يعتبر "الألتراس" تجمعاً لأشد معجبي فريق معين، ويهدف لتنظيم وتأطير تشجيع فريقهم المفضل، وكان أول ظهور لتلك الظاهرة خلال ثلاثينيات القرن الماضي في البرازيل، ثم انتقلت إلى باقي دول أميركا الجنوبية، وانتقلت بعد ذلك إلى أوروبا، وتمكنت التجربة الإيطالية التي انطلقت في بداية الخمسينيات من منح الظاهرة زخماً جديداً، حينما شرعت مجموعات من مساندي بعض فرق كرة القدم العريقة بإنشاد أغان حماسية على أنغام الطبول مع التلويح بأعلام الفرق.
ومع مرور الوقت، أصبحت تلك الظاهرة أكثر تنظيماً عبر ظهور قواعد تأطيرية جعلت من "الألتراس" فريقاً موازياً للنادي الذي يشجعه، يضم لجاناً مختلفة وله موازنة خاصة، وأصبح تنظيم "التيفو" (اللوحة التي تعرض على مدرجات الملاعب وتضم صوراً مركبة وتعبيرات تشجيعية) أهم مجال للمنافسة بين مختلف "الألتراس"، إضافة إلى وجود ترتيب دولي لأهم مجموعات المشجعين من خلال جمالية "التيفو".
من التشجيع الى السياسية
وفي المغرب، تختلف الروايات بخصوص الحقبة الزمنية لظهور "الألتراس"، لكن متخصصين يؤكدون أن تلك الظاهرة انطلقت مع بداية الألفية الثالثة، بظهور "الألتراس" العسكري المساند لفريق الجيش الملكي و"الجرين بويز -"green boys الموالي لفريق الرجاء البيضاوي و"الوينرز -"winners التابع لفريق الوداد البيضاوي، إلى أن أصبح "ألتراس" أهم فريقين بالمغرب، الوداد والرجاء، يصنفان من بين أهم 10 "ألتراس" في العالم.
التشجيع الرياضي
اعتمدت "الألتراس" في بداية الأمر على التشجيع الرياضي الخالص إلى أن تأثرت بالسياسة، واعتمد بعض الأحزاب في حملاته الانتخابية على تلك التجمعات، ثم شكلت رياح "الربيع العربي" نقطة فارقة في واقع "الألتراس" التي أصبحت منذ العام 2011 تعتمد خطاباً سياسياً، وباتت تحوي في معظمها منذ ذلك الحين رسائل سياسية تضم مطالب معينة، وتنتقد الأوضاع الاجتماعية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشكلت أغنية "فبلادي ظلموني" التي أنشدها مشجعو فريق الرجاء البيضاوي خلال إحدى مباريات الفريق العام 2018، أهم تلك الاغاني من حيث العمق السياسي، لكونها لخصت نظرة ذلك "الألتراس" للوضع الاجتماعي والسياسي للبلد، قائلة فيها "لمن نشكي حالي، الشكوى للرب العالي، هو اللي داري، فهاد البلاد عايشين فغمامة، طالبين السلامة، انصرنا يا مولانا، صرفو علينا حشيش كتامة، خلاونا كي اليتامى نتحاسبو في القيامة"، وعرف فيديو الأغنية ملايين المشاهدات على "يوتيوب".
حركة 20 فبراير
وشكلت المظاهرات التي عرفها المغرب في 2011 جراء موجة ما يعرف بـ "الربيع العربي" أهم مرحلة بالنسبة لـ "الألتراس" بخصوص التعبير السياسي، وانخرط بعضها في حركة 20 فبراير (شباط) التي قادت الحراك بالمغرب، وأسهمت في مسيرات عدة تطالب بـ "العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد."
ويعتبر الباحث المغربي في علم الاجتماع، سعيد بنيس، في إحدى دراساته حول موضوع "الألتراس" أن من الملاحظ أن الشعارات المتداولة لم تصبح مقتصرة على جمهور أو "ألتراس" فريق معين، ومحصورة في مواقع بذاتها (ملاعب كرة القدم)، بل صار لها وجود وتداول خارج هذه المواقع، وتم تملكها من أطياف مختلفة من مواطنين لا علاقة لهم بالرياضة ويعيدون تصريفها في مواقع مجتمعية أخرى مثل المعاهد الجامعية والأسواق والمسيرات الاحتجاجية، فالخصم لم يعد الفريق المقابل أو السياسة الرياضية أو الجامعة أو المدرب، بل السياسات الحكومية، معتبراً أن المواجهة الخطابية تتم بتفويض الرياضة كجسر للاحتجاج وتحقيق الفاعلية والانخراط في المجتمع.
ويؤكد الباحث المغربي أن الجماهير الرياضية كانت في السابق ترفع لافتات ضد المؤسسات الرياضية، واليوم أصبحت المضامين ذات المرجعية السياسية والحقوقية الطاغية في الشعارات داخل الملاعب.
علاقة متوترة
وفي المغرب اتسمت علاقة "الألتراس" مع السلطة بالتوتر، كما هي الحال في باقي الدول العربية، على إثر المتابعات القضائية التي لحقت عدداً من المنتمين لبعض مجموعات المشجعين، بسبب أعمال الشغب التي عانت منها ملاعب المغرب أعواماً عدة، وأصبحت ظاهرة مقلقة تضرّ بسمعة كرة القدم، واتهمت السلطات "الألتراس" بالضلوع فيها، ودفعت تلك الوضعية وزارة الداخلية المغربية إلى حل كل "الألتراس" خلال 2016، رغبة منها في وضع حد لظاهرة الشغب في مجال الرياضة، إلى أن عادت عن قرارها العام 2018، وسمحت من جديد بعودة تلك المجموعات الى مدرجات الملاعب.