلنت في عام 2014 اتخاذ إجراءات قانونية ضد تركيا إثر إعلان أنقرة البدء في تصدير نفط إقليم كردستان، إلى الأسواق العالمية. وأعلن العراق في حينها عن تقديم طلب تحكيم ضد الجمهورية التركية وشركة "بوتاس" لخطوط نقل النفط التابعة للدولة، إلى غرفة التجارة الدولية في باريس، لأن تركيا نقلت النفط الخام من إقليم كردستان عبر ناقلة في ميناء جيهان التركي، ومن دون إذن من وزارة النفط العراقية.