بإمضاء بالغ الوصف والدقة، استوطنت أعماله الفنية التشكيلية هموم أصحابها، وكأنه اقتلعها من باطن النفس لتجد في لوحاته مستودعاً. ومن دون أن تفسر قضايا لوحات انسابت أفكاره عليها، لتعبر عن وجوه حملت قسمات الصبر، بين خطوط أضناها قيد الانتظار، وصبر يخالجه صبر. يقول التشكيلي عبد الرحمن الخويطر "آخر ما آلت إليه أعمالي حكايات أبطالها نساء. اللوحة ذات الخلفية شديدة الصفرة جسدت صبر وطول أمد المرأة، وظهر ذلك بوضوح على ملامح وجهها، البعض منهن أقوى من رياح الظروف المعاكسة"، وهو يسلط بهذا العمل الضوء على المرأة التي تتصدى للظروف بتحطيم ما يوقف طموحها من تقاليد بالية لا أساس لها. ويضيف "عن تلك المرأة التي تعرف الطريق إلى حقوقها بالمسار الصحيح، من دون الاكتراث لنظرة المجتمع"، علماً بأن توجهه التشكيلي ليس له خط سير في قضايا محددة، لكن بعض الأعمال عندما تنتهي تصف نفسها بنفسها.
ومن غير قصد، أقدم الرسام الانطباعي على تجربة جنون الفن الانطباعي، من خلال تقديم تجربة خاصة استعان من خلالها بالمرأة من زاوية الفرح، مبيناً "أبهرتني تجربة الضرب بالفرشاة التي يقوم بها الفنانون التشكيليون الانطباعيون، إذ غالباً ما يسطع بروزهم وتميزهم في جانب إظهار الألوان بشكل مبهر ولافت للنظر".
وأضاف "من خلال ثوب زفاف المرأة الذي يأتي عنواناً للفرح، قدمت تجربتي التي جسدت متعة الخوض في عنصر فني تشكيلي جديد، وعبرت عن السعادة".
نصيب الرجل من الصبر
ولم تأتِ المرأة وحدها في حالات لوحاته التعبيرية، بل جاء الرجل ضمن أعماله مثقلاً بفائض من الهموم. ففي اللوحة التي تحمل عنوان الـ"الخذلان"، والتي يعتريها كثير من الأوجاع، جاءت الألوان في العمل فاقعة، بارزة الملامح، صورت حجم اليد بشكل أكبر من المألوف لتصف عمق التأثر.
وفي لوحة "القرار والتجاهل"، يقول الخويطر "تعمدت تضخيم حجم الأذنين، واللوحة تحمل كثيراً من صور التحمل وقوة الاحتمال، ولم يأخذ مني صنعها سوى 15 دقيقة، وهي قصة حقيقية واقعية، رسمتها بعد خبر ساءني، فعبرت عن طموح التغيير نحو الأفضل، والعينان المغمضتان هما المقصد للتجاهل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما لوحة "القبضة الضخمة"، فتجسد شخصية الإنسان الذي يمتلك كثيراً من الأهداف وطرق الوصول إليها، إلا أن مخاوفه تقف حاجزاً أمام تحقيقها على أرض الواقع، وهي في جزء منها تعني الصبر أيضاً وطول الاحتمال.
الحكم على البشر
ينتمي الخويطر الذي قدم ما يزيد على 50 عملاً فنياً تشكيلياً، إلى المدرستين، التعبيرية والوحشية، مضيفاً "أميل إلى المدرسة الوحشية، بعض منها يسلط الضوء على حكم البشر على الناس من أشكالهم، ملامحهم قاسية، لكنهم طيبون، ويحكم بعضهم على هذه المدرسة بالقسوة، وتتميز باستخدام الألوان الصارخة، وجاءت هذه اللوحة مزيجاً بين المدرسة التعبيرية والوحشية معاً".
وكانت مرحلة جائحة كورونا فترة مهمة في مسيرته، فيقول "رسمت لوحة بدافع مادي للمشاركة في مسابقة خلال فترة كورونا، إنتهت مهلة المسابقة قبل أن أنتهي من العمل، وشاركت بها في مسابقة أخرى، وهي تعبير امتنان لمجهود الكادر الطبي السعودي، وجميع معاونيهم"، والتي ظهر فيها الورد كتعبير رمزي عن الشكر للممرضين والأطباء وأسرهم.