في خطوة يُفترض أن تتجاوز السلطة اليمنية من خلالها عقدة الملفات الأمنية والعسكرية التي كانت تسيطر على أجندتها طوال الفترة الماضية، أعلنت الحكومة الشرعية في عدن البدء باتخاذ خطوات تنموية واقتصادية تلامس حاجات المواطن اليمني، متخلّصة من الهاجس الأمني الذي ظل يعرقل جهودها ووجودها داخل البلاد طوال السنوات الماضية.
وأعلنت حكومة الكفاءات السياسية الجديدة استكمال برنامجها المؤلف من سبعة أهداف، حضرت فيه الجوانب العسكرية بشكل محدود من خلال التعبير عن ضرورة إنهاء الانقلاب الحوثي ومواجهة التنظيمات الإرهابية.
اجتماع استثنائي
وعقد مجلس الوزراء اليمني برئاسة معين عبدالملك اجتماعاً استثنائياً، وأقر إحالة مشروع البرنامج العام لـ "حكومة الكفاءات السياسية" التي شُكلت وفقاً لـ "اتفاق الرياض" إلى البرلمان للتصويت والموافقة عليه.
ويأتي إعلان الحكومة عقب مرور نحو شهر على الهجمات الصاروخية التي استهدفت مطار عدن الدولي في محاولة لاغتيال رئيس الحكومة وأعضائها، وخلّفت 135 بين قتيل وجريح من المسافرين والصحافيين وموظفي الصليب الأحمر الدولي، ليكون بمثابة رد على الحوثيين.
الأهداف السبعة
وفي تفصيل لأبواب البرنامج الحكومي، قال رئيس الوزراء معين عبدالملك خلال مؤتمر صحافي عقب الاجتماع في العاصمة المؤقتة عدن، إن "المشروع المقدم للبرلمان يتضمن سبعة أهداف رئيسة وأهدافاً فرعية، وتحت كل هدف أولويات ملحّة ستعمل عليها الحكومة. والأهداف السبعة هي الملفين الأمني والعسكري، وفقاً لاتفاق الرياض، والسياسات المالية والنقدية والاقتصاد والاستثمار والبنية الأساسية والطاقة والبيئة والإدارة العامة والحكم الرشيد والتنمية البشرية والعلاقات الخارجية والتخطيط والإعلام".
استعادة الدولة اليمنية
وبحسب عبدالملك فإن "مشروع استكمال استعادة الدولة اليمنية وإنهاء الانقلاب الحوثي وتحقيق الاستقرار والتعافي الاقتصادي على رأس المهمات التي ستضطلع بها الحكومة اليمنية في برنامجها العام خلال الفترة المقبلة"، مؤكداً أن "المشروع العام المقدم إلى البرلمان يعبّر عن إرادة حكومته والتزامها وتصميمها على بدء مسار جديد ونوعي في العمل".
وطبقاً لحديث عبدالملك، فقد تم "بالفعل العمل بحسب البرنامج حتى يتم استكمال الإجراءات الدستورية لإقراره"، موضحاً أن الحكومة "ماضية في استكمال الملفين الأمني والعسكري بهدف استعادة الدولة وإنهاء انقلاب ميليشيا الحوثي والتعامل الجاد مع آثاره الكارثية، إضافة إلى مواجهة التنظيمات الإرهابية وتحقيق الأمن والاستقرار".
معالجات اقتصادية
وفي مسعى يهدف إلى مواجهة الانهيار الاقتصادي المتنامي، تضمّن محور السياسات المالية والنقدية في برنامج عمل الحكومة خفض العجز في الموازنة والسيطرة على التضخم وتنسيق السياسات المالية والنقدية، كما شدد المحور الاقتصادي على إقرار وتطبيق سياسات عاجلة تحد من التدهور الاقتصادي، مع العمل على تنمية القطاعات الإنتاجية وتعزيز البيئة الاستثمارية ومشاركة القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في جهود التعافي الاقتصادي.
وفي هذا الشأن، أكد رئيس الوزراء أن "الظروف والتحديات الراهنة مهما بلغت صعوبتها يجب التعامل معها بقدر كبير من المسؤولية وابتكار الأساليب المثلى والوسائل النوعية لمعالجتها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الإنجاز هو المعيار الوحيد
كما لفت رئيس حكومة الكفاءات إلى أن "المعيار الحقيقي لمشروع البرنامج العام للحكومة هو قياس مستوى التقدم على أساس الإنجاز والتنفيذ"، لافتاً إلى أن البرنامج يعبّر عن إرادة الحكومة والتزامها وتصميمها على بدء مسار جديد ونوعي في العمل، من أجل تحقيق هدفها الرئيس المتمثل باستكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب وتحقيق الاستقرار والتعافي الاقتصادي".
شبكات المصالح
لم يُخف رئيس الوزراء جملة صعوبات وعراقيل تعترض سير أداء الحكومة التي جاءت لتملأ فراغاً كبيراً تركه غيابها الطويل عن العمل من داخل البلاد، واستبشر بها اليمنيون خيراً. وقال إن "الوضع صعب والمهمة معقدة والإمكانات محدودة للغاية والتحديات كبيرة والبلد في سياق حرب، وأحد أهم تبعات هذه الحرب هي شبكات المصالح التي نشأت واستولت على مساحة عمل الدولة وأضعفت أداء مؤسساتها".
وفيما انتقد منهجية تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة حول اليمن، وتحفظ على الرد حول التقرير المقدم إلى مجلس الأمن الدولي، دعا دول التحالف العربي وفي مقدمها السعودية والإمارات إلى تقديم الدعم العاجل لحكومته لمواجهة "التعقيدات والأزمات المتراكمة".
هل يجتمع البرلمان في عدن؟
ومن المقرر أن يعقد البرلمان جلسة تصويت لمنح الحكومة الثقة وإقرار برنامجها العام خلال الأيام المقبلة في إحدى "المحافظات المحررة"، تزامناً مع عودة السجال الاعلامي بين المؤيدين لعودة الحكومة إلى ممارسة مهماتها من الداخل اليمني، ومناصري المجلس الانتقالي الجنوبي الذين يرفضون عودة أعضاء البرلمان إلى عدن بحجة أن أعضاءه ينتمون إلى المحافظات الشمالية. وكان نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك تحدث بلغة تهديد في حال عُقدت جلسة البرلمان في إحدى المحافظات الجنوبية.
خطة تعافي
ويُعد البرنامج، بحسب مراقبين، خطة تعاف مكثفة على مدى قصير تمتد لعام، في بلد دمرته الحرب الدامية التي سببها الانقلاب الحوثي المسلح على السلطة الشرعية، حيث أودت الحرب المستمرة منذ ست سنوات بحياة 233 ألف شخص، وبات 80 في المئة من سكان اليمن يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة، في ظل واقع مأساوي خلّف أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة.