كان علي جاماك يعتقد أن ابنه يعمل حارس أمن في قطر في إطار الإعداد لنهائيات كأس العالم لكرة القدم التي تقام العام المقبل. وفي أحد الأيام في شهر أبريل (نيسان) الماضي، وصل مسؤولون من وكالة الاستخبارات الوطنية الصومالية ومعهم عشرة آلاف دولار نقداً.
قالوا له إن ابنه توفي ليس في قطر، بل في إريتريا، إحدى أكثر دول العالم سرّية.
وقال جاماك (48 سنة) لوكالة "رويترز"، "عرضوا علي صورة من واتساب وسألوني ’هل تعرف صاحب هذه الصورة واسمه بالكامل؟‘ فقلت ’نعم هو ابني‘. فقالوا لي ’ابنك مات‘. وبكيت".
أعطاه الرجال المال وطلبوا منه ألا يطرح أسئلة.
قلق على شبان يختفون
كان ابن علي واحداً من ثلاثة شبان قالت أسرهم لـ"رويترز" إن الحكومة الاتحادية الصومالية جنّدتهم للعمل في وظائف في قطر، لكنهم ظهروا في إريتريا حيث سافروا للخدمة في جيشها رغماً عنهم. وقالت أسرتان أخريان إن اثنين من أبنائهما اختفيا ببساطة.
ويثير هذا التجنيد السري المرجّح لشبان صوماليين للانخراط في قوة مقاتلة في إريتريا، غضباً عاماً في الصومال، وهو بلد فقير يسعى فيه الجميع وراء فرص العمل في الخارج. وتفجّرت احتجاجات الأسبوع الماضي في العاصمة مقديشو وفي مدينتي جوري عيل وجالكعيو، بسبب المجنّدين المفقودين.
وشعر صوماليون بالقلق على أبنائهم بعد ورود تقارير عن مشاركة قوات إريترية في الاشتباكات التي وقعت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في شمال إثيوبيا المجاورة، ما تنفيه أديس أبابا وأسمرا بشدّة.
"شيء سخيف"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وردّاً على سؤال عما إذا كانت إريتريا جنّدت صوماليين أو درّبتهم أو أرسلتهم إلى إثيوبيا، قال وزير الإعلام الإريتري يماني مسكيل لـ"رويترز"، "شيء سخيف... ثمة تضليل إعلامي متداول على نطاق واسع".
ولم يردّ المتحدث باسم الحكومة الصومالية محمد إبراهيم ووزير الإعلام عثمان دبي، على طلبات للتعليق على ما يبدو أنه دور لمقديشو في تجنيد الشبان. لكن إبراهيم نفى إرسال صوماليين إلى إثيوبيا.
وقد حدث تقارب بين قادة الصومال وإثيوبيا وإريتريا منذ عام 2018، بعد حدوث تغيير في القيادة في أديس أبابا. ووقّعت الأخيرة اتفاق سلام مع أسمرا، بعدما كانتا عدوّتين لدودتين، وتتبادلان الآن الزيارات على مستوى عالٍ.
ولمقديشو الآن علاقات ودية مع رئيس إريتريا، بعد أن اتهمت بلاده من قبل بدعم مقاتلين متطرّفين.
"الرد رصاصة"
قال حسين ورسامي إن ابنه صدام (21 سنة) سافر للعمل في وظيفة أمنية في قطر في أكتوبر (تشرين الأول) 2019. ولم تصله أي أخبار منه لأكثر من عام. وأخيراً، اتصل هاتفياً في نوفمبر من إريتريا.
ونقل عن ابنه قوله له، "كنا كلنا مصدومين عندما نزلنا في إريتريا. كنا نعتقد أننا سنطير إلى قطر. أبي، لا توجد حياة هنا. لم أرَ طعاماً سوى كسرة أو شريحة من الخبز منذ غادرت الصومال عام 2019. وعندما يتظاهر المجنّدون أو يرفضون الأوامر، فالردّ رصاصة".
وقال صحرا عبدي قادر، الذي اختفى ابنه عقيل حسن عبدي عام 2019 في ظروف مماثلة، لـ"رويترز"، إن ابنه اتصل في يناير (كانون الثاني)، وقال إنه في معسكر بمكان غير معلوم في إريتريا.
ثلاث مجموعات
ولا توجد وسائل إعلام مستقلة في البلاد، التي لم يسبق أن أجرت انتخابات والتي تجبر مواطنيها على الانخراط في خدمة عسكرية لأجل غير مسمّى. ويتولّى الرئاسة منذ عام 1993 قائد الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا سابقاً، أسياس أفورقي.
أما الصومال، فلم يتمتع سوى بحكم مركزي محدود منذ عام 1991.
وللبلدين تاريخ من الصراع على مدار عشرات السنين في منطقة القرن الأفريقي، وكثيراً ما كانت إثيوبيا جارتهما الأكبر تتورّط فيه.
وقال محلل أمني في المنطقة لـ"رويترز"، طالباً عدم نشر اسمه، إنه علم من محاورات مع مسؤولين أمنيين في مقديشو أنه تم تجنيد حوالى ألف صومالي نُقلوا إلى إريتريا ضمن ثلاث مجموعات على الأقل. وأضاف أن إحدى المجموعات عادت إلى بلادها، وأنه يتعذّر الاتصال بالمجموعة الثانية، فيما الثالثة لا تزال في إريتريا.
ولم تتمكّن "رويترز" من التأكد من صحة هذه التفاصيل.