خطفت مدرجات سباق الخيول الأغلى في العالم بجائزته المليونية الأنظار بعد أن نافست في نجوميتها خيول النزال، بسبب المبادرة التي تبنّاها منظموه بالشراكة مع وزارة الثقافة السعودية عن طريق وضع شروط للملابس عبر دليل الأزياء المعلن قبل السباق، أسوة بالسباقات العريقة على مستوى العالم.
شاركت في الشوط الأكبر "كأس السعودية" 14 خيلاً، ومثّلت المملكة أربع جياد تعود ملكية رأسين منها إلى الأمير فيصل بن خالد، والثالث إلى الأمير خالد بن عبدالله، والرابع إلى الأمير عبد الرحمن الفيصل، تنافست على جائزة بلغت قيمتها 20 مليون دولار، وحدّدت الفائز بها مسافة لم تتجاوز 1800 متر، ليفوز بها الجواد "مشرف" ذو الأربعة أعوام، لمالكه الفيصل.
عرض أزياء سعودي
لكن لم يكن هذا كل شيء في السباق، ففي الجانب الآخر من الصورة، تشكّلت مدرجات الجماهير والمتابعين بألوانٍ زاهية بين النساء أبرزها الأحمر والأخضر، وأخرى لدى الرجال نُسجت بزخارف الأزياء الرجالية وأضفت وجهاً آخر للسباق، إذ تنافس الحضور بمن يمتلك الإطلالة الأجمل، بعد أن التزموا بلائحة الأزياء الشعبية، منها "الدقلة والسديرية والصاية والبشت أو المشلح"، مقابل الأزياء النسائية الشعبية والزاهية بألوانها.
وهدفت وزارة الثقافة إلى إبراز المظاهر الثقافية بطريقة عصرية، تسويقاً للزي السعودي التراثي القديم، وإظهاراً للثقافة المحلية عبر تعزيز حضور عناصر التراث الوطني في المناسبات والمحافل الدولية الكبرى.
وتبرز أهمية هذا المشهد اليوم في أن المجتمع المحلي كان قد ابتعد عن الأزياء التراثية، لتصبح هذه التصاميم مظهراً من مظاهر المناسبات لا جزءًا من الحياة الطبيعية.
وتشبّه الأستاذة المشاركة في كلية الفنون والتصاميم بجامعة الأميرة نورة بالرياض، ليلى البسام هذه الحالة بمقاومة الاستعمار، إذ تقول "حالة الاستعمار السياسي والعسكري الذي يسيطر على الدول يجرّدها من تراثها وهويتها، حتى تبدأ الثقافة المحلية تذوب في ثقافة وافدة شيئاً فشيئاً، إلا أن الصورة في ما يتعلق بالسعودية مختلفة، إذ أسهمت الطفرة النفطية والوفرة المالية التي صاحبتها في تغيير المجتمع الذي وظّف ثروته في المنتج المستورد حتى خسر جزءًا كبيراً من هويته التراثية". وحول علاقة هذه المبادرة بمعالجة تلك المشكلة، تقول "فرض ارتداء هذه الأزياء في مثل هذه المناسبات يعدّ شكلاً من أشكال هذا الاستعمار الناعم، بعدما تسببت الحداثة التي اقتحمت الأزياء ونمط الحياة بشكل عام، في سلبه جزء من هويته".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلا أن الثوب السعودي الذي يمثّل الزي الرسمي للبلاد، لا يزال هو الشكل الصامد الذي لم يتأثر بهذه الحالة بالرغم من دخول بعض النقوش المستحدثة عليه.
وتضيف البسام "حافظ الرجل على الزي الرسمي أكثر من المرأة، نظراً إلى فرضه في الجهات الرسمية وأماكن العمل"، كما حافظت المناسبات الرسمية على المشلح أو البشت.
خلاف حول أصل الدقلة والصاية هندية
إلا أن عودة هذه الأزياء اليوم لم يتوقف عند مظهره الفني، بل تجاوزه إلى جدل حول أصل عدد من هذه القطع.
فالدقلة على سبيل المثال، التي تتميز بكونها معطفاً يمتد على طول الثوب وتطرّز منطقة الصدر فيها، والصاية الشبيهة بها، طالهما نقاش حول أصلهما بين من يصرّ على سعوديتهما ومن يرى أن أساسهما هندي.
ووجهتا النظر صالحتان بسبب التشابه بين الدقلة الهندية والسعودية، وتعلّق البسام على ذلك، "الجبة الشامية هي أيضاً تشبه الدقلة في تفاصيلها، وقد يكون سبب التشويش عائداً إلى الاسم، ولكن وجود الدقلة أو الصاية في بلاد أخرى قد يرجع إلى جذور الملابس المحدودة التي كانت بغالبيتها تنحدر من جذور إسلامية، ويحتمل أن يكون الشك بسبب شكل القماش المستخدم في الصاية ذي النقش الربياني المنتشر في الهند".
وعملت الوزارة السعودية على تصميم أزياء خاصة لأسرجة الخيول المشاركة في السباق، باللغتين العربية والإنجليزية، كما صممت لباس الخيّالة والفائزين في المراكز الثلاثة الأولى وعلى رأسهم الفائز بالشوط الأكبر.