أقر ديفيد فروست، كبير مفاوضي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في محادثات "بريكست"، بأن تنفيذ صفقة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي مع بروكسل، "شهد مطبات أكثر من المتوقع"، في الأسابيع الستة الأولى التي تلت خروج المملكة المتحدة من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي للكتلة الأوروبية.
واستشهد فروست في توضيح لكلامه، بالخلاف الذي حصل بين الجانبين على لقاحات "كوفيد"، والاضطرابات في المعاملات التجارية مع إيرلندا الشمالية، ومناخ التحفظ الذي طغى على اعتراض بريطانيا منح ممثلي الاتحاد الأوروبي الامتيازات والحصانات الممنوحة للدبلوماسيين (بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية)، إضافة إلى ما وصفها بقضايا حدودية "شائكة" بشأن صيد المحار. واعترف في المقابل بأن لندن وبروكسل فشلتا في تحقيق "تعاون ودي بين طرفين متكافئين في السيادة"، الأمر الذي كانت المملكة المتحدة قد زعمت في محادثات الطلاق مع الكتلة الأوروبية، بأنها تسعى إلى تحقيقه.
وفي أثناء تقديم أدلة إلى لجنة الاتحاد الأوروبي في "مجلس اللوردات" البريطاني، توقع اللورد فروست - الذي يتولى في الوقت الراهن تمثيل رئيس الوزراء في تطبيق سياسة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي- أن يطلب البرلمان الأوروبي الآن تمديد فترة شهرين لأعضائه، للمصادقة على "اتفاق التجارة والتعاون" TCA، بحيث يرجح أن يتأخر تبني الاتحاد رسمياً للصفقة إلى عيد الفصح أو ما بعده.
واشتكى فروست من أن رئيس بعثة المملكة المتحدة في بروكسل قد حرم من إجراء اتصالات على المستوى السياسي في ما وصفته إحدى اللجان بأنه بمثابة رد "الكيل بالكيل"، على خلفية الإجراء البريطاني المتمثل في رفض لندن منح ممثلي الاتحاد الأوروبي وضعاً دبلوماسياً.
لكن وزير مكتب شؤون مجلس الوزراء، مايكل غوف، حاول من جانبه التقليل من أهمية سلسلة الشجارات والتباعدات التي أعقبت نهاية الفترة الانتقالية في مطلع يناير (كانون الثاني)، مقارناً الصعوبات التي تواجه الشركات نتيجة المغادرة البريطانية للاتحاد الأوروبي، باضطراب ما بعد إقلاع الطائرة قبل رحلة جوية سلسة.
وأكد الوزير غوف أنه لا يريد أن "يعبر عن استخفافه أو قلة صبره" من الشكاوى الصادرة عن الشركات في إيرلندا الشمالية، التي واجهت إجراءات إدارية إضافية معقدة بسبب الصفقة التجارية التي أبرمها رئيس الوزراء بوريس جونسون مع الاتحاد الأوروبي، لكنه أعرب عن اعتقاده بأنه يمكن التعامل مع المشكلات من خلال إجراء تغييرات ميدانية، بدلاً من تمزيق "بروتوكول إيرلندا الشمالية"، كما طالب به "الحزب الاتحادي الديمقراطي" الإيرلندي الشمالي (حزب محافظ لطالما أيد الوحدة مع المملكة المتحدة).
وتأتي تعليقات (الوزير غوف) في وقت برزت فيه تقارير تفيد بأن بروكسل ستعرض تمديداً لمدة ثلاثة أو ستة أشهر فقط لـ"فترات إعفاء" بالنسبة لبريطانيا، من أجل تسهيل سلاسل التوريد لمحلات السوبر ماركت، وتسليم الطرود إلى إيرلندا الشمالية، بدلاً من إقرار تأخير أطول حتى شهر يناير من السنة 2023، والذي كان قد طالب به الوزير غوف.
من جهته قال اللورد ديفيد فروست أمام لجنة الاتحاد الأوروبي في مجلس اللوردات، "لقد ناشدنا الكتلة مراراً وتكراراً خلال مفاوضات العام الماضي، وانطلاقاً من رؤيتنا لمستقبل علاقاتنا الثنائية، بأن نقيم (تعاوناً ودياً بين طرفين متساويين). وهذا ما نحرص على تأكيده اليوم. ولا أعتقد أن تجربة الأسابيع القليلة الماضية كانت تصب في هذا الإطار، إذا أردنا أن نكون صادقين بشأنها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف كبير المفاوضين البريطانيين في محادثات "بريكست" قائلاً "أعتقد أن الاتحاد الأوروبي ما زال إلى حد ما يتكيف - كما كنا قد توقعنا- مع وجود لاعب فاعل مستقل مجاور لدوله".
وفي إطار سرده الخلافات البريطانية الأوروبية على موضوع لقاحات "كوفيد" وإيرلندا الشمالية والحواجز التجارية والوضع الدبلوماسي، أبلغ أعضاء مجلس اللوردات أن "أياً من هذه المواضيع لا يعد في حد ذاته مأساوياً على الرغم من أن بعضها كان شديد الخطورة".
وأضاف "أرى بصراحة أن المسألة كانت أكثر من متعثرة في الأسابيع الستة الأخيرة. أعتقد أنها كانت شاقة وحرجة. لكنني آمل في أن نتجاوز الوضع الذي يتطلب على الأرجح مقاربةً مختلفة من جانب الاتحاد الأوروبي، لكنني على ثقة في أننا سنصل إلى ذلك، ونشهد تلاشياً لبعض النقاط الخلافية من خلال المضي قدماً في المحادثات".
أما الوزير غوف، فأوضح للجنة مجلس اللوردات أن الشروط المتمثلة في وجود "صعوبات اقتصادية أو مجتمعية بالغة" لدى المملكة المتحدة - والتي تتيح لها المطالبة بتنفيذ البند 16 من "بروتوكول إيرلندا الشمالية"- كانت متوفرة بما يسمح لرئيس الوزراء باستخدام هذه الآلية لتجاوز بعض مقتضيات الاتفاق.
لكنه أكد عشية المحادثات مع نائب رئيس "المفوضية الأوروبية" ماروس سيفكوفيتش في لندن مؤخراً، إرادة كلا الجانبين على "المضي قدماً بطريقة عملية وبناءة".
وأضاف غوف "نعرف جميعاً أن مرحلة الإقلاع للطائرة تكون أحياناً الأكثر تعرضاً لمستوى عال من الاضطرابات. لكن في النهاية تبلغ الطائرة ارتفاعاً معيناً يسمح لك فيه الطاقم بخلع حزام الأمان والاستمتاع بكأس (من الشراب) "جين وتونيك"، وبعض من مقبلات الفستق. إلا أننا حتى الآن لم نصل بعد إلى هذه المرحلة الآمنة التي تتيح لنا الاسترخاء وتنفس الصعداء، لكنني واثق من أنها أصبحت وشيكة".
ولدى مساءلة الوزير غوف عن تجربة الشركة المشغلة للسكة الحديد التراثية في بلدة "داون باتريك" جنوب بلفاست، التي لم تتمكن من العثور على شركة نقل طرود، مستعدة لشحن مواد من البر الرئيس البريطاني، من دون الاضطرار إلى الخضوع لسيل من الإجراءات الإدارية المرهقة التي تستلزمها المعاملات الورقية، قارن الوزير البريطاني الوضع بتجربته مع سائقي سيارات الأجرة في لندن، الذين رفضوا قبول أوراق نقدية اسكتلندية.
وأكد في هذا الإطار أنه يريد "القضاء على المعتقدات الخرافية" المتناقلة بشأن الصعوبات الناجمة عن المعاملات الجمركية الجديدة المطلوبة لإجراء مداولات تجارية عبر (البحر الإيرلندي) بموجب شروط صفقة بوريس جونسون. الحقيقة هي أن هناك بعض الشركات التي عندما يتعلق الأمر بالتجارة- مع كل من الاتحاد الأوروبي، وأيضاً إرسال بضائع إلى إيرلندا الشمالية- تتطلب بعض الوقت للتكيف مع الوضع الطبيعي الجديد".
وخلص غوف إلى الاعتراف بوجود "نوع من التحفظ والحذر لدى البعض بشأن ما إذا كنا نبذل الجهود اللازمة لتبديد المشكلات القائمة، من خلال توضيح آلية العمليات والإجراءات، وكيف يمكن الامتثال لها بأقل مقدار ممكن من التعطيل للنشاط التجاري".
© The Independent