تلقّى الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعماً من روسيا لمبادرته عقد مؤتمر دولي للسلام، يشكّل آلية جديدة لإنهاء الصراع مع إسرائيل، وذلك بعد فشل ثلاثين سنة من الرعاية الأميركية الأحادية لعملية السلام.
ومنذ أكثر من عامين، يطالب الرئيس عباس المجتمع الدولي بإنهاء الرعاية الأحادية الأميركية، واعتماد آلية دولية متعددة الأطراف في محاولة لضمان نجاح المفاوضات الثنائية مع إسرائيل.
وجاء الموقف الروسي عقب زيارة القيادي في حركة فتح حسين الشيخ، الأسبوع الماضي، كمبعوث من الرئيس عباس إلى موسكو ولقائه وزير الخارجية سيرغي لافروف ونقله رسالة فلسطينية.
وتنص الرسالة على أن استئناف العلاقات مع تل أبيب لا يعني العودة إلى المفاوضات معها، كما تدعو موسكو إلى انخراط أكبر في عملية للسلام، مع استمرار الرفض الفلسطيني للرعاية الأميركية الأحادية للسلام حتى مع إدارة الرئيس جون بايدن.
لكن إسرائيل تصرّ على رفض المقترح الفلسطيني لعقد مؤتمر دولي للسلام، وتقول إنه "عديم الفائدة ولا يهدف إلا إلى التهرب من المفاوضات"، بحسب مندوبها في الأمم المتحدة جلعاد أردان.
ومع استبعاد مراقبين كثر إمكانية إقامة دولة فلسطينية في ظل رفض تل أبيب وما يرافقه من فرضها حقائق على الأرض تحول دون ذلك، فإن القيادة الفلسطينية والمجتمع الدولي يعتبران أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد والأمثل لإنهاء الصراع.
ومع تسلم إدارة بايدن مقاليد السلطة، فإنها تراجعت عن سياسة دونالد ترمب بشأن القضية الفلسطينية، وعادت إلى الموقف الأميركي التقليدي من تأييد حل الدولتين، ودعت إسرائيل إلى وقف الاستيطان وتوفير الأجواء المناسبة لاستئناف المفاوضات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا تخفي إدارة بايدن استعدادها للعمل مع اللجنة الرباعية للسلام المكونة من أميركا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في ظل سياستها القائمة على "التعاون الدولي متعدد الأطراف في إطار المنظمات الدولية".
وبناء على المبادرة الفلسطينية، اقترح لافروف تنظيم مؤتمر دولي على المستوى الوزاري بمشاركة أعضاء اللجنة الرباعية، والسعودية ومصر والأردن والبحرين والإمارات، إضافة إلى إسرائيل وفلسطين.
وأشار إلى ضرورة التكثيف الفوري للجهود الدولية الرامية إلى إعادة إطلاق المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية.
وترك لافروف الباب مفتوحاً أمام مكان وتاريخ المؤتمر، لكنه قال إنه قد يعقد في الربيع أو الصيف المقبلين، مضيفاً أن المؤتمر "سيوفّر منصة لإجراء تحليل شامل للوضع ومساعدة الدول على فتح حوار".
وكثيراً ما طالب الرئيس عباس بعقد مؤتمر دولي للسلام في النصف الأول من العام الجاري "برعاية الرباعية الدولية، الجهة الوحيدة المخولة لرعاية المفاوضات مع إمكانية إضافة دول أخرى لها"، وذلك للمساعدة في تحقيق "السلام العادل والشامل والدائم المستند إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية".
من جانبه، قال السفير الفلسطيني لدى روسيا عبد الحفيظ نوفل إن مقترح لافروف لعقد مؤتمر موسع للجنة الرباعية للسلام "لا يشكّل بديلاً عن المؤتمر الدولي، لكنه سيمهّد له ويمثّل أرضية مناسبة له وسيسهم في نجاحه"، داعياً إلى "تفعيل اللجنة الرباعية وتوسيعها لإيجاد آلية جديدة للمفاوضات برعاية دولية".
وأشار نوفل في حوار مع "اندبندنت عربية" إلى أنه في الشهرين المقبلين سيتّضح الموقف الأميركي من اللجنة الرباعية، مضيفاً أن موسكو لديها الرغبة والقدرة على المساهمة في استئناف عملية السلام.
لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي، يرى أن رغبة الرئيس عباس في تفعيل اللجنة الرباعية لاستئناف عملية السلام "ليست سوى محاولة لتبرير الرجوع إلى المفاوضات مع إسرائيل"، مشيراً إلى أن "عملية السلام لن تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية وأن ذلك أصبح من الماضي ولا يمكن تحقيقه".
وقال الشوبكي إن موسكو لا تستطيع إجبار تل أبيب على الموافقة على قيام دولة فلسطينية، مضيفاً أن واشنطن ستعمل على "إطالة عمر العملية السياسية لكن من دون أن تؤدي إلى تسوية حقيقية". ولفت إلى أن الولايات المتحدة تريد إشراك أطراف دولية في عملية السلام حتى تتحمّل تلك الدول المسؤولية عن فشلها.