خرج المتظاهرون الرافضون للانقلاب إلى شوارع ميانمار، الخميس، لليوم السادس على التوالي، في وقت أعلن الرئيس الأميركي جو بادين فرض عقوبات على جنرالات في الدولة الواقعة جنوب شرقي آسيا وطالبهم بالتخلي عن السلطة.
الغضب مستمر
وتستمر موجة الغضب والتحدي منذ أن أطاح الجيش الحاكمة الفعلية للبلاد أونغ سان سو تشي، الأسبوع الماضي، واعتقلها إلى جانب شخصيات أخرى في حزب "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" الذي تتزعمه.
واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والعيارات المطاطية ضد متظاهرين، وسط تقارير معزولة عن إطلاق رصاص حي أيضاً. وصعّدت الشرطة إجراءاتها ضد الحزب مع مداهمة مقره.
لكن المتظاهرين نزلوا إلى الشارع مجدداً، الخميس، في احتجاج سلمي في نايبيداو العاصمة ومعقل الجيش، إضافة إلى رانغون كبرى مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وهتفت مجموعة من المتظاهرين أمام البنك المركزي في رانغون "لا تذهبوا إلى مكاتبكم"، وذلك ضمن مسعى للدعوة إلى عصيان مدني حضّوا في إطاره الموظفين الحكوميين والقطاعات الأخرى على مقاطعة العمل والضغط على الجيش.
وقال موظف في بنك انضم إلى التظاهرة لوكالة الصحافة الفرنسية "لن نذهب إلى العمل لأسبوع أو شهر- نحن مصمّمون على القيام بذلك حتى النهاية عندما يتم إطلاق سراح (سو تشي) والرئيس يو وين ميينت".
وخرجت مسيرات جديدة في مدينتي داويي وماندلاي رفع خلالها المتظاهرون لافتات كتب عليها "أعيدوا لنا الديمقراطية" و"ندين الانقلاب العسكري".
وتحدثت مزيد من التقارير عن اعتقالات، الخميس، مسّت أشخاصاً بينهم نائب رئيس البرلمان ومساعد كبير لسو تشي، ما يرفع عدد المعتقلين على خلفية الانقلاب إلى أكثر من 200 شخص، بحسب مرصد "جمعية مساعدة السجناء السياسيين".
النظام العسكري يعفو عن أكثر من 23 ألف سجين
وأمر النظام العسكري في ميانمار بالإفراج عن أكثر من 23 ألف سجين الجمعة، بعد أسبوع على اعتقالات جديدة طالت حلفاء للزعيمة أونغ سان سو تشي ومسؤولين آخرين.
وتُعتبر حالات العفو الجماعي أمراً شائعاً في تواريخ محلّية مهمّة، والهدف منها تخفيف الضغط عن السجون المكتظّة في البلاد.
وجاء في صحيفة "غلوبال نيو لايت أوف ميانمار" التابعة للدولة، أنّ "مجلس إدارة الدولة... ألغى عقوبة 23314 سجيناً في السّجون والمعسكرات"، مستخدمةً الاسم الرسمي للإدارة العسكريّة الجديدة.
وذكر بيان منفصل أنّه سيتمّ أيضاً إطلاق سراح 55 سجيناً أجنبياً آخرين. ووقّع كلا الأمرين قائد المجلس العسكري مين أونغ هلاينغ. ولم تُذكر تفاصيل إضافية تتعلق بالإفراج عن هؤلاء.
واستخدم المجلس العسكري لغة الترهيب ضد المحتجين على الانقلاب، واستخدم الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والأعيرة المطاطية، وقد وردت تقارير عن استخدام الرصاص الحي.
وأطاح الانقلاب في ميانمار سو تشي التي كانت حتى الأول من فبراير (شباط) الحاكمة الفعلية للبلاد.
وتم توقيفها مع عشرات من الأعضاء الآخرين في حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، بما في ذلك الرئيس وين ميينت، ما أنهى عقداً من الحكم المدني وأثار إدانة دولية.
الاتحاد الأوروبي يتحرك في مجلس حقوق الإنسان
وندّدت دول غربية بالانقلاب ودعت الولايات المتحدة الجنرالات إلى التخلي عن السلطة.
وقدمت بريطانيا والاتحاد الأوروبي، الخميس، مسودة قرار في شأن ميانمار إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قبل يوم من جلسة خاصة للمجلس لبحث الأزمة الناجمة عن الانقلاب العسكري.
وقالت البعثة البريطانية في الأمم المتحدة في جنيف إن 22 من أعضاء المجلس الذي يضم 47 بلداً أيّدوا مسودة القرار حتى الآن.
وقال دبلوماسيون إن الصين وروسيا، اللتين ترتبطان بعلاقات وثيقة بجيش ميانمار، ضغطتا من أجل تخفيف لهجة المسودة. وذكروا أن رعاة القرار يأملون في تبني النص بالإجماع لتوجيه رسالة قوية، لكنهم أشاروا إلى احتمال اللجوء إلى التصويت.
ونقلت "رويترز" عن دبلوماسي غربي قوله "نثق في أن القرار يحظى بالدعم المطلوب لإقراره".
ويندّد النص "بقوة" بالانقلاب، ويدعو إلى الإفراج عن زعيمة البلاد أونغ سان سو تشي وغيرها من المسؤولين، والسماح بدخول مراقبي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة.
ضغوط الولايات المتحدة
في سياق الضغط على الجيش، أعلن بايدن، الأربعاء، أن إدارته بصدد قطع مصالح مالية بقيمة مليار دولار عن الجنرالات في الولايات المتحدة.
وقال الرئيس الأميركي ملوّحاً بمزيد من العقوبات "أدعو مجدداً جيش ميانمار إلى الإفراج الفوري عن القادة والناشطين السياسيين الديمقراطيين الذين يحتجزهم". وأضاف "يجب على الجيش التخلي عن السلطة".
مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، حذّر بدوره من أن الكتلة يمكن أن تفرض عقوبات جديدة على الجيش.
وكتب المحلل السياسي ريتشارد هورسي ومقره ميانمار في تغريدة "يبدو أنها سلسلة تدابير منسقة بشكل جيد... وإشارة قوية إذ أعلنها الرئيس بايدن بنفسه"، واصفاً العقوبات بأنها "رسالة واضحة" إلى الجيش.
وبرّر الجيش الانقلاب الأسبوع الماضي بحصول تزوير واسع في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي التي حقّق فيها حزب سو تشي فوزاً ساحقاً.